علم البديـــــــــــــع
البديع في اللغة: ايجاد الشيء واختراعه على غير مثال، قال تعالى: ]بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ[(). بمعنى المنشئ على غير مثال سابق والمبتدئ بلا حذو ويحتذو به، والخالق قبل المخلوقات().
لقد اطلق البلاغيون كلمة (بديع) على فنون البلاغة ومسائلها، كما أطلقوا على تلك الفنون والمسائل كلمات: البلاغة والفصاحة والبيان والبراعة، وظلت تلك الكلمة مرادفة لمساتئل البلاغة وفنونها، حتى جاء السكاكي فقسم البلاغة إلى علمي (المعاني والبيان) وقال هناك وجوه أخرى غير مسائل العلمين يصار إليها لقصد تحسين الكلام وتزينه وهي أما أطلق عليه بعده (علم البديع)()، فصار البديع كما حدده السكاكي: "وجهٌ مخصوصة كثيراً ما يصار إليها لقصد تحسين الكلام"().
وقد وصفه بدر الدين بن مالك (686ه) في قالبه الأخير: "معرفة توابع الفصاحة"().
ويعد الجاحظ من أوائل الذين أشاروا الى مصطلح البديع()، وقصره على العرب، إذ قال: "والبديع مقصور على العرب ومن أجله فاقت لغتهم كل لغة وأربَت على كل لسان"()، إلا إنّ أول من دون قواعد البديع ووضع أوصله عبد الله بن المعتز (296ه)، الذي ألف كتاباً اسماه البديع().
لقد فهم البلاغيون القدماء مصطلح البديع على أنه درجة خاصة من التميز يظفر بها الفنان المطبوع، لذا نراهم يوسعون دائرته تارة ويجعلونها مرادفة للبلاغة، وأخرى يضيقونها ويجعلونها خاصة بالتفرد في فنون بعينها().
والبديع: هو أحد علوم البلاغة الثلاثة الذي "يعرف به وجوه تحسين الكلام، بعد رعاية تطبيقية على مقتضى الحال ووضوح الدلالة"()، أي يعني بالالفاظ ذات الدلالات الواضحة التي تكسب التعبير طرافة وجدة.
إنَّ الأساليب البلاغية هي التي تمنح التعبيرات الأدبية ثوباً جمالياً، يجعلها تعطي معاني متناسبة مع قصد المبدع ومن هذه الأساليب أساليب علم البديع وهذه الأهمية هي التي جعلت فنون البديع "ليست...بأقل أهمية من علمي المعاين والبيان، قد حفل بها الشعر القديم والقرآن الكريم، وجاءت معبرة عن المعنى خير تعبير، ولكنَّ المتأخرين من القدماء أفسدوها بما أضافوا من زخارف أثقلت الكلام وأفسدته فنبأ عنه الذوق"().
إذاً فالبديع: علم بلاغي يرقى بالكلام إلى أعلى درجات الحُسن والإبداع إنْ أحسن توظيفهُ.
ويقسم البديع الى():
- محسنات بديعية معنوية: تهدف إلى تحسين المعنى أساساً وأصلاً، وأن كانت تفيد تحسين اللفظ أيضاً.
- محسنات بديعية لفظية: تهدف أساساً إلى تحسين اللفظ وتحسين المعنى بالتبعية لأن التعبير عن المعنى باللفظ وتحسين المعنى بالتبعية لأن التعبير عن المعنى باللفظ الحسن سيتتبع زيادة في تحسينه أي (المعنى).
وسنحاول في البحث الكشف عن هذا الفن في ضوء كتاب عيون أخبار الرّضا (u)وفق التقسيمات الآتية:() البقرة، 117.
() يُنظر: البديع تأصيل وتجديد، د. منير سلطان، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1986م، 11.
() يُنظر: علم البديع، دراسة تاريخية وفنية لأصول البلاغة ومسائل البديع، بسيوني عبد الفتاح، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2، 1425هـ-2004م، 10.
() مفتاح العلوم، 179.
() المصباح في المعاني والبيان والبديع، بدر الدين بن مالك الشهير بابن الناظم، حققه وشرحه ووضع فهارسه، د. حسني عبد الجليل يوسف، مكتبة الآداب ومطبعتها، ميدان الاوبرا، ط1، 1409هـ-1989م، .
() يُنظر: فنون بلاغية (البيان والبديع) احمد مطلوب، دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع، الكويت، 1975م، 2/270.
() البيان والتبيين، 4/55-56.
() يُنظر: علوم البلاغة (البيان والمعاني والبديع)، احمد مصطفى المراغي، دار الآفاق العربية، القاهرة، ط1، 2000م، 379.
() يُنظر: البديع تأصيل وتجديد، 11.
() الإيضاح في علوم البلاغة، 2/334.
() بحوث بلاغية، أحمد مطلوب، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، بغداد، 1996، 143.
() يُنظر: الإيضاح، 2/338، وعلوم البلاغة، 380، والبلاغة فنونها وأفنانها، 319، ويُنظر: علم البديع، عبد العزيز عتيق، دار النهضة، بيروت، 1974م، 66.