العادات الصحية تبدأ من الطفولة












نميل ضمن عاداتنا الشرقية إلى التمادي في تغذية الطفل معتبرين الأطعمة الدسمة مغذية له وتساهم في نموه.
وفيما نبرر هذا التوجه بكون الطفل يحتاج إلى تناول كل الأطعمة لينمو وبأنه سيتمكن في سنوات لاحقة من التوجه إلى نمط صحي يساعده على التخلص من الكيلوغرامات الزائدة، تؤكد كل الدراسات أهمية السنتين الأولى والثانية في حياة الطفل في رسم أسلوب حياته ونمطها.
فالطفل الذي يعاني السمنة في السنتين الأولى والثانية من حياته يبدو أكثر عرضة لمواجهة هذه المشكلة طيلة حياته، لا بل أكثر من هذا تزيد احتمالات إصابته بالأمراض المزمنة المرتبطة بها كالسكري والسرطان وارتفاع الضغط ومستويات الدهون في الجسم وأمراض القلب.
انطلاقاً من المؤشرات العلمية التي تم التحدث عنها في منتدى التغذية والصحة في الجامعة الأميركية في بيروت، يمكن القول إنه يمكن تفادي الأمراض المزمنة لدى البالغين من خلال نمط حياة صحي يبدأ من الطفولة.
تبدأ العادات الغذائية الصحية ونمط الحياة الصحي عامةً من الطفولة، وليس صحيحاً ما يقال بأن التغيير ممكن في السنوات اللاحقة.
فلا بد من إعداد الطفل ليتبع نمط حياة صحياً والعمل على تثقيفه ضمن هذا الإطار ليحسن التمييز بين الصح والخطأ في كل الأوقات، فلا يعود الاختيار صعباً له.
ويجب ألا ننسى أهمية الرياضة بالنسبة إليه والحد من فترات مشاهدة التلفزيون والألعاب الالكترونية التي باتت آفة العصر والتي تدفع الطفل في اتجاه الكسل والركود.
اختصاصية التغذية هلا غطاس شددت هنا على أساسيات نمط الحياة الصحي التي يجب على الأهل العمل عليها مع الطفل لتجنيبه كل المشكلات التي قد تنتج عن سوء التوجيه وعن العادات السيئة التي يمكن أن يتبناها.
إلى أي مدى يمكن أن تؤثر العادات الغذائية السليمة للطفل في الحد من الأمراض المرتبطة بذلك في السنوات اللاحقة؟
الكل يعلم أن التغذية السليمة وممارسة الرياضة أمران لا يرتبطان بيوم أو اثنين، بل يشكلان نمط حياة نبدأ به ونلتزمه طيلة الحياة.
ولكن حتى اليوم، لم تثبت الدراسات أن التغذية السليمة تمنع نهائياً الأمراض المزمنة، ولكنها تشير إلى أن التغذية السليمة تقلل من نسبة التعرض إلى هذه الأمراض كالسكري والسمنة والضغط المرتفع وأمراض القلب.
اللافت اننا صرنا نرى أطفالاً يعانون السمنة ومراهقين يواجهون عوامل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة كارتفاع الكوليسترول أو مستوى السكر في الدم. وهذا يدل على الأنماط الغذائية غير الصحيحة التي يتبعها الاطفال.
يقال إن النمط الغذائي المتبع مع الطفل في السنتين الأولى والثانية له تأثير كبير على ما سيكون عليه نمط حياته لاحقاً، إلى أي مدى يعتبر هذا صحيحاً؟
تؤكد الدراسات العلمية والتجارب مبدأ أن تغذية الطفل في السنتين الأولى والثانية له أثر كبير عليه في المدى البعيد.
فالحرص على التغذية الصحية مع الطفل في السنتين الأولى والثانية تحديداً له أثر إيجابي عليه في حياته.
كما أن التغذية غير الصحية وميل الطفل إلى السمنة في هاتين السنتين وعدم اتباعه نمط حياة صحي بشكل عام تجعله أكثر ميلاً إلى السمنة وغيرها من المشكلات.
هل الطفل الذي يعاني السمنة هو حكماً راشد يعاني المشكلة؟
تلعب العوامل الجينية دوراً مهماً في إصابة الطفل بالسمنة. كما أن ولادة طفل يعاني هذه المشكلة تزيد احتمالات إصابته بالسمنة وغيرها من المشكلات المرتبطة بها.
يمكن العمل على التغيير في هذه الحالة، لكن يبقى الطفل الذي يعاني السمنة أكثر عرضة لزيادة الوزن طيلة حياته.
كما تبرز مشكلة زيادة احتمال إصابته بأمراض مزمنة كالسكري وارتفاع الضغط والكوليسترول.
ما الذي يمكن أن تفعله الأم لتحمي طفلها من السمنة والامراض المرتبطة بها؟
ثمة عادات صحية معروفة يمكن أن تتبناها الأم مع طفلها لتحميه وللحد من خطر ظهور أمراض لديه في سن لاحقة.
علماً ان ثمة عادات غذائية كثيرة لها تأثير، خصوصاً في السنتين الأولى والثانية وهي تسمح بالتحكم في النمط الغذائي للطفل وبقابليته للسمنة وبالإصابة بالأمراض المرتبطة بها، خصوصاً أن الطفل يعتاد على مذاق معين إذا أعطيناه إياه في السنوات الأولى، وبالتالي يمكن التحكم في هذه الامور بالحد من الأطعمة غير الصحية في السنوات الأولى.
ما العادات الصحية التي ينصح الأهل باتباعها؟

  • زيادة حصص الخضر والفاكهة بمعدل 5 يومياً.
  • إنتقاء الأطعمة الغنية بنوع البروتينات المفيدة كاللحوم الهبرة والبيض والمكسرات النيئة كالجوز واللوز والفستق، على أن تعطى المكسرات بعد أن يصبح الولد في الثانية من العمر.
  • إنتقاء النشويات المرتكزة على الحبوب الكاملة كالخبز الأسمر أو خبز الشوفان أو خبز النخالة.
  • شي الأكل أو طهوه بمختلف الطرق الصحية بدلاً من القلي.
  • عدم شراء المأكولات الغنية بالدهون المشبعة والسكر والملح فهي لا تحتوي على نسبة جيدة من الفيتامينات والمعادن كالتشيبس والشوكولا والسكاكر.
  • تقديم الحليب أو الماء بدلاً من المشروبات الغازية والعصير المحلى.


