كشف المدير التنفيذي لاتحاد المصارف البريطانية، أنتوني براوني، أن «معظم المصارف الدولية شكلت فرق عمل لإعداد مشاريع حول أفضل الخطوات التي ينبغي على المصارف اتخاذها لضمان سير عملها وخدمة زبائنها كالمعتاد، من دون أن تتأثر في حال تم بالفعل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»، حيث من المعتقد أن الخطوة المفضلة لهذه المصارف ستكون نقل مراكز عملها من «سيتي أوف لندن» للمال والأعمال في لندن إلى إحدى العواصم الأوروبية.

ويُقدر أن لندن ستخسر نحو 70 ألف وظيفة جراء هذه العملية، وأن مصرف «غولدمان ساكس» الأميركي سيكون بين المنتقلين وسينقل نحو 2000 موظف من لندن إلى مركزه الأوروبي الجديد.

ورجح محللون أن المصارف الدولية العاملة في بريطانيا لن تنتظر طويلاً إلى أن يتم انسحاب بريطانيا الفعلي من أوروبا، وستباشر في الانتقال إلى إحدى العواصم الأوروبية قريباً جداً في بداية عام 2017 المقبل، بل وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «الأوبزيرفر» أول من أمس، سيبدأ عدد من المصارف الدولية الصغيرة عملية الانتقال في ديسمبر المقبل، قبل موسم أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة.

وأشاروا إلى أن «الحكومة البريطانية مدركة لخطورة الوضع الذي يواجه حي (سيتي أوف لندن) الذي يُعتبر أحد أهم المراكز المالية والتجارية في العالم، حيث هناك خطر أن يفقد الحي أهميته ويتسبب الخروج من أوروبا بأضرار اقتصادية لا حصر لها في المستقبل لبريطانيا. ونقلت «الأوبزيرفر» عن مصدر حكومي لم تسمّه أن الوزير المكلف الإشراف على تنفيذ عملية خروج بريطانيا من أوروبا، ديفيد ديفيز، يقوم بالتنسيق مع وزير المالية فيليب هاموند، من أجل تقديم ضمانات الى الجهات المعنية كافة بأن الحكومة مصممة على احتفاظ حي سيتي للمال والأعمال بمكانته الاقتصادية عالمياً».

غير أن إصرار الحكومة البريطانية الذي عبّرت عنه رئيستها تيريزا ماي بوضوح خلال انعقاد القمة الأوروبية الأسبوع الماضي، على أن بريطانيا ستحتفظ لنفسها بالحق للسيطرة على حرية الدخول والخروج من بريطانيا، ما يعني أن بريطانيا ستضع حداً لمجيء الأوروبيين إليها للعمل، فهذا الإصرار بدد كل الجهود التي بذلها ديفيز وهاموند لطمأنة الجهات المعنية في «حي سيتي»، إذ إن القيود على حرية التنقل ستعني أنه من غير الممكن الاحتفاظ بالشروط المتاحة اليوم أمام حرية التجارة والمعاملات المصرفية في المستقبل، وستجد المصارف والشركات وحتى الأفراد عراقيل أمام المعاملات بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

ويلفت المحللون إلى أن تشدد الحكومة البريطانية في مفاوضاتها للانسحاب من أوروبا سيجلب حتماً تشدداً في الجهة المقابلة، فالتذاكي البريطاني بأن المملكة المتحدة في المفاوضات ستكون قادرة على تحقيق شروط أفضل بالنسبة لها لتحديد علاقاتها بالاتحاد الأوروبي مستقبلاً قد يكون وبالاً على المصارف والشركات وحتى الأفراد، إذ إن أكثر من زعيم أوروبي صرح بأن «على أوروبا أن تجعل بريطانيا تدفع ثمناً باهظاً لخروجها من الاتحاد»، ما يعني أن المصارف والشركات وحتى الأفراد هم من سيدفعون الثمن.