الطب الحديث يثبت ما اكتشفه أبو عبد الله الصقلي قبل 600 سنة
هو أبو عبد الله محمد بن عثمان الصقلي التونسي (825 هـ/ 1417م)،
ألف الصقلي كتابا نافعا هاما هو “المختصر الفارسي” نسبة إلى السلطان الحفصي الذي ألفه له وهو (أبو فارس عبد العزيز المتوكل على الله). والكتاب ملخص لكتاب القانون، لم يقلد فيه الصقلي آراء ابن سينا بل أضاف إليها إضافات هامة، خاصة في مبحثين اثنين:
– أولهما هو مرض جرب العين والحكة الملازمة له، وأثبت المؤلف للمرة الأولى تطور المرض ومراحله وكانت أربع. وهذه المراحل الأربع لم يقع إثباتها من طرف الأطباء إلا في منتصف هذا القرن (العشرين)، فيكون الفضل لمحمد الصقلي في الأسبقية في تحقيقها وترتيبها بستمائة سنة.
– وثاني المبحثين هو مرض السل، فإن القدماء قد تحدثوا عن السل وعرفوه بشكل عام، لا يفصله عن غيره، بأنه “قروح في الرئة” ووصفوا أهم علاماته وهي: السعال ونفث الدم والحمى ونحافة الجسم.
أما الصقلي فقد انتهى إلى تشخيصه للسل بوضوح، إذ حدده وحدد
أسبابه بقوله: “وسبب السل قرحة في الرئة، فإن الإنسان إذا جاوز في
النفث أربعين يوما صار مسلولا يعسر برؤه، وقد يكون عن قروح في
الصدر والحجاب إذا انخرق، وإذا لم ينخرق يسهل التحام تلك القروح
لعدم حركتها. وقد يمتد هذا المرض بصاحبه سنين لاسيما إذا كان في
القرحة جفوف وخشكريشة غير ساعية”.
فهنا يتضح أنه اطلع على تشريحات للموتى وسمع بأذنه صدر
المرضى، وقد كان ممارسا في المستشفى الحفصي بمدينة تونس.