معرض فكرة 2016 في بغداد يؤكّد أن الإبداع يمكن أن يخرج من تحت ركام الحرب



يُعتبر شهر أكتوبر/تشرين الأول من أهم الأشهر على الصعيد التقني في وطننا العربي وبلاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمع انتصاف الشهر تقريبًا يبدأ أسبوع جيتكس Gitex التقني الذي تجد فيه كُبرى الشركات التقنية فرصة للكشف عن أحدث تقنياتها، كما أصبح خطوة هامة وعلامة فارقة في حياة بعض المشاريع الناشئة التي تستغلّه بكل تأكيد لاستعراض أفكارها المُختلفة.
لكن شهر أكتوبر هذا العام حمل في طيّاته مناسبة تقنية هامّة، لا تقل من وجهة نظري الشخصية عن أهمّية أسبوع جيتكس لأنها أيضًا تعنى بالأفكار والتطبيقات الناشئة القادرة على زيادة وتغيير أي اقتصاد في العالم في وقتنا الحالي. هذه المناسبة حملت اسم معرض فكرة Fikra 2016، وهو معرض أقيم في مدينة بغداد يوم 15 أكتوبر حيث اجتمع من خلاله مسؤولون من الحكومة العراقية مع روّاد الأعمال وأصحاب التطبيقات والأفكار الناشئة تأكيدًا على أن العراق ليس بلدًا للحرب، فهناك أمل وإبداع فيه أيضًا.



ابراهيم الزراري Ibrahim H. Al-Zararee أحد مؤسسي ومُنظّمي المعرض تحدّث لموقع TechCrunch العالمي حيث قال إن المعرض هو محاولة لإعادة مدينة بغداد إلى خارطة الابتكار العالمية لأن صورة العراق في أعين المجتمع العالمي هي صورة مُشوّهة برماد الحرب، ولهذا كان هناك حرص من القائمين على فكرة 2016 لجلب جميع الشركات الناشئة ليستعرضوا منتجاتهم أملًا في انتشارهم ليس على المستوى المحلّي فحسب، بل على المستوى العالمي أيضًا.
وبحسب مؤسس المعرض فإن الكثير من الشركات الناشئة تركت بصمتها هذا العام، لكن ثلاث شركات على وجه الخصوص تركوا أثرًا في عقله. الشركة الأولى كانت تطبيق
مشوار Mishwar الذي يوفر منصّة لطلب الفواكه والخضراوات على الإنترنت مع خيارات للدفع عند الاستلام أو عن طريق خدمات الدفع الإلكتروني المتوفرة في العراق. الخدمة الثانية كانت BotLab وهو عبارة عن برمجية آلية Bot يقوم صاحب المتجر بتضمينها داخل حسابه في فيسبوك مسنجر لتقوم بالرد على الأسئلة باللغة العربية. وأخيرًا كانت مشاركة Earv Labs أيضًا من المساهمات الفعّالة، حيث تطمح هذه الشركة إلى تطوير تطبيقات تستفيد من الواقع المُعزز Augmented Reality.
وكغيرها من الدول، يقف الكثير من مُحبّي التقنية خلف شركتي جوجل وآبل على الصعيد العالمي. أما على الصعيد المحلّي فذكر الزراري أن تطبيق
Miswag يعمل وفق المعايير العالمية، وهو شبيه بمتجر أمازون حيث يُمكن التسوّق إلكترونيًا من خلاله ليقوم بتوصيل الطلب إلى المنزل، وهو يُعتبر واحدًا من أنجح الشركات الناشئة على المستوى المحلّي.
وبسبب واقع الحرب في العراق، تُعاني الشركات الناشئة من عدم وجود دعم مالي كافي مع انعدامه في معظم الحالات أيضًا، فلا توجد شركات ترغب في تفريط مبالغ مالية والمغامرة في مشاريع ناشئة في بيئة غير مستقرة تمامًا، وهو ما يجعل معظم المشاريع الناشئة ذاتية التمويل، صحيح أن هذا يؤثر على نمو الشركة والحفاظ على الاستمرارية، لكنه أيضًا يُبيّن أن الإبداع ما زال موجودًا في بلد أرهقته الحرب تمامًا.



خلف معرض فكرة 2016 تقف
شركة Fikra Space التي جاءت لتغيير واقع العراق التقني، فهي تحرص على إقامة دورات تدريبية باستمرار في مجالات مختلفة مثل التصميم، وتطوير تطبيقات الأجهزة الذكية، أملًا منها في رفع مُستوى الكفاءات الموجودة في العراق لأن الإنترنت قبل 2003 لم يكن متوفرًا، وبالتالي بقيت مناهج التعليم قديمة ولم تكن هناك فرصة للأفراد لتطوير أنفسهم، وهذا بدوره أدى إلى انعدام الكفاءات.
أخيرًا وفي حديث مؤسس ومُنظم معرض فكرة، ابراهيم الزراري، عن الهدف من إقامة هذا الحدث، قال إنه يطمح إلى تعريف العالم بواقع الشركات الناشئة في العراق مع تسليط الضوء على نموّ هذا السوق في كل عام أملًا في الحصول على مُساعدات وزيادة حجم النمو أيضًا.
في النهاية قد يتحجج بعضنا من عدم وجود الوقت أو جزء من العناصر الأساسية لإنشاء تطبيق أو تحويل فكرة في رؤوسنا إلى واقع ملموس، في حين أن غيرنا -في العراق- تغلّب على ظروف أصعب من هذه، ففي وقت قد اشتكي فيه أنا أو أنت من عدم الوصول إلى مُصمم واجهات لإخراج فكرتنا الفضائية بأفضل صورة مُمكنة، يعمل أحدهم في العراق تحت الكثير من التهديدات وضمن ظروف صعبة جدًا لتغيير الواقع عوضًا عن شتمه والتململ منه !