مدن العراق القديم
جرمو
و تدعى أيضا ً قلعة جرمو، موقع أثري يعود تاريخه إلى عصور ما قبل التاريخ يقع إلى الشرق من كركوك، في شمال شرق العراق. والموقع مهم لأنه يكشف آثار واحدة من أقدم الجماعات الزراعية القروية في العالم. وفيه حوالي 12 طبقة من الأبنية المعمارية وترميماتها، وهي تقدم دليلا ً على تدجين الحنطة والشعير والكلب والماعز، مما يكشف عن حياة زراعية مستقرة لها إنجازاتها المتعددة. والأشياء الأخرى المكتشفة في جرمو، مثل شفرات المناجل المصنوعة من حجر الصوان، وأحجار الطحن، والفخار الموجود في الطبقات العليا فقــــــط، تدل على الابتكارات التقنية التي ظهرت استجابة للطريقة الجديدة لإنتاج الغذاء. ومن المخمن أن يكون الاستيطان الأصلي في الموقع قد حدث في حوالي 7000 ق. م.
تل حَـلـَف
موقع أثري من بلاد النهرين القديم، عند منابع نهر الخابور قرب رأس العين الحالية، في شمال سورية. وهو الموقع الذي وُجدت فيه لأول مرة حضارة من العصر الحجري الحديث تتميز بالفخار المزجج المرسومة عليه أشكال هندسية وحيوانية ملونة. وأحيانا ً يدعى ذلك الفخار بفخار حلف.
نقب في الموقع آثاريون ألمان بين 1899 و1927. وكان الوقع مدينة مزدهرة من حوالي 5050 إلى حوالي 4300 ق. م، ويشار إلى هذه الفترة أحيانا ً بعهد حلف. وفي حوالي 894 ق. م ذكر الملك الآشوري أدد – نيراري الثاني هذا الموقع باعتباره دولة مدينية تابعة تدعى غوزَن. وفي 808 ق. م انتهت فترة قصيرة من الاستقلال، عندما قامت الملكة الآشورية سامو – رَمات (سميراميس) وابنها أدد – نيراري الثالث بتخريب المدينة وتخفيض مرتبة المقاطعة المحيطة بها إلى ولاية من ولايات الإمبراطورية الآشورية. ونـُفيت جماعة من بني إسرائيل إلى هناك في 722 ق. م بعد احتلال السامرة.
من الكتابة المسمارية العراقية، تفرعت الكتابات القديمة المصرية والعيلامية(الاحوازية) والهندية. .
تبّة غـَوْرا
مستوطنة قديمة من بلاد النهرين تقع شرق نهر دجلة قرب نينوى قرب مدينة الموصل الحالية، في شمال غرب العراق. بدأ التنقيب فيها من سنة 1931 حتى 1938 آثاريون من جامعة بنسلفانيا. ومن الواضح أن الموقع كان مسكونا ً منذ عهد حَـلـَف (حوالي 5050 – حوالي 4300 ق. م) إلى أواسط الألفية الثانية ق. م، وباسمه يسمى عهد غورا (حوالي 3500 – حوالي 2900) في شمال بلاد النهرين. ومع ذلك يبدو أن الموقع كان قبل عهد غورا متأثرا ً بثقافة العُبيد (حوالي 5200 – حوالي 3500) في جنوب بلاد النهرين. ويتجلى ذلك التأثير، على سبيل المثال، بالمعبد المبني على الطراز العُبيدي في غورا – وهو أقدم نموذج للأبنية ذات الجدران المزينة بالأعمدة الناتئة والتجاويف – وهو نموذج لمعابد بلاد النهرين بقي مهيمنا ً خلال القرون التالية. وتوضح تبة غورا مراحل الانتقال من القرى الزراعية القديمة في العصر النحاسي إلى المجمعات الاستيطانية ذات المنازل المبنية بالطابوق الطيني، ووجدت فيها أختام أسطوانية، وأول المصنوعات المعدنية، ونصب معمارية. وفي فترة قريبة من عهد غورا، اختـُرعت الكتابة في جنوب بلاد النهرين ؛ ولكن تبة غورا تـُظهر أن الكتابة والحضارة المتقدمة لم تصل إلى الشمال إلا بعد ذلك بفترة طويلة، وبقيت المنطقة على حالها بشكل جوهري حتى حوالي 1700 ق. م، عندما غزا المدينة أقوام من غير الساميين ومن الحوريين.
