أولاً: تاريخ مسجد قباء وفضله:

مسجد قباء من المساجد العظيمة في الإسلام، فهو أول مسجد أَسَّسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُحِبُّه كثيرًا، وقد ذكر بعض العلماء أنه المقصود بالمسجد الذي أُسِّس على التقوى، وإن كان الصواب أن هذا المسجد المقصود هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقد رُوِي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: امْتَرَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي خُدْرَةَ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ في المسجد الذي أُسِّس على التَّقوى، فقال الخدريُّ: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الآخر: هو مسجد قُبَاءٍ. فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال: "هُوَ هَذَا -يَعْنِي مَسْجِدَهُ- وَفِي ذَلِكَ -يعني مسجد قباء- خَيْرٌ كَثِيرٌ"[1]. وكما تبيَّن لنا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فإن مسجد قُباء فيه خير كثير.

ثانيًا: سنة زيارة مسجد قباء:

- يُسَنُّ لزائر المدينة زيارة مسجد قباء والصلاة فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبًا وماشيًا، ويُصَلِّي فيه ركعتين[2]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلاَةً، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ"[3]. فهذا يعني حرصك على أمرين:
أ- التطهُّر في بيتك (في الفندق) قبل الذهاب إليه.
ب- صلاة ركعتين في مسجد قباء، وذلك بنيَّة تحية المسجد.
- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور قباء بشكل متكرِّر، فقد رُوِيَ عَنْ عبد الله بن عمر أنه قال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ"[4].
وهكذا إن تيسَّر لك أثناء زيارة المدينة أن تجعل زيارتك لقباء يوم السبت كان ذلك أفضل.
- ليس هناك ساعة محدَّدة للزيارة، وإن كان هناك إشارات إلى تفضيل وقت الضحى؛ وذلك لما رُوِيَ عن نافع أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ لاَ يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى إِلاَّ فِي يَوْمَيْنِ يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ المَقَامِ، وَيَوْمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ. قَالَ: وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا. قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ، وَلاَ أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لا تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبَهَا[5].

المصدر: كتاب (الحج والعمرة .. أحكام وخبرات) للدكتور راغب السرجاني.