عندما ترى زجاجاً مضاداً للرصاص قد تظن للوهلة الأُولى أنه مطابق تماماً للزجاج العادي ولكن بمجرد بدء إطلاق الرصاص ستعرف أن هناك فرقاً كبيراً .
بمجرد إصطدام الزجاج العادي بقوة بأي شيء سيتهشم ويتناثر منه مئات القطع الصغيرة ، ولكن هذا ليس الحال مع الزجاج المقاوم للرصاص والمُصمم ليتحمّل
عِدّة طلقات من الرصاص اعتماداً على سُمكه ونوع السلاح الذي يتم إطلاق الرصاص مِنه .
ولعلّكم قد تسائلتم يوماً ما الذي يجعل هذا الزجاج مختلفاً عن الزجاج العادي
رغم التطابق الشديد بينهما ويسمح له بصدّ عِدة رصاصات مندفعة نحوه بسرعة تصل إلى 1220 كيلو متراً في الساعة ؟!
وإليكم الأجابة :
لكن في البداية دعونا نسأل هل الزجاج مادة صلبة أم سائلة ؟! في الواقع الزجاج نوع خاص من المواد الصلبة يُسمّى Amorphous solid
أو المواد الصلبة الغير متبلوّرة في هذه المواد تكون الذرات والجزيئات ثابتة غير متحركة ولكنها لا تُشكِّل بلورات بل مُوزّعة عشوائياً وبالتالي
فــ الزجاج ثابت ميكانيكياً مثل المواد الصلبة ولكنّه يملك توزيعاً غير مُنظّم لجزيئاته مثل السوائل ، تتكوّن هذه المواد عند إذابة مادة صلبة
في درجات حرارة مرتفعة جداً ثم تبريدها بسرعة وهو ما يحدث عند تصنيع الزجاج .
كل مُنِتج مِن مُنتِجي الزجاج المقاوم للرصاص له طُرقه الخاصّة في التميّز ، ولكن جميعهم يتّبِعُون منهجاً واحداً
وهو إضافة طبقة من مادة البولي كاربونات – Polycarbonate بين طبقتين من الزجاج العادي في عملية تُسمّى Lamination
أو “ التصفيح أو التغليف ” ينتُج عنها مادة سميكة تشبه الزجاج ، مادة البولي كاربونات هي مادة بلاستيكية
“ من البوليمرات البلاستيكية الحرارية ” شفّافة قوية تُعرف بأسماء أُخرى مثل Lexan أو Makroclear
الزجاج المُضاد للرصاص عادة ما يكون سمكه بين 7 و 75 ملّيمتر ، عند إطلاق رصاصة على هذا الزجاج فسوف تخترق الرصاصة الطبقة الخارجية
من الزجاج ولكن ستعمل الطبقة الثانية من مادة البولي كاربونات على إمتصاص طاقة الرصاصة وإيقافها قبل أن تصل إلى الطبقة الأخيرة من الزجاج .
سُمك الزجاج كما ذكرنا هو ما سيحدد قدرته على صد رصاصات أقوى ، فــ الرصاصة التي يتم إطلاقها من بندقية أو قنّاصة طاقتها وسرعتها
أكبر بكثير من تلك التي تم إطلاقها من مسدس عادي
الزجاج العادي غير مرن وبالتالي عند اصطدام رصاصة به سيتحطم مباشرة
في الزجاج المضاد للرصاص : عند إصطدام الرصاصة بأول طبقة سوف تتكسر ولكن الطبقة التالية ستكون مرنة وستعمل على إمتصاص طاقة الرصاصة المتبقية إلى أن تتوقف
هناك أيضاً زجاج مُضاد للرصاص مِن إتجاه واحد ليسمح لمن يتم إطلاق الرصاص عليه بالدفاع عن نفسه ، ويُصنع عن طريقإاستبدال طبقة البولي كاربونات التي ذكرناها
بطبقتين إحداهما هشّة والأُخرى مرِنَة .. عندما يتم إطلاق رصاصة على هذا النوع من الزجاج من الخارج فــ ستخترق الرصاصة الطبقة الهشّة في البداية ثم ستتناثر أجزاؤها
حول نقطة التصادم ( الأجزاء ستتكسر وتتناثر ولكن لن تتساقط لأنها متماسكة بفعل الطبقة التي تليها تماماً كــ زجاج السيارات الأمامي )
لتمتص جزء من طاقة الرصاصة عبر مساحة كبيرة ثم يأتي دور الطبقة المرِنَة لتمتص الجزء المتبقي من طاقة الرصاصه وتوقفها .
الآن تخيّل عندما يتم إطلاق الرصاصة من الداخل ستصطدم الرصاصة في البداية مع الجزء المرن وبالتالي ستكون قوة الرصاصة مُركّزة على منطقة صغيرة
مما ســ يتسبب في ثنيّ هذه الطبقة ثم ستتحطم الطبقة الهشّة نتيجة ذلك الضغط تلقائياً نحو الخارج وبعد ذلك ستخترق الرصاصة الطبقة المرِنَة .