أوروك
هكذا تنطق باللغة السومرية، وفي اللغة اليونانية أوروكو، وحاليا ً تسمى تل الوركاء. مدينة قديمة من بلاد النهرين، تقع إلى الشمال من أور (تل المُقيَّر) في محافظة ذي قار، العراق. نـُقـِّب الموقع منذ عام 1928 فلاحقاً من قبل الجمعية الشرقية الألمانية ومعهد الآثاريين الألمان. وأوروك واحدة من أعظم مدن سومر، وهي محاطة بأسوار من الطابوق طول محيطها حوالي ستة أميال، وطبقاً للأساطير فإن البطل الأسطوري جلجامش هو الذي بناها. داخل الأسوار كشفت التنقيبات عن سلسلة متعاقبة من المدن يبدأ تاريخها من عهود ما قبل التاريخ، وربما قبل 5000 ق. م، وصولا ً حتى العصور البارثية (126 ق. م – 224 م). وتبدو الحياة المدينية فيما يسمى بعهد أوروك – جمدة نصر (حوالي 3500 – 2900 ق. م) بصورة أوضح في أوروك منها في أية مدينة أخرى من مدن بلاد النهرين. ويظهر أن الإلهين السومريين الرئيسيين اللذين عبدا في أوروك القديمة هما الإله آنو (آن) وهو رب السماء، والإلاهة إنـّانا (" ملكة السماء "). وتعتبر زقورة آنو واحدة من أهم معالم المدينة، وهي متوجة بـ " المعبد الأبيض " الذي يعود إلى عهد جمدة نصر. وهو معبد ذو ثروة كبيرة – حيث الذهب والفضة والنحاس مشغولة بمهارة فائقة، وقد عكست الأختام والتمائم حرفية عالية جداً في إنتاج الرسوم الدقيقة.
و يشهد معبد يانـّا المقدس، وهو زقورة أخرى، بمدى اهتمام العديد من الملوك الأقوياء، من بينهم أور- نمّو (حكم للفترة 2112 – 2095 ق. م)، وهو أول ملوك السلالة الثالثة في أور. كما إن أور- نمّو فعل الكثير فيما يخص تخطيط المدينة، التي استفادت من النهضة السومرية الجديدة. وقد ارتبطت تطورات معمارية عديدة بعهد آيسن – لارسا (حوالي 2017 – 1763 ق. م) وبالعهد الكاشّي (حوالي 1595 – حوالي 1157 ق. م). وبعد العهد الكاشّي، ترك الحكام الآشوريون والبابليون الجدد، والأخمينيون، من بينهم قورش الكبير ودارا الكبير، تركوا بصمات من نشاطهم المعماري، وخصوصاً في منطقة يانـّا.
واصلت المدينة ازدهارها في العصور البارثية، حيث كانت آخر مدرسة قديمة لتعليم الكتـّاب تحرير الوثائق بالخط المسماري (حوالي 70 ق. م).
إريدو
حالياً أبو شهرين، مدينة سومرية قديمة، جنوب أور (تل المقيّر)، في محافظة ذي قار، العراق. وللمدينة مكانتها باعتبارها الأقدم في سومر طبقا ً لقوائم الملوك، وكان ربها الراعي هو " يا " أو " أنكي " وهو " سيد المياه العذبة التي تجري تحت الأرض ". وقد ثبت أن الموقع، الذي نقبت فيه بشكل رئيسي دائرة الآثار العراقية بين عامي 1946 و1949، هو واحد من أهم المواقع المدينية في عهود ما قبل التاريخ جنوب بلاد بابل. ومن المحتمل أن تكون المدينة قد أسست على تلال الرمل في الألف الخامسة ق. م، وهي توضح بشكل كامل أدوار الحضارة العُبيدية السابقة على الكتابة، بتلك السلسلة الطويلة من معابدها المؤثرة جدا ً التي ترسم نمو وتطور عمارة الطابوق الطيني المتقنة.
ظلت المدينة مسكونة حتى حوالي 600 ق. م ولكن أهميتها التاريخية قلــّت.
لجش
حالياً تِلـّو، واحدة من أهم العواصم في سومر القديمة، واقعة في منتصف الطريق بين نهري دجلة والفرات، في محافظة ميسان، العراق. وكان الاسم القديم لتل تِلـّو هو جيرسو، بينما كان اسم لجش يطلق في الأصل على موقع جنوب جيرسو، وفيما بعد أصبح اسماً للمقاطعة كلها وكذلك لجيرسو نفسها. نقّب الفرنسيون في تِلـّو بين 1877 و1933 واكتشفوا على الأقل 50000 نص مسماري كانت واحداً من المصادر الكبيرة لمعلوماتنا عن النشاطات السومرية في الألف الثالث ق. م. وكذلك وفرت كتابات الإهداء المنقوشة على الحجر والطابوق شواهد ثمينة لتقييم التطور التاريخي للفن السومري.
تأسست المدينة في عهد العُبيد السابق على التاريخ (حوالي 5200– حوالي 3500 ق. م)، وظلت مسكونة حتى أواخر العصر البارثي (247 ق. م - 224 م). وفي أوائل عصر السلالات سمّى الحكام اللجشيون أنفسهم " ملوكاً " (لوغال)، بالرغم من إن المدينة نفسها لم تدخل أبداً ضمن قائمة الملوك السومرية الرسمية. ومن بين أشهر المنشآت في لجش في ذلك العهد مسلة النسور، المنصوبة احتفالا ً بانتصار الملك أنـّاتوم على دولة أوما المجاورة. وأخيراً سقطت لجش تحت سيطرة سرجون الأكدي (حكم للفترة من حوالي 2334– حوالي 2279 ق. م). وبعد 150 سنة نهضت لجش من جديد. وكان أعظم عهود رخائها عهد غوديا (حوالي 2125)، الذي ربما كان واليا ً أكثر من كونه ملكا ً مستقلا ً، وكان خاضعا ً اسميا ً للغوتيين في غرب إيران، وهم شعب مقاتل سيطروا على معظم بلاد بابل من حوالي 2230 – حوالي 2130.
كان في لجش العديد من المعابد، من بينها إينينـّو " بيت الخمسين "، المقر الخاص بالإله الأعلى إنليل. أما معماريا ً فأشهر الأبنية هو ذلك البناء الذي مازال بحالة جيدة، ويعتقد أنه سد وناظم، ومما لا شك فيه أنه كان يحتوي على بوابات تتحكم بتدفق المياه، وتحتفظ بالمياه اللازمة للمنطقة في خزانات.
كيش
حاليا ً تل الأُحَيمر، دولة مدينية قديمة في بلاد النهرين، واقعة شرق بابل في محافظة بابل، العراق. وطبقاً للمصادر السومرية القديمة كانت مقرا ً للسلالة الأولى بعد الطوفان. وحسب الرواية تكونت السلالة الأولى في كيش (حوالي 2750 – حوالي 2660 ق. م) من 23 فترة حكم طويلة (بمعدل 1000 سنة لكل واحدة) ؛ ومع ذلك يؤمن معظم الباحثين بأن جزءً من السلالة على الأقل تاريخي. والحقيقة أن ميسيليم، ملك كيش، معروف بأنه صاحب أقدم كتابة ملكية موجودة، سجل فيها تحكيمه في الحدود المتنازع عليها بين مدينتي لجش وأوما في جنوب بلاد بابل. وقد انتهت السلالة عندما انهزم آخر ملوكها، آغـّا، في حوالي 2600 ق. م أمام جلجامش، ملك السلالة الأولى في أوروك. وبالرغم من بقاء كيش على أهميتها في معظم مراحل التاريخ القديم في بلاد النهرين، غير إنها لم تكن قادرة على استعادة وضعها القديم.
إيشنونـّا
حاليا ً تل الأسمر، مدينة قديمة تقع في وادي نهر ديالى، في محافظة ديالى في العراق. كشفت التنقيبات التي أجراها المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو، أن الموقع كان مسكونا ً منذ ما قبل 3000 ق. م. وقد توسعت المدينة خلال عهد السلالات القديمة، وكانت في عهد السلالة الثالثة في أور مقرا ً للـ إنسي (أي الحاكم). وبعد انهيار أور استقلت إيشنونا، ثم فتحها حمورابي، ملك بابل. وخلال القرن التالي أخذت المدينة بالانحلال وربما هُجرت.
كـُتبت " شريعة إيشنونا "على لوحين مكسورين عثر عليهما في تل أبو حرمل، وهو تل قرب بغداد. واللوحان غير متطابقين ولكنهما نسختان منفصلتان عن مصدر أقدم. ويُعتقد أن هذه الشريعة تسبق شريعة حمورابي بجيلين ؛ وتساعد الفوارق بين الاثنين في توضيح تطور القانون القديم.
تل بـِراك
و يلفظ أيضا ً تل بْراك، موقع قديم يقع في حوض نهر الخابور الخصيب في محافظة الحسكة، سوريا ؛ وهو مسكون من حوالي 3200 إلى حوالي 2200 ق. م. واحد من أهم الاكتشافات في براك هو معبد العين (حوالي 3000 ق. م)، والذي سمي بذلك بسبب الآلاف من الأحجار الصغيرة " أصنام العيون " التي وجدت هناك. ولمعظم تلك الأشياء الغريبة أجسام مربعة ورأس رقيق منحوتة فيه عينان إلى ستة عيون كبيرة. والمعبد نفسه مهم لأنه استخدم أشكال التزيين النموذجية المستخدمة في جنوب بلاد النهرين.
و في أيام الملك الأكدي نـَرام – سين (حكم للفترة من حوالي 2254 – حوالي 2218)، بُني مقر إقامة ملكي في براك، وأصبحت المدينة نقطة سيطرة على كل طرق صحراء الجزيرة.
