الهرم البيولوجي: تصميم مستقبلي يجمع أهرام مصر بناطحة سحاب تكافح التصحر!
من منّا لا يعرف أهرامات الجيزة؟ أعجوبة العالم القديم التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا. لكن هناك صفة أخرى أصيلة بتلك الأهرامات خاصة الهرم الأكبر منها: أنها ظلت بلا تطوير منذ أن غادر مهندس البناء الأمير حم – إيونو الموقع برفقة آخر العمال نحو سنة 2560 قبل الميلاد! لابد أن حم – إيونو قد تأمل السطح الأملس للهرم الشاهق في إعجاب وتمنى أن يبقى لآلاف السنين، ومع أن أمنيته قد تحققت بالفعل، إلا أن أعجوبة المصريين القديمة في تدهور مستمر جراء أسباب عدة ما بين الإهمال، وعوامل الطبيعة، وضيق أفق ونقص خيال من آلت إليهم ملكية ومسئولية الاعتناء بقبور الفراعنة العظام.
ثم أنك ستشعر هناك وكأنما قد انتقلت بمعجزة ما إلى عصر المماليك أو الدولة العثمانية على أقصى تقدير مع القفر الممتد بأعداد من الخيول والجمال هنا وهناك؛ وبالطبع قد يبدو الأمر هكذا محفزًا على عيش الأجواء القديمة لكن هذا الشعور يُنسف سريعًا مع رؤية العشوائيات القريبة بالطوب الأحمر، أو مظاهر المدنية الحديثة على الزوار والبائعين والطريق الأسفلتي المؤدي للهضبة! خليط مزعج أشبه بأن تحاول أن تتعايش مع ما تقوله أوفيليا بينما تقرأ هاملت في أحد الأفراح الشعبية! ستطغى أغنية المهراجانات النشاذ على أي جمال مهما بلغت عبقريته، وهذا هو حال الأهرام في الواقع. لكن هذا قد يتغير وإن كان بدافع آخر!
التصحر Desertification، ويعني التدهور المستمر للأراضي وتحولها لصحاري قاحلة، يُعد مشكلة أصيلة لدى الدول الإفريقية لكنه كذلك ينتشر بمعدل مخيف حول العالم. وفي سعيها لمواجهة أحد أكبر المخاطر التي تواجه البيئة في عصرنا، فقد لجأت إحدى وكالات التصميم الأمريكية إلى الهرم الأكبر مجددًا وقامت بطرح حل مستقبلي طموح: الهرم البيولوجي/ الحيوي Bio-Pyramid.
هي ناطحة سحاب بتصميم غير تقليدي على الإطلاق، حيث تعتمد في أساسها على أهرام الجيزة وتحتويها بقلب بيت زجاجي ضخم وهرمي الشكل يعمل كـ “ماكينة بيولوجية حية“!
فريق العمل وراء التصميم يضم عربيًا، وجدي موسى، وقد فاز ملف المشروع “الهرم الحيوي: مكافحة التصحر” بجائزة شرفية رفيعة بمسابقة 2015 eVolo Skyscraper Competition العالمية. يقول وجدي أن الفريق استلهم التصميم من مصر، البلد التي لا تعد جزءًا من الصحراء الكبرى، أكبر صحاري العالم الحارة، فحسب وإنما أحد أهم الحضارات الرئيسية القديمة التي قامت على الزراعة. لهذا، فالهرم الحيوي الأشبه بالواحة يطبق تقنية حقل المناخ المصغر Microclimates بعناية لدعم إمكانية الزراعة الرأسية، وتنقية المياه، وتوليد الطاقة النظيفة وغيرها من الأمور المستدامة المدهشة!
الهرم البيولوجي ليس بناطحة سحاب تقليدية على الإطلاق، فهي لا تعمل فقط كمحيط بيولوجي وإنما كمعبر مميز من القاهرة وعبر الصحراء الكبرى لوقف التصحر على نطاق واسع
ناطحة السحاب الحية بطول 1280 قدمًا يتم تغذيتها من خلال مخزون ماء جوفي يُضخ في جميع أنحاء البناية، مع الاعتماد على نقاط تكثيف البخار، وإعادة تدوير مياه الصرف، وغيرها من أنظمة تجميع المياه لتجديد إمدادات المياه. وبالإضافة إلى أنشطة الزراعة والحفاظ على المعالم التاريخية، ستضم البناية العملاقة متحفًا، وسوق تبضع، ومعامل بحثية، ومعالم سياحية، وجامعة مصغرة!
رؤية تقارب الجنون، أليس كذلك؟!
منقول