قويةُ هي أمواجكِ أيها البحر و عَتيقُ هو شراعُ سفينتي
وبالرُغم من هذا فإن بي شوقُ يَشدني إليكِ
و كأنني لمْ أتَذّوق ملذات الحياة إلا من بين أمواجِك
فرفقاً بي أيها البحر فأنا من تجوز عليه الشفقة
أحببتك أيها البحر لأن في شواطئكِ تكمن ذكريات رفيقتي
ومن مياهكِ يفوحُ عطرها و على رِمالكِ تتلألأ آثار أقدامها
أما الآن فلمْ يبقى لي غيرَ الذكرى أنيساً
و لعلك تعلمْ مثلي أيها البحر كم مؤلمةُ هي الذكرى للقلوب
أجَل أيها البحر لَقدْ حلّت الأشجان و المآسي محل رفيقتي
و صارت الشفاه تهذي فتخرج من ثناياها همسات
تتطاير في الفضاء فيمتَزجُ صوتها بولولة الرياح
و لستُ أدري إن كانت الرياح تنقل إليك همساتي
أيها البحر أم أنها تتلاشى في فضاء الأبدية
أجل أيها البحر لقد أصبحت بعد رحيل رفيقتي مثل سفينة تفتقد مرساها
لذا ترى أمواجك تقلبني كيفما شاءت و متى ما شاءت
طيفها يتراقص أمام ناظري مثلما تتراقص أمواجك الهائجة
القلب يشكو من لوعته و الآهات لا تنقطع و لا تغني عن حنين
فمن يطفئ نيران شوقي و من يخمدُ لهيبَ فؤادي
غريقُ أنا فمن يُغيثني أيها البحر سوى رؤية رفيقتي
السماء التي جعلتك هائجاَ أيها البحر
هي نفسها التي زرعتْ بذور محبتها في أحشائي
فلا تضحكْ من بكائي فهي وليدة بحرٍ من الأشجان و المآسي .
عرفتها زهرة أيها البحر
يفوح عبقها بين الرياض و يسري في الأودية
مثلما تسري المياه في الساقية و لحناَ يخرجُ من الناي فيخترقُ السمعَ
و تتراقص على أنغامه أرواحُ الموتى و تسبحُ في الفضاء
فكيفَ لا أشكو لوعةَ الفراق أيها البحر ؟.
.
.
للكاتب (عادل بلّو)