لم يكن العباس، عليه السلام، إماماً معصوماً، لكنه كان عالماً نافذ البصيرة كما يقول عنه الإمام الصادق، عليه السلام "كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة...".
لقد عرفنا العباس كرمز للوفاء والشجاعة و البطولة والإباء في معركة الطف، لما أبدى من استبسال وإقدام في تلك المعركة، فما الذي قام به العباس ليصبح أيضاً إلى جانب تلك الصفات نافذ البصيرة؟!
تشير الروايات إلى أن العباس وأخوته تلقوا عرضاَ مغرياً من قبل جيش بن سعد قبيل المعركة بيوم. يقدم شمر بن ذي الجوشن إلى العباس ومعه الأمان له ولإخوته.
في تلك الأثناء، ينادي شمر "أين بنو أختنا.. أين العباس وإخوته"؟
فما كان من العباس وإخوته، عليهم السلام، إلا الإعراض عنه وعدم الرد، لكن الحسين عليه السلام قال لهم "اجيبوه ولو كان فاسقاً".
عندها أجابوا شمراً بالقول "ما شأنك وما تريد؟".
فرد اللعين "يا بني أختي أنتم آمنون لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين و الزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد".
كان يأمر الشمر بنو أخته أن يظهروا الطاعة ليزيد بن معاوية إزاء إمامهم الحسين بن علي بن أبي طالب، عليهم السلام، مقابل الأمان بمنحهم فرصة العيش في هذه الحياة.
وهنا تجلت بصيرة أبي الفضل العباس، عليه السلام، في أبهى صورها عندما رفض عرض شمر وقرر أن يتمسك بولايته لإمامه الحسين، عليه السلام وآثرها مع إخوته على العيش في الدنيا بأمان.
يخاطب العباس الشمر قائلا: "لعنك الله ولعن أمانك تؤمننا وابن رسول الله لا أمان له وتأمرنا ان نـدخل في طاعـة اللعناء وأولاد اللعناء".
تقول الرواية فرجع الشمـر مغضباً.
حسين الخشيمي