هههههههه .. كل هذا ونحن طوينا صفحة البنيوية دون أن ندخل فيها واكتفينا بالإشارة لها .. وإلا فالبنيوية معقدة جداً .. وما نحن بصدده من مناهج ونظريات ما بعد الحداثة على جانب من التعقيد والإعضال لا يستهان به .. ومرة بعد أخرى تذلل المصاعب .. ويبقى الأمر في حدود تصور أولي عنها فحسب .. راجعي سيدتي راجعي هههههه .. أنا من يشعر بالامتنان لمتابعتك سيدتي وبقية الأخوة والأخوات .. شكراً لك ولهمالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة fairy touch
الحلقة السابعة
نتحدث في هذه الحلقة عن النقد الثقافي وعلم السرد كمتممات لحديثنا عن المناهج والنظريات التي جاءت بعد عصر الحداثة ، ليكون حديثنا هذا عتبة النهاية في الجانب النظري ، وستكون الحلقة المقبلة هي آخر حلقات هذا الجانب ، وسنبدأ مع النقد الثقافي ، ولكي نحافظ على التسلسل المنهجي في عرضنا لهذه النظريات والمناهج سيكون النقد الثقافي خامسها وعلم السرد سادسها .
5 ـ نظرية النقد الثقافي
نشأت هذه النظرية في البداية بوصفها إجراء نقدياً ولازال بعض النقاد يعدها كذلك ، والأمر مع النقد الثقافي يختلف في كونه لا يستهدف الجانب الأدبي في النص بل إنه لمعني بالبحث عن الأنساق الثقافية التي تختبئ خلف النص ، وينشغل في حفرياته العميقة في النص ليجد ما غرسته الثقافة وما عبرت عنه من خلال النص ، إذن لا بد أن ندرك منذ البداية هذا الفارق بين النقد الأدبي والنقد الثقافي ، فالأول معني بالأدب وأساليبه وكل ما يتصل به وهو في فعالية القراءة إنما يبحث في حدود النص عن كل ما يتعلق بالأدب ويتصل به ، أما النقد الثقافي فهو غير معني بهذا إنما تنصب عنايته على ما قالته الثقافة في النص ومن خلاله وكيف قالته وما هي وسائل وتقنيات وإمكانات التعبير التي مكنتها من ذلك وبالتالي فإن ثمة أنساق ثقافية في النص يبحث عنها النقد الثقافي ، ولعلكم تذكرون حديثنا عن الثقافة وفاعليتها في النص وكيف أن النص إنما ينطق وينطلق من ثقافته ، هنا يكون النقد الثقافي معني بالحفر في بنيات النص ليجد الأنساق الثقافية ، ولكن ما هي الأنساق ؟ لعلنا نبسط الأمر كثيراً حين نعرف أن النسق الثقافي إنما يعني فيما يعني ، مجموعة معينة من السلوكيات الحضارية والاجتماعية التي تخص مجتمعاً معيناً ، تلك السلوكيات التي تتوافق أحياناً وتتماثل أحياناً وتتآلف أخرى لتتعاضد وتشكل نسيجاً معيناً يؤيد أو يشكل ملمحاً واضحاً وبارزاً في السلّم القيمي لمجتمع ما ، وبمعنى آخر فإن قيمة الكرم مثلاً عند العرب لها عدة مظاهر تتجلى من خلالها كالإسراف في إقراء الضيف وإيثار الضيف على النفس والجود بأعز ما يملك في سبيل الضيافة كذبح الفرس وغيرها من تلك المظاهر ، إن تلك المظاهر إنما هي سلوكيات متعاضدة ومتآلفة ضمن سياق واحد هو سياق الكرم وذلك السياق هو ما ندعوه بالنسق وعلى ذلك أعزائي يمكنكم قياس بقية الأنساق ، و ( النسق ) هو مفهوم أساسي وجوهري في النقد الثقافي وإجراءاته ، وبالتالي فإن له أهمية كبرى في القراءة المستندة للنقد الثقافي ، على أن النسق قد يختص بثقافة معينة أو يتجاوزها ليعم ثقافات متعددة كما في نسق الفحولة الذي يتجاوز الثقافة العربية مثلاً ليعم لثقافات متعددة حتى المتقدمة منها والتي تنادي بالمساواة بين المرأة والرجل ، وبمناسبة الحديث عن المرأة والرجل والعلاقة بينهما فإن ( النقد النسوي ) هو إجراء من جملة إجراءات النقد الثقافي وقد كان له دور كبير في التأسيس للنقد الثقافي وإبرازه كأحد وجوه نقد ما بعد الحداثة وتنصب اهتمامات النقد النسوي في طبيعة نظرة الثقافة للمرأة وكيفية تعاطيها ـ الثقافة ـ مع المرأة ، وفعاليات القمع