الدرس الاول
- الحصة : الاولى
اليوم : الأحد
المادة: القراءة ..
: في اليوم الاول من ايام العام الدراسي الجديد ... الصف الاول الابتدائي
بدأ المعلم يشرح للطلاب عن اول ايام الدراسة ويتصفح معهم كتاب القراءة ، انتهى البعض وبدأ يتجول بينهم ويحدثهم ويشرح لهم عن بعض الصور الإيضاحية الجميلة . وبدأ معهم بالدرس الاول وهو يقرأ عليهم الدرس بصوت عال وواضح . والطلاب يقرأون بعده .ثم طلب من احدهم ان يحاول القراءة بدلا عنه . كان المعلم رجلا وقورا يبلغ الاربعين من عمره . يحمل من الاخلاق ارفعها ومن الانسانية اجملها . وكانت معه مسبحة لا تفارق جيبه . وبينما كان منحنيا للتصويب لاحد التلاميذ وكان جزء من المسبحة خارج جيبه . واذا بأحد التلاميذ قد سحب المسبحة من جيبه حتى احس بمن يعبث بها , لم يلتفت ولكنه نظر من بين يديه فشاهد التلميذ العابث يداعب المسبحة ويبتسم ابتسامة بريئة ثم اخرج المسبحة ووضعها بحجره دون ان يلتفت , لم يبدر من المعلم أي تصرف يربك التلميذ . وبعد ان انتهى المعلم من الشرح حتى توجه ناحية السبورة قائلا للتلاميذ ان يضع كل منهم قراءته في حقيبته استعدادا للفسحة . لمح الصغير واذا به قد وضع المسبحة فوق الرحلة بين يديه يدعكها بقوة ثم يشمها , قرع الجرس وخرج الاطفال وبقي الطفل العابث في مكانه , والمعلم متشاغل عنه فتقدم الطفل مبتسما امام معلمه ثم قال .. استاذ مسبحتك مد المعلم يده لأخذها وحينها امسك الطفل يد معلمه وقبلها .. ثم قال : انا احبك يا استاذ
فانحنى المعلم بحنان وقبل راس التلميذ وهو مبتسم وخرج من الصف وفي ذهنه جملة استفهامات ؟؟
وبينما هو سائر في رواق المدرسة قابل المدير وسأله عن ملفات الطلاب . وبالتحديد ذلك الطفل وحينما اطلع على ملف الطفل تبين له ان والد الطفل استشهد في حادث ارهابي قبل بداية الدراسة بشهرين .
وبدأ المعلم بمراجعة الملف بإمعان .. كان الطفل يتمنى ان يشاركه والده يومه الاول في المدرسة... وبعيدا عن نظريات علم النفس اندفع الطفل لا شعوريا ان يجعل من معلمه الحنون ابا بديلا عن ابيه الشهيد
بدا المعلم يغمر الطفل بالرعاية والحنان واستمر في متابعته طيلة ايام العام الدراسي
وكان يشعر بالسعادة تغمر الطفل كلما اقترب منه او قدم له هدية
نجح التلميذ الى الصف الثاني ومعلمه يستمر برعايته كما لو كان ابنه . ففي يوم من ايام الدراسة كان الطفل يلعب كرة القدم فضربه احد زملائه .
انطلق الطفل باكيا الى غرفة المعلمين واتجه صوب معلمه ودموعه تسيل وقال :
:فلان ضربني : فقال له : ليس له حق
فقال: "قم أمنحني ضربة جزاء" فقال "حاضر "
خرج معه وأعلن احتجاجه وهدد الحكم (معلم التربية الرياضية )
فامتثل له الحكم وأخذ الصافرة وأعلن ضربة الجزاء وسدد الصغير الكرة.
وسجل هدفا وهتف وقفز فرحا وهو يقفز تضامنا مع الصغير وقال في سره
لن أنساك يا صغيري فأنت بعد الله من كنت سببا في لين قلبي
وعلمتني كيف تكون التربية والتعليم.. وسحقا للإرهاب الذي سلبك اباك .
كل مرة يسرد القصة تغالبه دموعه وهذه المرة أرهقته بحق. وصارت له حكمة في الحياة يرددها دائما :
تفقد حاجات من حولك فربما كنت باب الفرح في حياتهم ...