بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته





أن تعي حقًا هذا الحب الأقدس الكبير جدًا وأن تكون هائمًا فيه، متسربلا دوما بالحزن العميق لأن محبوبك الأعظم مظلوم وموتور..

العاشق عندما يبدأ في حبه صغيرًا مملوء بالشغف تجاه حبيبه، مشغول الفكر به وبالتعرف على أعماقه وصفاته، يهوي إليه فلا يرى غيره..ربما يُصاب أحد أصحابه بسوء ويصاب في ذات الوقت محبوبه فلا يكترث لصاحبه، لأن الجزء من قلبه قد أُصيب. فيظل مكتئبا منعزلاً عن عالمه حتى يزول السوء عن محبوبه..


كيف بك ومحبوبك الحسين الذي تناديه "بأبي أنت وأمي" هل فعلاً تحزن على الحسين أكثر من حزنك على والديك؟ هل تتتعامل مع مقتله كما تتعامل مع موت احدهما؟ أم مصابك في والديك أعظم؟


لماذا علينا تقصي المعرفة؟

لأننا شيعة! لقد اخترنا بعقولنا هذه في عالم الذر أن نكون موالين ومحبين لأبي عبد الله عليه السلام..وبما أنك اخترت أن تحمل هذه الأمانة العظيمة لا بد أن تسعى في الحفاظ عليها، تسعى لخدمة هذا المذهب الشريف ورفع رايته لا أن تكون على هامش الحياة.

علينا تقصي المعرفة لنُمهِّد ظهور الإمام الغائب صلوات الله عليه ولكي نعي حقيقة الغيبة المباركة وحقيقة الظهور، لا سيما أننا نعرف مال الذي سيظهر لأجله الإمام.. الثأر للدماء التي لم يُطلب لها، للدماء التي اقشعرّت لها أظلة العرش..دماء جده الحسين!

أضف إلى أن قربك الدائم والمتواصل من مولاك الحسين له لذةٌ لا تُضاهى أبدًا.



لماذا نحن غافلون عن الشرب من هذا النبع؟

حب النفس المبالغ فيه.. فتجد ذاك الشاب المعجب بنفسه ولسانه الذي يستطيع به إفحام كل أحد ويحاجج به في مواضيع زائلة وسُبابٌ هنا وهناك لأجل مباراة أو غيرها، يبذل طاقته كلها في هذا المراء ثم لا يمتلك القدرة على التقرب من مولاه، فهو مشغول بأشياء كثيرة.. ولو استغل فصاحة لسانه في التحدث مع أصحابه في سيرة المولى لازدهرت نفسه وأنفسهم.

وأيضا تجد هنا الشابة منخرطة في الإهتمام الزائد بشكلها ومظهرها، مساحيقها و"ماركاتها" لتظهر أمام العامة بالمظهر الذي تحبه، فتغدو تلهث وراء مغريات الحياة حتى تستولي عليها وعلى ثقافتها..فتجدها تخاف أيام عاشوراء! فلا تستطيع أن تظهر بدون زينتها فتفقد ثقتها بنفسها ولا أن تظهر بها فترى نظرات الاستنكار على الوجوه! وهنا تغلّب حب نفسها على حب الحسين فلو اعتنت بمعرفته كما تعتني بمظهرها لكانت ذُهلت بالمصاب عن كل ترهات الحياة..كما تفقد الفتاة عادةً حواسها عندما يموت أبوها!


التعامل مع عشرة المحرم معاملة الواجب الاجتماعي

وكأننا سنذهب لعزاء أحد الأقارب متمللين "لنتجنب لوم الوالدين" وتمضي الأيام ثقيلةً على قلوبنا لأن خروجنا للأسواق سوف يقل وبعض "الكشتات" ستتعطل، حتى بتنا نُقرر ونضع جداولا للترويح عن النفس بعد أن تنتهي هذه الأيام فورًا وكأنها أيام عادية تمر وروتين سنوي طبيعي، وليست هي الواقعة العظمى التي خلق الله لأجلها الخلق والتي يتهيأ لها الحجر والمدر.

لأننا لا نتفقه كما يريد منا أهل البيت

مستعدون لقراءة (رواية رومانسية) هابطة مليئة باللغط وخاوية من المعنى لكن لا نمتلك نصف ساعة لقراءة حديثٍ عن عظمة يوم الطف! وحتى إذا حضرنا المجالس أو نُقل إلينا حديث أحد الفقهاء وتحدّث بما لا نعرفه، حاربناه وقلنا أن الحسين لا يريد هذا وهناك ما هو أهم من قضايا الحياة..وكأننا عرفنا الحسين؟


كيف نقترب روحيًا من الإمام اقرأ عن حياة الإمام من قبل ولادته وحتى استشهاده، وعن التخطيط الإلهي لواقعة كربلاء.

انظر إلى أحوال العاشقين وتأمّل ماذا يفعلون، في أيام الأربعين مثلا.

زر الحسين عليه السلام وواظب على زيارة عاشوراء، فلها الأثر الروحي الكبير، زرها واطلب من المولى أن يرضى عنك ويذكرك..دعنا نبدأ الآن مع بدء المحرم ونستمر لأربعين يومًا.

دعنا أيضًا نواظب على الزيارة الجامعة ففيها ما فيها من البناء العقائدي العظيم.

كانت لدينا كنوز عظيمة قريبة من الإمام الحسين عليه السلام لكنها ذهبت إليه هذا العام وهي تُصلّي، فلنتأمّل أحوالهم جيدًا ونرى ماذا كانوا يفعلون حتى نالوا هذا القرب، فليس اختيارهم بالشهادة مصادفة بالطبع بل قد أعدّوا أنفسهم وأرادوا القرب، وقد قرأتَ بالطبع عن بعض مواقفهم التي تُبيّن علاقتهم به عليه السلام.

للشعر دور كبير في هذا.. اقرأ للعاشقين للمولى وتأمل أبياتهم العظيمة التي حظت بنظرة من أهل البيت..خذ مثلا شعر السيد حيدر والسيد جعفر الحلي.





ختامًا.. يقول سيدي سيد الشهداء عليه السلام "...من لحق بنا استشهد ومن لم يلحق بنا لم يُدرك الفتح، والسلام"، نسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن يدرك الفتح مع الحسين عليه السلام.