التي مورست ضد المرأة من قبل الثقافة المهيمنة والمؤسسة الثقافية التي تصدر في خطابها عن الفحولة الذكورية الطاغية التي تقمع المرأة وتحد من حركتها ونشاطها ، وعموماً فإن النقد الثقافي يمارس فعالياته كما سبق أن أشرنا للثقافة كاشفاً ومعرياً أنساقها التي تمارس التخفي في النصوص وتعبر من خلالها إلى الأذهان لتبث رؤيتها دون أن يشعر المتلقي بها أو يحتج عليها مع أنه لو وقف لوهلة وناقش تلك المقولات التي أصبحت كالفرضيات المسلم بصحتها لما قبلها مطلقاً ، ولكنها سلطة النص الأدبي على المتلقي ، إنه فعل الأدب الذي يمكن تشبيهه بالعبارة الشهيرة ( دس السم في العسل ) وأبسط مستوى يمكننا التدليل عليه يتمثل في النكت التي يتداولها المجتمع عن المرأة ، وخذوا عندكم أعزائي بعض المفردات المعنوية التي تتكرر ولاحظوا أن التكرار له هدف التوكيد ( المرأة ثرثارة ، المرأة غير وفية لزوجها ، عقل المرأة سطحي يبحث عن أحمر الشفاه فحسب ، الرجل حكيم والمرأة سفيهة ، الرجل صبور وهي جزوعة ، الرجل حاكم وهي محكومة ) كل تلك المفردات المعنوية نجدها في النكت التي تنتشر في المجتمع بيننا دون أن نعي الأنساق التي تتحرك خلفها ، ويمكننا التدليل على نسق الفحولة مثلاً في قول الشاعر :
إني وكل شاعر من البشر
شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
فالبيت يحمل نسق الفحولة ويصرح به بشكل مكشوف ، إنه الاعتداد بالذكورة ، ومن المسائل التي تناولها النقد الثقافي ما يسمى بــ ( الجمهوري ) المقابل للـــ ( النخبوي ) ويعني به وسائل التعبير التي يجنح لها الجمهور المقصى عن مسرح التعبير والذي تمارس ضده المؤسسة الثقافية المهيمنة بوصفها سلطة النخبة الإقصاء والتهميش من خلال عدم الاعتراف بناتجه الثقافي أدباً وفناً وكل ما يتصل بوسائل التعبير الثقافي ، ومثاله الناتج الثقافي للسود في أميركا كالأغاني الشعبية لهم ومجمل الممارسات الثقافية التي يتميزون بها وتتفرد عن غيرها من الثقافات .
وتتعدد أشكال وأوجه تعاطي النقد الثقافي وأساليب ممارساته والمسائل التي يتعاطاها ولكن ما أشرنا إليه هنا سيفي بغرض إعطاء صورة واضحة عنه .
6 ـ علم السرد
تمتد جذور علم السرد لما قبل الحداثة ، فقد ظهرت بداياته في أكناف ( الشكلانية الروسية ) التي سبقت البنيوية ، ويهتم علم السرد بفنون القص من ( أقصوصة ، قصة قصيرة ، رواية ) وقد شاعت في وقت متأخر نسبياً الكثير من الدراسات السردية في أجناس أدبية أخرى غير ما ذكرنا من فنون القص فتناولت الكثير منها الجوانب السردية في الشعر وما إلى ذلك ، عموماً يمكننا تصنيف السرد إلى :
ــ السردية الوظائفية /
وتتمثل في منهج ( بروب الوظائفي ) الذي يعتمد على أساس الوظيفة ، بمعنى أن لكل شخصية في القصة مثلاً وظيفة معينة وتتعدد الوظائف مع تعدد الشخصيات ، وهذه الوظيفة التي تختص بشخصية معينة هي العنصر الفاعل ، ومن الجدير بالذكر أن منهج ( بروب ) هذا مختص ( بالخرافة الروسية ) وهو منهج للتصنيف ، ولكي نفهم الممارسة المستندة لهذا النوع من السردية فإن أول ما يجب علينا فعله ونحن نقرأ هو البحث عن وظيفة كل شخصية من الشخصيات ، وعموما فإن الاشتغال على هذا النوع من السرد قرائياً لن ينتج شيئاً سوى الوظائف ، ويواجه الاشتغال المستند لهذا النوع على النصوص الأدبية معارضة منهجية من قبل الأستاذ الدكتور حسين عبود الهلالي أستاذ مادة النقد في كلية التربية بجامعة البصرة الذي يوضح بأن هذا المنهج ـ منهج بروب ـ إنما وضع لغاية تصنيفية ، بمعنى أنه ـ بروب ـ وضعه لأجل تصنيف الخرافة الروسية كما لو كنا بإزاء نوع من أنواع الأحياء التي تشغل مكاناً على سلم التصنيف العلمي .