أدبا
حالياً بِسمايهْ، مدينة سومرية قديمة واقعة جنوب نيـبّور (حالياً نِفـّر أو نُفـّر) في محافظة ميسان في العراق. كشفت التنقيبات التي نفذها (1903 – 1904) عالم الآثار الأميركي أدغار جيمس بانكس أبنية يبدأ تاريخها من عصر ما قبل التاريخ حتى فترة حكم أور-نمّو (حكم بين 2112 – 2095 ق. م). كانت أدب مهمة قبل حوالي 2000 ق. م. وقد نسبت إليها قائمة الملوك السومرية واحدة من السلالات القديمة، تتكون من ملك واحد فقط، هو لوغال – أنـّه – موندو، الذي يقال أنه حكم 90 سنة ؛ وحسب موقعه في القائمة فإن ذلك يكون في حوالي 2400 ق. م. وفي الأزمنة المتبقية كلها تقريباً خضعت أدب لملوك سيطروا على كل بلاد بابل (جنوب بلاد النهرين) أو معظمها. وكانت الإلالهة الرئيسية للمدينة هي الإلاهة نِنخورساغ.
أكشاك
مدينة قديمة في بلاد النهرين على الحدود الشمالية لأكد، يعتبرها عدد من الخبراء هي نفسها أوبي (أوبس) البابلية. في حوالي 2500 ق. م فتح أكشاك يانـّاتوم ملكُ لكش. وبعد حوالي قرن تزعمت أكشاك سومر وأكد. وموقع أكشاك مشكوك فيه، بالرغم من إن رسائل ماري (من الأرشيفات الملكية في ماري على نهر الفرات، حوالي 1700 ق. م) تشير على أنها تقع قرب إيشنونـّا في وادي نهر ديالى.
نيبّور
حالياً نِفـَّر أو نـُفـَّر، مدينة قديمة في بلاد النهرين، هي الآن في محافظة المثنى، العراق. بالرغم من أنها لم تصبح أبداً عاصمة سياسية، إلاَّ أن نيبور لعبت دورا ً أساسيا ً في الحياة الدينية في بلاد النهرين.
في الأساطير السومرية كانت نيبور وطن أنليل، إله العاصفة والممثل للقوة والإله الذي ينفذ أوامر مجمع الآلهة الذي يجتمع في نيبور. وطبقا ً لإحدى الروايات، خلق أنليل الإنسان في نيبور. وبالرغم من أن جيوش أي ملك يمكنها أن تـُخضِع البلد غير أنه يتوجب على ذلك الملك أن يطلب انتقال سلطة الحكم الإلهية من أنليل إليه. إن الحاجة إلى هذه المصادقة الإلهية جعلت المدينة مقدسة، وخصوصاً حرم أنليل هناك، بغض النظر عن السلالة التي تحكم بلاد النهرين.
أول بعثة أثرية من الولايات المتحدة إلى بلاد النهرين نقبت في نيبور من 1889 حتى 1900 ؛ واستؤنف العمل في 1948. وقد سُمي الجزء الشرقي من المدينة بحي الكـُتــّـاب بسبب العدد الكبير من الألواح السومرية التي عُثر عليها هناك ؛ والحقيقة أن التنقيب في نيبور كان هو المصدر الرئيسي للأدبيات السومرية.
لا يُعرف إلا القليل عن المدينة في عصور ما قبل التاريخ، ولكن المدينة ربما تكون قد وصلت إلى حدود الخرائب الحالية في 2500 ق. م وكانت محصنة. وفي أيام أور – نمّو (حكم للفترة 2112 – 2095) وهو أول ملوك السلالة الثالثة في أور، شُيِّد حرم أنليل المقدس، أي – كور، بشكله الحالي. وقد بنيت زقورة، ربما تكون بارتفاع ثلاث طوابق، ومعبد في فناء محاط بالأسوار.
و فيما بعد طمرت الإنشاءات البارثية حرم أنليل والأسوار المحيطة به، وفي القرن الثالث للميلاد أخذت المدينة بالانحلال. وهُجرت أخيراً في القرن 12 أو 13.
شوروباك
حاليا ً تل فارة، مدينة سومرية قديمة واقعة جنوب نيبور فيما هو الآن جنوب وسط العراق، وكانت في الأصل على ضفة نهر الفرات. كشفت التنقيبات هناك في النصف الأخير من القرن العشرين ثلاث مستويات من الاستيطان يمتد زمنها من أواخر عصور ما قبل التاريخ إلى السلالة الثالثة في أور (حوالي 2112 – 2004 ق. م). وأكثر اللقى الأثرية تميّزا ً هي خرائب المنازل المبنية بناءً جيدا ً، بالإضافة إلى الألواح المسمارية الحاوية على السجلات الإدارية وقوائم الكلمات، مما يشير إلى مجتمع متطور جدا ً كان موجودا ً في أواخر الألفية الرابعة ق. م.
و شوروباك مذكورة في أسطورة سومرية باعتبارها مسرح الطوفان، الذي دمر كل البشرية ما عدا ناجيا ً واحدا ً، هو زيوسودرا. فقد أمره إله حام ٍ بأن يبني فلكا ً، اجتاز بواسطته الكارثة، ثم أعيد خلق الإنسان والأشياء الحية على الأرض، وحصل هو نفسه على الحياة الخالدة. ويرتبط زيوسودرا باوتنابشتم في ملحمة جلجامش وبنوح المذكور في الكتاب المقدس.
نوزو
حاليا ً تبَّة يورغان، مدينة قديمة في بلاد النهرين، تقع جنوب غرب كركوك في محافظة التأميم، العراق. نقـّب هناك آثاريون أميركيون في 1925 – 1931، وتمتد المادة المكتشفة من عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الرومانية والبارثية والساسانية. في العصور الأكدية (2334 – 2154 ق. م) كان الموقع يدعى غاصور ؛ ولكن في أوائل الألفية الثانية ق. م احتل الحوريون، وهم من شمال بلاد النهرين، المدينة، وغيروا اسمها إلى نوزو، وخلال القرنين 16 و15 وُجدت فيها أمة ثرية ومركز إداري هام.
كشفت التنقيبات عن مادة ممتازة لدراسة الفخار الحوري وفن النقش على الجواهر. وهناك نوع خاص مميز من الفخار، يدعى " فخار نوزو " (أو " فخار ميتاني ") بسبب اكتشافه هناك أصلاً، ويتميز بمزايا خاصة، تتمثل في الأقداح الطويلة والنحيفة ذات القاعدة الصغيرة، وهي ملونة بأصباغ سود وبيض يصعب تحليلها.
بالإضافة إلى ذلك فقد اكتشف هناك أكثر من 4000 لوح مسماري. ومع أن أغلبها مكتوب باللغة الأكدية، لكن أغلب أسماء الأشخاص فيها هي أسماء حورية، وكثيرا ً ما تظهر على اللغة الأكدية المستخدمة تأثيرات حورية قوية. وقد ساعدت اللقى الأثرية في نوزو على فهم القوانين الحورية الخاصة بالعائلة والمؤسسات الاجتماعية مما أوضح العديد من الفقرات الصعبة في روايات الآباء الواردة في سفر التكوين التي يعود تاريخها إلى تلك الحقبة.
آشور
حالياً قلعة الشرقاط، العاصمة الدينية القديم لبلاد آشور، واقعة على الضفة الغربية لنهر دجلة، في محافظة نينوى، في شمال العراق. التنقيبات العلمية الأولى هناك أجرتها بعثة ألمانية (1903 – 1913) قادها و. أندريه. واسم آشور يطلق على المدينة، وعلى الدولة، وعلى الإله الرئيسي للآشوريين القدامى.
أصبح المكان مأهولا ً بالسكان في حوالي 2500 ق. م، سكنته قبيلة يُحتمل أنها قدمت إلى نهر دجلة من سوريا أو من الجنوب. استراتيجيا ً، كانت آشور أصغر وأقل شأنا ً من نمرود (كـَلـَح) أو نينوى، وهما المدينتان الرئيسيتان الأخريان في بلاد آشور ؛ ولكن القداسة الدينية لمدينة آشور ضمنت استمرار بقائها حتى 614 ق. م، عندما دمرها البابليون. والمدينة الداخلية محمية بأسوار تحيط بها على شكل دائرة، ويبلغ طول الأسوار حوالي 2. 5 ميل (4 كيلومترات). وعلى الجانب الشرقي كانت دجلة تغسل آشور، حيث كانت هناك موانئ ضخمة أول من أنشأها أدد – نيراري الأول (حكم في الفترة 1307 – 1275 أو ربما 1305 – 1273). توجد على الجانب الشمالي من المدينة دفاعات طبيعية ناتجة عن ذراع من النهر وسفح عالٍ شديد الانحدار، أضيف إليها نظام من الأسوار المدعمة ومرفأ قوي للطوارئ يدعى موشلالو – وهو برج نصف دائري مبني بالحجر بطريقة بسيطة، بناه سنحاريب، وربما كان أقدم نموذج معماري معروف من نوعه. والجانبان الجنوبي والغربي محميان بنظام دفاعي قوي.
