دخلت إلى غرفة طبيب الأطفال وهي تشق الزحام و تحمل طفلها بين يديها واضعة عباءتها فوق رأسها، وبدت في هيئتها المتواضعة لطبيب الاطفال وكأنها أم ليس لديها أي ثقافة طبية أو علم بوضع طفلها وحالته

أخذ الطبيب يوجه لها النصائح والتوجيهات كانت بالنسبة لها من المسلمات وتمثل الجزء القليل من ثقافتها الصحية التي اكتسبتها من خلال رعايتها وتطبيبها لأطفالها في مراحل اعمارهم المتفاوتة

كانت تتجاوب مع إرشاداته وتجيب على أسئلته بشكل لم يتوقعه من امرأة تلبس عباءة ساترة غير مزركشة فوق رأسها ً

سألها باستغراب : هل أنت متعلمة؟

فردت بفخر: أنا مدرسة

تساءل: أتحملين البكلوريوس؟! قالت: بل احمل الماجستير . وحصلت عليها من المع الجامعات. فكأنها قد قالت كلمة السر التي فتحت لها جميع الأبواب المغلقة.. وتغير أسلوب الطبيب معها فانحرف 180 درجة

عرض عليها جميع الخدمات التي تستحقها والتي لا تستحقها حتى الإجازة المرضية عرضها عليها في حال حاجتها اليها

أما عن علاج طفلها: فأخذ يعاينه بدقة غير ابه بطابور المنتظرين وكأنه لم يزجر احدا قبل قليل أبدا وكأنه انسان اخر غير الذي رأته عندما دخلت الغرفة وقال لها اطلبي من الأدوية ما تحتاجين فكلها متوفرة في صيدلية المستشفى .

سؤال حيرها والاخرين ؟ هو لماذا ينظر إلى المرأة التي تضع عباءتها بشموخ وكبرياء فوق رأسها وكأنها امرأة متخلفة قد فاتها ركب التقدم والرقي

لماذا هي دائماً تنادى بـ "خالة" حتى إن كانت في مقتبل عمرها، في حين أن من تلبس الملابس المزركشة الضيقة ينظر إليها وكأنها سيدة قومها وتحمل أعلى الشهادات وأقلها أنها تنادى "ست" و "آنسة" حتى وإن كانت قد تخطت مرحلة الشباب بسنوات عدة

أمر غريب وزمان عجيب! فعندما يتمسك الإنسان بقيمه ومبادئه ينظر إليه وكأنه إنسان جاهل ومتخلف، وعندما يجرفه التيار ويتخلى عن أمور كانت تعد من الأسس ويركض خلف مفاهيم مستوردة ينظر إليه وكأنه يمثل الرقي والتحضر

ترى أين الخلل؟ هل أصبحت هذه المفاهيم الجديدة المستحدثة تؤثر في قيمنا ومبادئنا؟

هل أصبحت قيمتنا ومكانتنا في المجتمع بقدر انسلاخنا وبعدنا عن اخلاقنا ومبادئنا ؟

أكلما اقتربنا في هيئتنا ومظهرنا من النموذج الغربي أصبحنا نبدو للناس أكثر رقياً وأجدر بالاحترام؟

هل أصبح المظهر أساس مقياسنا على الشخص دون النظر إلى جوهره وما قدم لمجتمعه من خدمات وتضحيات وما يحمله من علم ودين؟

هل حقاً أصبحنا في زمان أخبر عنه الرسول الكريم صلى الله عليه واله بأن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر في راحة يده ؟