بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أ. ولا تفرحوا بما آتاكم
· روي أنّ شخصاً فقيراً وصله مال كثير، فخشي ذووه أن يصعق من الفرح إن أخبروه بالأمر دفعة، فانتدبوا طبيباً نفسياً للقيام بهذه المهمة، ففكّر الطبيب أن يقسّط عليه الخبر، وقال له: يا فلان هب أنّك حصلت على عشرة دراهم مثلاً، فماذا أنت فاعل بها؟ قال: كذا. قال: هب عشرين درهماً؟ قال: كذا. قال: فثلاثين. قال: كذا… فمازال يصعد به حتى وصل إلى مئة ألف مثلاً. فقال: هذا لا يحصل. قال الطبيب: وما عليك أن تتصوّر ذلك؟ قال: هذا مبلغ كبير! قال: فكيف بك إن كان أكبر؟ قال: كم مثلاً؟ قال مئتي ألف. قال: لا تمزح ودعني وشأني. فقال له الطبيب المخبِر: لستُ مازحاً. فقال الفقير: ومن أين يأتيني هذا المبلغ؟ وهنا استعدّ الطبيب لإخباره بحقيقة الأمر، فقال: ماذا تعطيني لو بشّرتك بحصولك على مليون دينار مثلاً؟ قال الفقير الذي لم يصدّق بعدُ: أعطيك نصفه. قال له الطبيب: اختم لي هذه الورقة إذاً. وما إن ختم الفقير الورقة حتى سقط الطبيب ومات، لأنّه لم يتحمل صدمة الفرحة المفاجئة بحصوله على نصف مليون دينار غُنماً!
ويبدو أنّ هذا الطبيب كان قد تعلّم الطب النفسي لغيره فقط ولم يتعلّمه لنفسه، وبين الحالتين فرق كبير. فربّ واعظ يجيد وعظ غيره، فهو يحفظ آيات وأحاديث وقصصاً وأمثالاً وعِبَراً وينقلها بصورة مرتّبة مؤثّرة، ولكنه غير متّعظ بها لأنّه اتّخذ الوعظ مهنة أو وسيلة لتحقيق مآرب له، فهذا علمه لغيره وليس لنفسه
ب. لا تأسوا على ما فاتكم
· أذكر أنّ شخصين كانا يتنازعان على أراضٍ واسعة كلّ يدّعي ملكيتها. وانتهى نزاعهما إلى المحاكم، واستمرّا على هذه الحال زهاء خمس عشرة سنة. وأخيراً أصدرت المحكمة النهائية حكماً لصالح أحدهما، وخسر الآخر القضية.
وكان وقْع الحكم على خاسر القضية شديداً لدرجة أنّه شُلّ ولم يستطع حراكاً، فحُمل إلى بيته، وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة!
· كما أذكر أنّي رأيتُ طفلاً يكره الذهاب إلى المدرسة ـ كما هو حال كثير من التلاميذ في أوّل سنة دراسية لهم، حتى أنّ بعض الأطفال كان يتمنّى موت المعلّم لكي يستريح ولو يوماً من الذهاب إلى المدرسة. وأذكر أنّ أحد أصدقاء الطفولة كان ينذر بأن يتصدّق بيوميته إذا ما مرض المعلّم. وكان معلّم الصف واحداً في العادة، فإذا ما غاب أو انشغل عاد التلاميذ إلى بيوتهم وتعطّلت حصصهم كلّها ـ.
قيل للطفل: لا تذهب اليوم إلى المدرسة؛ لعذر ما. ففرح الطفل وجلس إلى المائدة لتناول الطعام، وبينما هو يأكل إذ أُخبر أنّ عليه أن يذهب إلى المدرسة؛ فربما زال العذر. فلم يستطع الطفل أن يبتلع اللقمة التي كانت في فمه وغصّ بها لأنّه شعر أنّ الراحة قد فاتته. وعندما رأى الأهل ما حلّ به قالوا له: لا بأس، لا تذهب. فجلس يأكل ثانية فرحاً مسروراً!
قد يستغرب بعض الناس من حالة هذا الطفل أو يضحك، ولكنّه إذا عاد إلى نفسه وجدها لا تختلف عنه إلاّ في الموضوع الذي يحزن بسببه أو يفرح بحصوله. فالمستوى يختلف أما أصل الطبع فواحد.
فصاحب المليون دينار قد لا يحزن إذا ضاع منه دينار واحد ولكنّه يحزن لضياع الألف. أما صاحب الألف فيحزن حتى لضياع الدينار الواحد.