مقبرة البقيع
مكة المكرمة والمدينة المنورة همّا من أكثر الأماكن الطاهرة على الأرض، فالمدينة المنورة تحتضن قبر سيد البشريّة الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجد النبوي الشريف، وإلى الشرق من المسجد النبوي لا بدّ من التحدث عن البقيع أو مقبرة البقيع، وهي المقبرة التي كانت قبل الإسلام وبعده، فمقبرة البقيع هي مكان طاهر ومشرّف وتضم عشرة آلاف من جثامين الصحابة الطاهرين رضوان الله عليهم.
ومقبرة البقيع مكان غنيٌ عن التعريف، فالزائر للمدينة المنورة لا بد من أن يزور هذا المكان، ويدعو لأهله بالرحمة والغفران، وسُمّي البقيع بهذا الاسم نسبة إلى نبات بقيع الغرقد، أو نبات العوسج الذي كان ينتشر في تلك البقعة، وتقع مقبرة البقيع جنوب شرق سور المسجد النبوي الشريف، وكانت المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، فطول المقبرة لا يتجاوز الثمانين متراً، فكانت تحيط بها المزارع من الشرق والجنوب والشمال، وفي عهد الإسلام أمر الله تعالى رسوله بأن تكون مقبرةً للمسلمين، وكما نعلم أنّ الإسلام بدأ في مكة، والمقبرة موجودة في المدينة وكان يُدفن أهل المدينة فيها، ولكن من أول من دفن في البقيع من المسلمين؟


عثمان بن مظعون أول من دُفن في البقيع
هو أول صحابي من المهاجرين مات في المدينة المنورة ودُفن في البقيع، هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي، وأمه سخيلة بنت العنبس وكنيته أبو السائب، وُلِد في مكة المكرمة وأسلم في الثلاثين من عمره، وهو الصحابي الرابع عشر من السابقين للإسلام، في بداية إسلامه تعرّض لأذى المشركين فهاجر للحبشة، وكان أميراً على فوج المهاجرين للحبشة، ثم عاد مرة أخرى لمكة المكرمة، ثم هاجر للمدينة المنورة ومكث فيها.
شارك مع الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة بدر، وبعد عدة أيام من الغزوة وانتصار المسلمين مرض مرضاً شديداً، وعثمان بن مظعون من الصحابة الذين أحبهم الرسول عليه الصلاة والسلام، فزاره في بيته ليطمئن عليه في مرضه، ولكن وافته المنية فكان أول صحابي توفي في المدينة، ودُفن في البقيع في السنة الثانية من الهجرة، فعندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بوفاة عثمان بن مظعون ذهب إليه وبكى عليه طويلاً، فأمر الرسول الصحابة أن يدفنوا عثمان رضوان الله عليه في البقيع؛ لأنها كانت مقبرة المدينة ومقبرة المسلمين.
وكان أول صحابي من الأنصار دُفن في البقيع هو أسعد بن زرارة رضي الله عنه، ونذكر أنّ عثمان بن عفان رضي الله عنه دُفن في البقيع، وكذلك زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام ما عدا زوجته خديجة بنت خويلد، وميمونة رضوان الله عليهن أجمعين، ودُفن فيها أيضاً ابنه إبراهيم، وعمّتاه صفية وعاتكة، والكثير من الصحابة وآل البيت سلام الله عليهم أجمعين.

منقول