و هناك قائمة بالأبنية الموجودة في مدينة آشور، يعود تاريخها إلى فترة حكم سنحاريب (705 – 681 ق. م)، مدرج فيها 34 معبدا ً، لم يُعثر إلاَّ على أقل من ثلثها، من بينها معابد آشور – إنليل، وآنو – أدد، وسين – شمش، وعشتار – نابو. وأهم المعابد من الناحية التاريخية هي تلك المكرّسة لعبادة عشتار، أو إنـّانـّا كما كان يعرفها السومريون.
بالإضافة إلى المعابد تم التعرف على ثلاثة قصور. أقدمها منسوب إلى شمشي– أدد الأول (حوالي 1813 – حوالي 1781 ق. م) والذي استخدم فيما بعد كمقبرة. وعُثر على العديد من المنازل الخاصة في الربع الشمالي الغربي من الموقع معظمها واسع وفيها مدافن عائلية تحت أرضها. ويدل التخطيط غير المنتظم للمدينة على احترام قوي لحقوق الملكية والتوزيع الإقطاعي للأرض. وهناك سلسلة من الألواح المكتوبة بين عامي 1450 و1250 ق. م توضح الجوانب الأخرى من القانون الآشوري، وخصوصاً فيما يتعلق بالنساء.
وبالرغم من إن مدينة آشور دُمِّرت تدميرا ً شديدا ً، غير إنه أعيد إحياء جزء من المدينة تقريبا ً في أيام الفتح البارثي لبلاد النهرين (140 ق. م).
آيسن
مدينة قديمة في بلاد النهرين، ربما تكون هي ذلك التل الكبير قرب الديوانية، محافظة المثنى، العراق. تأسست هناك سلالة مستقلة في حوالي 2017 ق. م. ، أسسها أشبي – إيرّا، " رجل ماري ". وقد أسس سلالة من الحكام العموريين ادعى الخمسة الأوائل منهم السلطة على مدينة أور في الجنوب. والخامس من حكام آيسن، لِبـِت – عشتار (حكم للفترة 1934 – 1924 ق. م. )، اشتهر بسبب نشره سلسلة من القوانين باللغة السومرية سبقت شريعة حمورابي بأكثر من قرن. وفي حوالي 1794 فقدت آيسن استقلالها، في البداية لصالح المدينة المجاورة لارسا، وفيما بعد لصالح بابل. وانتعشت المدينة من جديد بين حوالي 1156 و1025 تحت حكم سلالتها الثانية، التي بسط عدد من ملوكها السلطة على بلاد بابل (جنوب العراق).
لارسا
تدعى حاليا ً تل سنقرة، وهي واحدة من عواصم الدولة البابلية، تقع حوالي 20 ميلا ً (32 كم) جنوب شرق أوروك (بالعربية تل الوركاء)، في جنوب العراق. ربما تكون لارسا قد أسست في عصور ما قبل التاريخ، ولكن أكثر عهود المدينة ازدهارا ً ترافقت مع سلالة حكم مستقلة، أسسها ملك يدعى نـَبْـلانوم (حوالي 2025 – 2005 ق. م) ؛ وكان معاصرا ً لأشبي – إرّا، الذي أسس سلالة في مدينة آيسن المنافسة. وحكم بعد نبلانوم من 13 ملكا ً، كان للعديد منهم سلطة كبيرة في الدولة البابلية، ومثلوا السيطرة الجديدة للعناصر الأكدية السامية التي حلت محل السومريين.
و يبدو أن آيسن ولارسا عاشتا حالة حرب باردة لأكثر من قرن حيث كانت كل واحدة من المدينتين تعزز حكمها. في البداية كان معترفا ً بسيطرة آيسن على أور، ولكن سجلات الأعمال المكتوبة على الرقم الطينية التي عُـثر عليها في أور ــُظهر أنه في أيام ملكي لارسا الخامس والسادس، غونغونوم (حوالي 1932 – حوالي 1906 ق. م) وأبيصير (1905 – 1895)، أخذت لارسا تسير على درب الهيمنة. ولم يحكم الملك الثاني عشر في السلالة سيلي – أدد (حوالي 1835) إلا سنة واحدة فقط ثم عزله ملك عيلام القوي كوتور – مابوك، الذي نصب ابنه وَرَد – سين (1834 – 1824) ملكا ً. ومن الواضح أن هذا الأمر لم يمزق الحياة الاقتصادية في لارسا، وكان هذا في الحقيقة أكثر عهودها ازدهارا ً، كما تشهد على ذلك عدة آلاف من الوثائق الاقتصادية. فانتعشت الزراعة وتربية المواشي ؛ وأعطي الري اهتماما ً أكبر؛ وربطت الطرق الطويلة بين الفرات ووادي الهند من خلال التجارة بالجلود، والصوف، والزيت النباتي، والعاج. وفي أيام ريم – سين (1822 – 1763)، وهو ابن وَرَد – سين، تلقت الفنون تشجيعا ً كبيرا ً، وخصوصا ً مدارس تعليم الكتابة السومرية القديمة. ومع ذلك كانت أيام لارسا معدودة، لأن حمورابي البابلي الذي كان مصمما ً بشدة على تدمير أخطر أعدائه، تمكن أخيرا ً من هزيمة ريم – سين في 1763 ق. م، فبسط سيطرته على جنوب بلاد النهرين منهيا ً بذلك سيطرة لارسا.
