الكثير من الثورات تعرضت الى السرقات كما نشاهدها في واقعنا المعاصر حيث يحاول البعض سرقة مكتسبات تلك الثورات من خلال وجود أجندة داخلية للنظام القديم الاستبدادي والذي يمثل الثورة المضادة غالبا او أجندة خارجية كالأجندة الإقليمية اومن قبل الدول الكبرى وهكذا نجد الان الكثير من المشاريع التي تحمل طابع المجتمع المدني او المدارس الدينية والأحزاب السياسية وراءها أموال هائلة فبعض منظمات المجتمع المدني تحمل طابعا اصلاحيا ولكن وراءها أجندة والمدارس الدينية التي تؤسس من قبل بعض الدول والحكام وراءها أجندة لكسب مؤيدين لهذه الدولة او تلك فالكثير من يحاول سرقة الثورات والانتفاضات والإنجازات التي تحققها الشعوب. واما بالنسبة الى ثورة الإمام الحسين ع فقد تعرضت للتشويه بشكل خاص من قبل الحكام الأمويين والعباسيين حيث اتهم الإمام الحسين ع بانه خارجيا والذي خرج عن طاعة الحاكم وتعرض أتباع الثورة الحسينية الى شتى صنوف التعذيب وذلك لسبب تمسكهم بمنطلقات الثورة الحسينية وتعرضوا عبر التاريخ الى شتى صنوف التشويه من قبل اعداء الثورة الحسينية في سبيل تهميش الثورة حتى لا تنتفض الشعوب ضد أولئك الطغاة وفي الوقت ذاته تعرضت الثورة الحسينية الى عدو داخلي ان كان بقصد ام بدون قصد من قبل اتباع الثورة الحسينية نفسها من خلال تمسك البعض في المبالغة في الأمور الشكلية وإهمال المضمون الثوري ، لذلك نجد هناك من يدافع عن الأمور الشكلية والالتزام بها وهناك الاتجاه الاخر الذي يركز على مضمون الثورة الحسينية لأنها هي الأساس وهي السبب الذي ضحى الإمام الحسين عليه السلام ع وقدم نفسه وأهل بيته لأرض الشهادة. وطالما حصل نزاع وصراع بين الاتجاهين وأما الاتجاه الذي يعتمد على الأمور الشكلية يركز على الجانب العاطفي كثيرا ويهمل المضمون ويحاول ان يحصر قضية الإمام الحسين ع الى حالة من المأساة لا غير . لذلك على الاتجاهين ان تكون لديهم الدراية بان المضمون للثورة هو الاساس والجانب العاطفي هو لادامة المضمون من الضياع والاندثار لابد من عاطفة ولابد من مضمون الثورة الحسينية الا ان المبالغة فيها هي المرفوضة خصوصا مع تجريد الثورة الحسينية من مضمونها الفكري والمسالة لها علاقة بالمستوى الفكري والثقافي فالذي يحمل فكرا واقعيا للدين يجد ضرورة الاهتمام بالمضمون بينما الذي له فهما بسيطا للدين حتى لو كان يحمل منزلة دينية نجده يركز على الشكل دون المضمون. ولقد كان كان سيدي الشهداء الحسين ع واضحا بان منطلق ثورته هو لأجل إحياء الدين لان الدين نفسه قد تعرض الى التشويه من قبل السلطة وزمرهم ووعاظهم لذلك كانت ثورة الإمام الحسين ع أساسا هي لأجل التصحيح ونجد قول الإمام الحسين عليه السلام بوصفه ( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحطونه ما دارت معائشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) وبهذا يثبت الامام الحسين ع بان اغلب ما يحرك الناس هي الدوافع المادية والمصالح الذاتية والحزبية , لان البعض من الناس يستغل الدين لمصالحه الشخصية او الذاتية ولان جانب الأهواء هي التي تحرك الناس الا من كان يحمل صفة التقوى والزهد والإخلاص والصبر والتوكل وغيرها من الملكات النفسية ، فحتى القصائد الشعرية الحسينية نجد ان هناك من يركز على الشكل وهناك من يركز على المضمون فهناك قصيدة قد تحمل قيم ثورية كقصيدة يا حسين بضمارنا للقراء المرحوم ياسين الرميثي وقد نجد في المقابل قصائد ولا تحمل أي مضمون فكري بل ربما فيها من الاساءات ايديولوجية الثورة وتصل حتى بعض الاحيان فيها سب وشتم فتكون في الحقيقة اساءة لثورة الحسين ع . لان الشخص او الاتجاه قد يحمل الطابع الثوري فهو قد يحمل شحنة عاطفية الا انه قد يخرج على المنهج القويم بعض الأحيان لان المبالغة في الجانب الثوري أيضا قد يوقعه في سلوكيات خاطئة لانه سبب الشتم اصبح قد لا يميز بين الحق والباطل والعدل والظلم بصورة دقيقة بسبب التعامل العاطفي بصورة مطلقة لربما فقد يؤدي به ان يؤيد الظالم من حيث يدري او لا يدري ،علما ان الموقف الشرعي يتطلب منه التوقف لا المدح ولا الذم وقد كانت وصية اهل البيت عليهم تصرح بضرورة الوقوف عند الشبهة وهذه الوصية كنز معنوي يزيد من وعي الناس الى الثورة الشريفة وخاصة اذا كان لا يملك عاطفة ومنهج ، وقد يقع بعضنا في الأخطاء في تقييم الشخصيات والأحداث والمواقف ، وهناك بعض القنوات الاعلامية تتحدث على الكثير بدون التدقيق في الاخبار مما يسبب الاساءة الى البعض فيقعون ضحية الانحراف والابتعاد عن الحقيقة ويعون في شبك الظلالة والانحراف .لذا على الفكر الثوري والثقافي الذي يسعى تحت راية سيد الشهداء ان تكون الثورة في قالبها الاصيل وهو الاصلاح ومحاطة بالعاطفة التي هي من السمات الانسانية النبيلة التي تشكل حلقة وصل بينها وبين المنهج الثوري الحسيني .

وقد روي عن الإمام الصادق(ع): ((إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (ع)، فإنه فيه مأجور)).
ولكن نتسال: هل أراد الأئمة عليهم السلام أن يكون البكاء على الحسين (ع) بالشكل الذي نجده الآن أم أنهم أرادوه بشكل آخر؟ وهل أرادوا من هذا البكاء الذي أكدوا عليه مراراً أن يكون هو الغاية أم أنهم أرادوا من وراءه أمراً آخر واتخذوا من البكاء وسيلةً للوصول لهذه الغاية؟!
كما افهمه ولقصور علمي أعتقد بأن الحث والتأكيد على البكاء من قبل المعصومين عليهم السلام، ما هو إلا وسيلة لربط الناس بالإمام الحسين(ع) وبنهضته وبأهدافه ، أي أن البكاء وإن حثوا عليه فإنهم لم يحثوا عليه لأجل ذاته (البكاء للبكاء) وإنما هو وسيلةً لضمان تفاعل الأمة وارتباطها مع قضية الحسين (ع) الخالدة إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي . السلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .