مصاب شهيد الطف جسمي أنحلا * وكدر من دهري وعيشي ماحلا
فما هل شهر العشر إلا تجددت * بقلبي أحزان توسدني البلى
وأذكر مولاي الحسين وما جرى * عليه من الأرجاس في طف كربلا
فوالله لا أنساه بالطف قائلا * لعترته الغر الكرام ومن تلا
ألا فانزلوا في هذه الأرض واعلموا * بأني بها أمسي صريعا مجدلا
وأسقى بها كأس المنون على ظما * ويصبح جسمي بالدماء مغسلا
ولهفي له يدعو اللئام تأملوا * مقالي يا شر الأنام وأرذلا
ألم تعلموا أني ابن بنت محمد * ووالدي الكرار للدين كملا
فهل سنة غيرتها أو شريعة * وهل كنت في دين الاله مبدلا؟
أحللت ما قد حرم الطهر أحمد * أحرمت ما قد كان قبل محللا
فقالوا له: دع ما تقول فإننا * سنسقيك كأس الموت غصبا معجلا
كفعل أبيك المرتضى بشيوخنا * ونشفي صدورا من ضغائنكم ملا
فأثنى إلى نحو النساء جواده * وأحزانه منها الفؤاد قد امتلأ
ونادى ألا يا أهل بيتي تصبروا * على الضر بعدي والشدائد والبلا
فاني بهذا اليوم أرحل عنكم * على الرغم مني لا ملال ولا قلا
فقوموا جميعا أهل بيتي وأسرعوا * أودعكم والدمع في الخد مسبلا
فصبرا جميلا واتقوا الله إنه * سيجزيكم خير الجزاء وأفضلا
فأثنى على أهل العناد مبادرا * يحامي عن دين المهيمن ذي العلا
وصال عليهم كالهزبر مجاهدا * كفعل أبيه لن يزل ويخذلا
فمال عليه القوم من كل جانب * فألقوه عن ظهر الجواد معجلا
وخر كريم السبط يا لك نكبة * بها أصبح الدين القويم معطلا
فارتجت السبع الشداد وزلزلت * وناحت عليه الجن والوحش في الفلا
وراح جواد السبط نحو نسائه * ينوح وينعى الظامئ المترملا
خرجن بنيات البتول حواسرا * فعاين مهر السبط والسرج قد خلا
فأدمين باللطم الخدود لفقده * وأسكبن دمعا حره ليس يصطلى
ولم أنس زينب تستغيث سكينة (1) * أخي كنت لي حصنا حصينا وموئلا
أخي يا قتيل الأدعياء كسرتني * وأورثتني حزنا مقيما مطولا
أخي كنت أرجو أن أكون لك الفدا * فقد خبت فيما كنت فيه أؤملا
أخي ليتني أصبحت عميا ولا أرى * جبينك والوجه الجميل مرملا
وتدعو إلى الزهراء بنت محمد * أيا أم ركني قد وهي وتزلزلا
أيا أم قد أمسى حبيبك بالعرا * طريحا ذبيحا بالدماء مغسلا
أيا أم نوحي فالكريم على القنا * يلوح كالبدر المنير إذا انجلى
ونوحي على النحر الخضيب وأسكبي * دموعا على الخد التريب المرملا
ونوحي على الجسم التريب تدوسه * خيول بني سفيان في أرض كربلا
ونوحي على السجاد في الأسر بعده * يقاد إلى الرجس اللعين مغللا
فيا حسرة ما تنقضي ومصيبة * إلى أن نرى المهدي بالنصر أقبلا
إمام يقيم الدين بعد خفائه * إمام له رب السماوات فضلا
أيا آل طه يا رجائي وعدتي * وعوني أيا أهل المفاخر والعلا
يمينا بأني ما ذكرت مصابكم * أيا سادتي إلا أبيت مقلقلا
فحزني عليكم كل آن مجدد * مقيم إلى أن أسكن الترب والبلا
عبيدكم العبد الحقير محمد * كئيب وقد أمسى عليكم معولا
يؤملكم يا سادتي تشفعوا له * إذا ما أتى يوم الحساب ليسألا
فوالله ما أرجو النجاة بغيركم * غدا يوم آتي خائفا متوجلا
إذا فر مني والدي ومصاحبي * وعاينت ما قدمت في زمن الخلا
ومنوا على الحضار بالعفو في غد * لان بكم قدري وقدرهم علا
عليكم سلام الله يا آل أحمد * سلام على مر الزمان مطولا
ابن حماد
1- لفظ " سكينة " من السكون حال من " زينب " ويحتمل أن يكون تصحيف شكيمة وهي الانتصار من الظلم.