كشفت التنقيبات القليلة التي أجراها في لارسا أندريه بارّو في 1933، عن زقورة، ومعبد لإله الشمس، وقصر لنور – أدد (حوالي 1865 – حوالي 1850 ق. م) بالإضافة إلى العديد من القبور والخرائب الأخرى العائدة إلى العهد البابلي الجديد والعهد السلوقي.
ماري
حاليا ً تل الحريري، مدينة قديمة من بلاد النهرين تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات في سورية الحالية. بدأت التنقيبات هناك في 1933، وكانت في البداية بتوجيه من أندريه بارّو، وقد كشفت عن خرائب يمتد تاريخها من حوالي 3100 ق. م إلى القرن السابع الميلادي.
و أكثر الاكتشافات أهمية القصر الكبير لزيميرليم، وهو ملك محلي كان حكمه مزدهرا ً بشكل استثنائي وامتد ما يقرب من 30 سنة وانتهى عندما احتل المدينة حمورابي البابلي ودمرها في القرن 18 ق. م.
احتوى القصر على حوالي 300 غرفة، تركزت فيها كل المكاتب الإدارية ذات الأهمية الكبرى. وقد اكتـُشِف عدد كبير من الجداريات ومئات الأشياء الصغيرة ؛ ومع ذلك فلا شيء يساوي في قيمته آلاف الوثائق الأرشيفية المكتشفة في العديد من غرف الكتـّـاب. وهي عبارة عن مراسلات دبلوماسية وتقارير مرسلة من كل أرجاء البلاد بالإضافة إلى الأرشيفات التاريخية والرسائل المتبادلة بين الملك الآشوري شمشي – أدد الأول وولديه قبل 1800 ق. م بقليل، وكذلك هناك الكثير من النصوص الاقتصادية والقانونية. وهي توسع معرفتنا بالجغرافية والتاريخ الآشوريين، وتعطي صورة دقيقة للحياة في تلك الفترة.
بورسيبا
حالياً بيرسْ أو بيرسْ نمرود، مدينة بابلية قديمة، جنوب غرب بابل في محافظة بابل، العراق. وربها الحامي هو نابو، وقد ساعدها قربها من العاصمة، بابل، في أن تصبح مركزاً دينيا ً هاما ً. وقد بنى حمورابي (حكم ي الفترة 1792 – 1750 ق. م. )، أو أعاد بناء معبد إيزيدا، في بورسيبا، وكرّسه لمردوك (الرب الوطني لبلاد بابل) ؛ واعتبر الملوك اللاحقون نابو إلها ً لإيزيدا وجعلوه ابن مردوك، وأصبح معبده الثاني مباشرة بعد معبد مردوك في بابل.
خلال فترة حكم نبوخذنصّر (604 – 564) بلغت بورسيبا أوج ازدهارها. وهناك زقورة غير مكتملة بناها نبوخذنصّر وهي الآن خربة، ونقب فيها في عام 1902 عالم الآثار الألماني روبرت كولدواي. ويظهر أن الزقورة دُمِّرت جراء حريق بالغ القوة، وربما كان حريقا ً غير مقصود في حصران القصب وفي الزفت الموضوع أصلا ً في لب البناء لدعمه من الداخل.
دمر الملك الأخميني أحشورش الأول بورسيبا في أوائل القرن الخامس ولم يكن اكتشافها كاملا ً أبدا ً.
دور – كوريغالزو
عقرقوف الحالية، مدينة محصنة ومقر إقامةٍ ملكي لآخر ملك كاشيٍّ، تقع قرب بابل([1]) في جنوب بلاد النهرين. وهذه المدينة إما أن مؤسسها هو كوريغالزو الأول (الذي اشتهر في أواخر القرن الخامس عشر – أوائل القرن الرابع عشر ق. م. ) أو هو كوريغالزو الثاني (حوالي 1345 – 1324 ق. م. ). وفيما بين 1943 و1945 م كشفت التنقيبات العراقية عن زقورة كبيرة، وثلاثة معابد، وقصر ذي زخارف جدارية ملونة، ورواق بأعمدة مربعة. كانت المعابد مكرسة للآلهة السومرية، وتحتوي على العديد من الأشياء القيمة، من بينها تمثال لكوريغالزو الثاني.