لكن مهما حاولت الأم التشدد مع طفلها والحرص على غذائه السليم، يبقى عرضة لاتباع عادات سيئة واللجوء إلى الاطعمة المضرة خارج المنزل، خصوصاً في المدرسة. كيف يمكن تخطي هذه المشكلة كون التشدد مع طفل يبقى صعباً؟
يعتبر العمل مع المدرسة في غاية الأهمية. فإلى جانب محيط الطفل الذي له أهمية كبرى في الإشراف على نمط حياته بالدرجة الأولى كون العادات التي يكتسبها الطفل في البيت مهمة جداً في توجيهه، يبرز دور المدرسة.
وحالياً يتم العمل مع المدارس بهدف التحكم في ما يباع في دكان المدرسة الذي قد يقدم مأكولات غير صحية.
وتجدر الإشارة إلى أن ثمة اطعمة صحية كثيرة يمكن بيعها في دكان المدرسة بدلاً من التشيبس والشوكولا، كالفاكهة والخضر المقطعة والمكسرات والحليب والالبان.
كما أن ثمة وجبات صحية يمكن تناولها في المدرسة. وإلى جانب التغذية الصحيحة التي يتم العمل عليها بالتعاون مع المدارس، يجب الدعوة إلى التركيز على ساعة الرياضة باعتبارها مسألة جدية إلى جانب غيرها من الأنشطة التي تتطلب نشاطاً جسدياً.
وتبرز أيضاً أهمية تثقيف الطفل في مجال التغذية ليصبح قادراً على تحديد الصح والخطأ بنفسه.
ما أبرز انواع الرياضة التي يمكن تشجيع الطفل عليها لتدخل ضمن نمط حياته؟
من المستحسن أن يمارس الطفل الحركة الجسدية بمعدل ساعة في اليوم على الأقل بحسب التوصيات الأميركية.
وثمة أنواع كثيرة من النشاط الجسدي الذي يمكن تشجيعه على ممارستها، فحتى اللعب الذي يتطلب منه نشاطاً جسدياً يعتبر ضمن الرياضة الموصى بها، فمن الركض إلى المشي والتمارين الرياضية التي يحرك فيها عضلات جسمه ويقوّي عظامه والتي تجمع المتعة والفائدة.
الأهم التذكير بضرورة الحد من فترات مشاهدة التلفزيون واللهو بالألعاب الالكترونية والكمبيوتر، لأن الطفل يميل إلى الكسل بهذه الطريقة.
في النهاية، إن إكتساب العادات الصحية وإتباع نظام غذائي سليم والحفاظ على معدل جيد من مستوى الحركة البدنية تساعد في تنمية الولد بطريقة سليمة وحفاظه على صحة جيدة.
هل من نصائح عملية يمكن أن تتقيد بها العائلة ليعتاد الطفل على نمط حياة صحي؟
مما لا شك فيه أن نمط الحياة الذي يتبعه الطفل يبدأ من عادات صحية يكتسبها ضمن العائلة. ويمكن تشجيعه في هذا الإطار من خلال:


  • عرض الأكل الصحي بطريقة جميلة وشهية حيث تطغى الألوان الفرحة على الأطباق في طريقة تقديمها حتى يرغب فيها الطفل بشكل أفضل.
  • عدم استعمال دهون كالسمنة الزبدة في الطهو.
  • عدم شراء أطعمة غير صحية وعدم اقتنائها في المنزل إذ أنه من الأفضل أن يتناولها الطفل في المناسبات.
  • تشجيع الطفل على اللعب وعلى ممارسة مختلف الأنشطة الجسدية.
  • تحديد فترات مشاهدة التلفزيون والكمبيوتر واللهو بالألعاب الالكترونية.
  • تشجيع الطفل على المشي بمرافقته بدلاً من التوجه إلى أماكن قريبة بالسيارة.
  • تشجيع الطفل على اللعب وعلى ممارسة مختلف الأنشطة الجسدية.
  • عدم شراء أطعمة غير صحية وعدم اقتنائها في المنزل إذ أنه من الأفضل أن يتناولها الطفل في المناسبات. أما إذا وجدت في المنزل أمام عينيه، فمن الطبيعي ان يرغب في تناولها. فالمشكلة تبدأ مع اعتياد الطفل على تناول الأطعمة غير الصحية، فيما ليس هناك أي مشكلة في تناول هذه الأطعمة بشكل استثنائي. هو نمط حياة متكامل فإذا كان صحياً يعتاد عليه الطفل فلا يعود الخطأ ممكناً، والعكس صحيح.
  • العمل على تثقيف الطفل للحد من خطر توجهه إلى العادات السيئة وتناوله الأطعمة غير الصحية في غياب والدَيه.
  • تقديم الحليب القليل الدسم ومشتقاته للطفل ابتداءً من سن 3 أو 4 سنوات.