كوني بريد سلام وبادري بالصّلح وفضّ الخصام
تعد ظاهرة الخلافات بين أفراد العائلة الواحدة؛ من أشهر المظاهر السلبية التي تهدد النسيج العائلي والاجتماعي بشكل عام، فغالبا أسباب تافهة تزرع شقاقا بين الإخوة أو بين الأبناء وآبائهم أو بين الأزواج وزوجاتهم أو بين الأصدقاء، لتتطور في غياب الحكمة والصلح؛ و تصبح نزاعا تستحيل الحياة الطبيعية بعده، وقد لا يتوقف الأمر عند المباغضة والقطيعة، ويأخذ منحى خطيرا يصل إلى أروقة المحاكم أو إلى ارتكاب جرائم.
ولأن الحكمة ضالة المؤمن، ولأنك سيدتي دعامة العائلة والمجتمع، فمسؤوليتك اتجاه الظاهرة ستكون أكبر.. جواهر الشروق تمدّ لك يد العون لتكوني بريد السلام و بذرة الوئام من خلال هذه الخطوات :
أولا: كوني محقّقا عادلا
- العاطفة هي مقبرة العدل ومغبّة الظلم هي تفاقم المشاكل، فمهما كانت بساطة الأسباب، وحتى لو تعلّق الأمر بأطفالك الصغار فاحرصي على تحرّي سبب الخلاف بطريقة محايدة.
- وإياك أن تستعملي أسلوب التعنيف والعتاب لحظة غضب الطرفين، فكل منهما سيكون مشحونا بالكثير من الطاقة السلبية وبالغا أقصى درجة من التشجنج العصبي، وأي كلمة أو حركة استنكار توجّهينها لأحدهما ستفهم على أنها اِنحياز للطرف الآخر.
ثانيا: اِفصلي الطرفين
- حاولي فصل الطرفين وإبعادهما عن بعضهما بأسلوب رصين وهادئ، واِستمعي لكل طرف على حدى، واِحذري الوقوع في فخ الغيبة مع أي منهما.
وإن تعلّق الأمر بأبنائك الصّغار فلا باس أن تَعِدي كل منهما بإنصافه ومعاقبة الظالم، أما إن تعلق بالكبار فعليك بتليين القلوب وذلك بالنصح والتذكير بتأثير الغضب سلبيا على الصحة والتذكير، بعواقب الخلافات، وغضب الله على عباده المتخاصمين وثواب العافين عن الناس .
ثالثا: بادري بالصلح وأصرّي عليه
بعد اِستماعك لكل طرف على حدى؛ يأتي دور الصّلح، ولا شكّ أنك ستكونين أمام تحدّ صعب جدّا لأن المتخاصمين قلّما يقبلون به؛ خاصة قبل هدوء ثورة الغضب. فالأمر إذن يحتاج إلى مثابرة منك دون يأس أو ملل وللقيام بذلك هناك مرحلتين مهمتين :
مرحلة التّصفية:
تختلف حدّة الغضب حسب طبائع الأشخاص المتخالفين وسبب الخلاف وأيّا كان حجم هذا الغضب؛ فإنه لن يبقى بنفس الحدّة إذا ما تمّت معالجته بجلسات تهدئة، يمكنك فيها الاستعانة بأشخاص آخرين تثقين في حكمتهم وطيبتهم.
- وبعد هذه الخطوة تكوني قد قطعت أشواطا مهمة للوصول إلى الهدف، وهنا يأتي دور التفاوض الهادئ حول المشكل فلا شك أن الحوار سيكون هادئا، ومهما كانت طباع المتخاصمين واِغتياضهما من بعضهما سيستحي كل منهما أن يناقش الموضوع بالفظاظة والعنف، امّا مهمّتك أنت في هذه المرحلة هي إنصاف الطّرف المظلوم بذكاء، دون أن تحرجي الظالم وبأسلوب ناعم تستطيعين وخز ضميره، واِختلاس مشاعره بتذكيره ببعض مواقف الودّ والصفاء والتعاون التي جمعته بمخاصمه.
وأخيرا مرحلة التّحلية:
- وفيها يتسنى لك جمع المتخاصمين وليكن ذلك على مأدبة غداء أو عشاء أو جلسة احتساء قهوة المساء، سواء تعلّق الأمر بأبنائك أو بزوجك وأحد أفراد عائلته أو عائلتك أو حتى صديقا مقربا أو جارا، وفي هذه الخطوة قد تجدين رفضا من أحد الطرفين أو كلاهما، فلا تيأسي ولا تملّي بل استخدمي جميع الحيل، واستعيني دائما بأشخاص موثوقين لمساعدتك .
- عندما تنجحين في جمعهما، لا تدعي المجال لهما أبدا ليستعيدا النّقاش حول الموضوع بشكل مباشر، فكوني الأذكى، واضفي جوا من المرح والدعابة لتطييب الخواطر، ولا تنسي أن تستحضري بطريقة سلسة أحد المواقف الطريفة أو الذكريات الجميلة، وأصرّي على أن لا تنتهي الجلسة إلّا بتبادل عبارات العفو والابتسامات.
- وان كان بإمكانك ا تقديم تعويض مادي ولو رمزي أو هدايا للطرفين فلا تترددي في فعل ذلك.