سيبار
حاليا ً أبو حبة مدينة قديمة في الدولة البابلية، واقعة جنوب غرب بغداد الحالية، في وسط العراق. خضعت سيبار للسلالة الأولى في بابل، ولكن لا يُعرف إلا القليل عن المدينة قبل 1174 ق. م، عندما نهبها الملك العيلامي كوتير – ناهونتي. ثم استعادت عافيتها حتى احتلها أخيرا ً الملك الآشوري تجلات – بيلاصر الأول. وفي أيام السلالة الثامنة في بابل أعاد الملك نابو – أبلا – إدّينا (حوالي 880) بناء معبد شمش الكبير في سيبار، وسجَّـل أنه عندما كان يحفر في الخرائب وجد صورة قديمة للإله، فرسم نفسه مع شمش على نصب حجري تذكاري. وهذا هو نفسه النصب الذي عثر عليه الملك نابوبلاصر عندما أعاد بناء المعبد في أواخر القرن السابع ق. م. والنصب الآن في المتحف البريطاني.
نمرود
هذا هو الاسم الحديث لموقع المدينة الآشورية القديمة كـَلـَح، والتي تُلفظ أيضاً كـَلـْحو أو كـَلـَخ، والواقعة جنوب الموصل في محافظة نينوى، العراق. أول من نقـَّب في المدينة هو أوستن هنري لايارد في الفترة 1845 – 1851، ثم بعد ذلك بشكل رئيسي م. ي. ل. مالووان (1949 – 1958).
أسس كلح في القرن 13 ق. م شلمنصر الأول، وظلت غير مهمة حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثاني (حكم للفترة حوالي 883 – حوالي 859 ق. م) مقرا ً ملكيا ً له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية. ونفذ أشغالا ً واسعة في قلعة المدينة وفي المنطقة خارج الأسوار، وأكمل عمله ابنه شلمنصر الثالث، وبقية الملوك. والبناية الدينية الأهم هي إيزيدا، التي شيدتها في 798 الملكة سامورامات (سميراميس في الأسطورة اليونانية)، وتضم معبد نابو (نيبو) إله الكتابة، وزوجته تاشميتوم (تاشميت). وقد احتوت مكتبة المعبد والبناء الملحق به على العديد من الكتابات الدينية والسحرية والعديد من " المعاهدات "، من بينها الوصية الأخيرة وعهد أسرحدون (حكم للفترة 680 – 669)، وفيها يحدد خليفته بدقة : ابنه آشور بانيبال الذي سيتولى الملك بعده في آشور، وشمش – شوم – أوكين في بابل. والبناية الأهم خارج المدينة تعود إلى شلمنصر، وهي تحتوي، مع بنايات أخرى، على آلاف القطع العاجية المنحوتة، معظمها مصنوع في القرنين 9 و8، وهي الآن أثمن مجموعة عاج في العالم.
قي القرن السابع قلـَّت أهمية كلح، لأن السرجونيين مالوا إلى استخدام نينوى مقرا ً لهم ؛ ولكنها كثيرة السكان حتى تلاشت في 614.
خُرساباد
قرية عراقية معاصرة، واقعة في موقع دور شارّوكين (" حصن سرجون ") شمال شرق نينوى، في محافظة نينوى، العراق. بناها بين 717 و707 ق. م الملك الآشوري سرجون الثاني (حكم للفترة 721 – 705)، وتظهر دور شارّوكين وكأنها مدينة مخططة بعناية. تحيط الأسوار الخارجية بمساحة قدرها ميل مربع واحد، ويكون الدخول إليها عبر سبع بوابات حصينة. ويحيط سور داخلي بمعبدٍ لنابو، رب الخصب وحامي فن الكتابة، وبالقصر الملكي، وبمنازل واسعة للموظفين الهامين. ومع ذلك، وبمجرد أن انتهى بناء المدينة، قـُتل سرجون في معركة، وهُجرت دور شارّوكين بسرعة.
بدأ التنقيبات في الموقع (و هي في الواقع أول تنقيبات أثرية في بلاد النهرين) القنصل الفرنسي بول – إميل بوتـّا في 1843، وواصلها فيما بعد (1858 – 1865) خليفته فيكتور بلاسيه، وكذلك بعثة الولايات المتحدة (1928 – 1935) من جامعة شيكاغو. وبالإضافة إلى الرسوم الجدارية النافرة، والعاجيات والتماثيل الكبيرة للثيران المجنحة، فقد عُثر في الموقع على واحدة من أثمن اللقى الأثرية هي قائمة الملوك الآشوريين، التي سجلت أسماء وسنوات حكم كل الملوك الآشوريين منذ حوالي 1700 ق. م إلى أواسط القرن الحادي عشر ق. م.