.
كيف ينمو الحقد
من سلسلة التربية النفسية ( 1 )
بقلم : سماحة العلامة الشيخ حسين البيات
.
عندما تواجه موقفا يثيرك ويشتد غضبك منه فانت بين عدة امور ابرزها ان تفرغ ثائرتك بالرد الحانق
والوقيعة فيه مباشرة او الوقيعة فيه من خلفه سواء كان بغيبة او بهتان او تسقيط او همز ولمز
او سوء الظن او اختيار السكوت والغض عنه او مراددته بما يرفع اللبس عنك ...،
وقد يختار الانسان بعض ردود الفعل وقد يضطر اليها وقد يرد دون شعور ردود الفعل تكون مرتبطة
بتكوينه النفسي وبيئة الحادثة من حيث الحاضرين وتقييمه لافضل الردود ومزاجه النفسي
في تلك اللحظة والقيمة الذاتية التي يضعها لنفسه ولذا نجد فارقا بين رد فعل واخر
بالرغم من كون الحادثة متشابهة لكنه يغضب بشدة هنا لكون المثير شخص معين او مكان معين
او استثارته بالفاظ معينة ويختلف نفس الموقف من شخص لاخر لاختلاف المثير والدافع
يتنامى الحقد بشكل اكبر حينما يصمت الشخص عن رده ويجد له بيئة نفسية حاضنة لنموه
وتبرز معالمه في عناوين متفرعة عليه منها الحسد والبغضاء والضغينة والنقمة والغل والانتقام
ويجمعها معنى الحقد بانه ضمور العداوة في النفس ينمو الحقد بتنامي الشعور بالضعف امام الاخر
وكلما ازدادت قوته وازددت ضعفا امام تناميه مع عدم خلق مصدر تفريغ من منافسة لقوته
او هيمنته فان النفس تعوض عن خسارتها بالحقد والبغضاء ويجد الشخص ايضا مجالا لزيادة الحقد
حينما يظلمك شخص ولا تجد وسيلة لاسترداد حقك فانك تجد تنامي حالة الاستصغار تعويضا ذاتيا
لحقك المأخوذ سواء كان معنويا او ماديا ومن اسباب ولادة الحقد وتناميه هو حالة التنافس لتصل الى
مرحلة الحسد او الشعور بالتفوق والعلو للاخرين فيجعل في نفسه ان كل مخالف لوجوده بيئة
حاضنة لحقده او ان يشعر بانه اوحدي الوجود وان لا سواه احق بهذه المناصب والنجاحات
تنعكس كثير من الاحقاد من حالة التنفيس الى حالة البغض المزمن ويتحول الشخص الخير الى
مصدر للشر كما جاء في بعض الحكم عن امير المؤمنين (ع) سلاح الشر الحقد وسلاح اللؤم الحسد
وفي كلمة اخرى الحقد الأم العيوب وفي اخرى الحقد شيمة الحسدة وسبب للفتن
ولعل ما نتدبره في طيات كلام الله العزيز
" وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارضاعدت للمتقين
الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"
فنجد سلسلة تربوية رائعة حيث شغلت النفس اولا بالعمل لاجل غفران الله وما يترتب عليها من الجنة
والسعادة لتستقر النفس بهدفية عملها ووعيها فتكون هوية المتقي "هدف وعمل" واجلى صوره هو الانفاق
وتقديم الخير حالة الرخاء والسرور وحالة الشدة او الاساءة او العسر وحينما يكون هناك ضرر
اتى من جانب فلا يمنعه من تقديم البر والخير بل حتى مع من يبغضهم
او يستثيرهم ويثير الناسعليهم بالتسقيط والبهتان برد ذلك التجري بتحمل المر
والعفو عنهم وتلك صفات يقوم بها من يكون من المحسنين
هذه السلسلة المترابطة من حالة بناء النفس الثابتة والمتوازنة مع ذاتها توسع من دائرة عطائها الخير
عبر تنمية الهدف الاسمى وتصفية النفس والابتعاد عن منبع الشرور والتي تعشعش فيها نبتات الجهل
والاحقاد "خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين"
اللهم اجعلنا ممن يقدم الخير ويبني النفس نحو علاها ويحب الانسان ويسعى لاصلاحه فان النفس
اذا علت عظمت ورقت "ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم"
... يتبع سلسلة التربية النفسية ...
http://www.qatifnews.com/index.php?s...ticle&id=82424