بقلم :- علي دنيف حسن
""""""""""""""""""""""
في الماضي كانوا يتهموننا باننا لصوص، واليوم يتهموننا باننا قتلة !
ان تقول انك من مدينة الثورة ، أو يعرف أحدهم انك منها، سرعان ما يجف فمه، وترتسم على وجهه ألف علامة استفهام، وسرعان ما يهرب منك وكأنك مصاب بمرض معد لا دواء ولا شفاء له.
في استعلامات الدوائر الرسمية يمتعض الموظف اذا قلت له انك ابنها، وتلتصق بك عيناه كالسيكوتين، ويبقى يتقلب كالملدوغ حتى تخرج من الدائرة ..
وفي الجيش انت مراقب ومتهم حتى تهرب أو تتسرح .. وهناك ألف صنف وقسم ومهنة محرم عليك العمل بها.
واذا حدثت عملية سرقة ترى العيون والهمسات تلتهمك أكثر من غيرك ..
وفي الجامعة: انت ( معيدي) ( وشروكي) و( همجي) و( عربنجي) ...
اسمونا ( ولد الملحة) فرضينا لانها تدل على شجاعتنا، ولم ننتبه للاساءة المخبأة في التسمية.
يرفض سائق التكسي نقلك الى المدينة بألف عذر وعذر، وربما يقول لك أحدهم مستخفا:
( شنو ما رايد نفسي !) وكأنك ستأخذه الى الجحيم، ولهذ كنا نستأجر التكسيات حتى ساحة بيروت أو المستنصرية، لنستأجر تكسيا آخر ينقلنا الى البيت.
كل الاجهزة الامنية كانت تضع المدينة تحت مكرسكوباتها الشكاكة ...
اذا لم تكن تصلي فانت شيوعي، واذا كنت مصليا فانت في حزب الدعوة .. وإذا حالفك الحظ ونجوت من التهمتين فانت حاقد على الحزب والثورة ...
اصحاب البارات في وقتها كانوا يقولون ان ابناء المدينة هم المادة الاولية للشجارات، وهم من ألحق الدمار بممتلكاتهم.
اصحاب البضائع والسلع التافهة والتالفة يبتسمون بخبث: سنبيعها على ( أهل الثورة) ..
صاغة الذهب في العاصمة نقلوا حليهم الى بيوتهم قبل سقوط صدام الى بيوتهم خوفا من ( أهل الثورة) ... قالها صائغ بملء فمه وهو لا يعرف اني من ابناء البطة السوداء.
( أهل الثورة) هم السبب في انتشار الجريمة في بغداد والعراق ...
وهم مفقس كل موديل ونزعة وموجة وبدعة وضلالة ..
وهم سبب تفشي الامراض والاوبئة والميكروبات
وهم من خربو بغداد المتحضرة
و( أهل الثورة) على الرغم من مئات قواطع الجيش الشعبي، وعلى الرغم من انها (فرع) للحزب وكل ما تبقى من بغداد في ثلاثة فروع، إلا ان اهلها ( كما يقول الحزبيون): عملاء وخونة ويكرهون صدام والبعث ....
وهم مصدر كل إشاعة وكل نكتة ...
حتى مسؤول (فرع صدام) للحزب لم يكن من أهل المدينة
تركتني أول صديقة لي في الكلية بعد ان عرفت اني من ( أهل الثورة)
كان صديقي من أهالي المنصور يسألني دائما بعينين قلقتين:
هل بامكاني التجول بالمدينة من دون ان يمسني أذى أو ضرر ؟!!!!!!!
سائق تكسي يسأل: هل صحيح عندما يصبح الشخص كبيرا في السن ويوشك ان يموت تلقونه امام تكسي مسرعة كي تأخذون فصلا عشائريا من صاحبها ؟!!
تهم وخرافات واشاعات واوهام وحكايات نسجت صورة مخيفة وبشعة جدا عن طيبة مدينتنا ونخوة أهلها ... وما زالت تلك الصورة تتعرض للتشويه والتمزيق ...
لقد كتب علينا ان نبقى ابناء البطة السوداء إلى الأبد، وهذا شرف علينا الاعتزاز به.... وهو أقل ظلم لحق بنا نحن ابناء المدينة.