ــ السردية الشكلية /
وهو النوع الثاني ، وقد برع فيه ( غريماس ) ، وقد أخذ هذا النوع الحيز الأكبر في الممارسة السردية على النصوص ، ولتبسيط موادها المعقدة نقول بأن هذه السردية تبحث في ( عناصر البناء السردي ) التي تتلخص في :
1 ـ الزمان
2 ـ المكان
3 ـ الحدث
4 ـ الشخصيات
كما تبحث في التقنيات التي يعتمدها السرد في التعبير ، وطرق إنجاز المادة السردية ، وكيفية الإنجاز القصصي فيما لو كان معتمداً على الأحداث مثلاً أو على الحوار ، والكثير الكثير من الجوانب التي تداخل إنتاج القص .
وفي جانب الزمان مثلاً تتعدد مظاهر السرد ويمكننا الإشارة مثلاً لتقنيتي ( الاستباق ) و ( الاسترجاع ) وتقتضي الأولى أن يسبق زمن السرد لزمن المستقبل والتنبؤ بما سيحدث مثلاً أو مظاهر أخرى ينتقل فيها السرد من الزمن الحالي لزمن المستقبل ، أما التقنية الثانية فيتم فيها الرجوع للزمن الماضي كما يحدث في الارتجاع الذي تباشره ذاكرة شخصية من شخصيات القصة وهكذا في كل مظهر يعود فيه القص من الزمن الحاضر إلى الماضي .
وفي المكان يمكن أن نشير لأنواع المكان ( المحبب ) ( المبغّض ) ( الواقعي ) ( التخيلي ) .....الخ من أنواع الأمكنة ، فالمكان المحبب هو المكان الذي يمثل حيز اطمئنان الشخصية كبيته أو مدينته التي ولد فيها مثلاً ولاقى فيها تجربة إيجابية ، أما المكان المبغّض فيمكن التدليل عليه بــ السجن أو مدينة غريبة أو مكان الغربة ، وهو أي مكان تلاقي فيه الشخصية تجربة سلبية ، كما أنه لمن الممكن أن يكون المكان المحبب مبغضاً أو العكس وتتحكم في ذلك التجربة الذاتية للشخصية وعوامل أخرى متعددة .
أما في الحدث فيمكننا الإشارة أيضاً لأنواع الحدث وما هو رئيس منها وما هو فرعي ، الحدث المؤثر في السرد والمشكّل لمحور القص ، والحدث الذي يكون مساعداً لا محورياً .
وفي الشخصيات يمكن الإشارة أيضاً لأنواعها وبعيداً عن المصطلح يمكن التمثيل لذلك بنوعين هما : الشخصية البسيطة و الشخصية المعقدة ، والأولى تتميز ببساطتها واعتمادها سياقاً واحداً في الظهور على مسرح القصة فهي لا تتطور ولا تنمو كما لو كنا بإزاء حارس المبنى الذي يقتصر دوره في القصة على حراسة المبنى فحسب فهذه الشخصية تبقى على وتيرة واحدة من التشكل والظهور في القصة ، ويمكن توقع تصرفاتها مسبقاً لأنها بسيطة ، أما الشخصية المعقدة فهي على العكس من ذلك كما لو كنا مع شخصية لبطل القصة فهو يتميز بالتعقيد إذ قد لا يصرح السرد بعمقه وإنما يكتفي بجانب أو جوانب منه ويخفي بقية الجوانب ليفاجئ بها القارئ في وقت لاحق ويصدمه ، إنها الشخصية العميقة والتي تظهر في القصة بشكل فاعل وكلما مر زمن السرد تطورت معه تلك الشخصية ونمت .
وبشكل عام فإن علم السرد يتناول قضايا معقدة وعميقة جداً كطبيعة وشكل وكيفية بناء عناصر البناء السردي المتقدمة كما في : كيف تم بناء الحدث ، الشخصية ، الزمان ، المكان ؟ ويعالج كل جوانب وتفاصيل التمظهرات السردية ، باختصار فإن السرد عالم من التعمق والبحث والاستكشاف ، ولكننا هنا عرفنا بأهم مفرداته لنحقق تصورنا عن علم السرد بأيسر الطرق وأبسطها . وقد أعرضنا عن الأمثلة هنا لوضوح المادة كما أحسب ولتقصي الاختصار .
أرجو أن أكون قد وفقت في ما عرضته لكم أعزائي ، لم يبق أمامنا سوى الحلقة الأخيرة من حلقات الجانب النظري ، وسنكون بعدها مع المادة التطبيقية ، لكم خالص الود والتقدير .. وشكراً لكم على حسن الإصغاء .
مشكور استاذ عمار على ما قدمت لنا من دروس نافعة ونرجو منك ان تتوسع في الامثلة على قدر المستطاع
لك ودي وامتناني
عفواً أستاذ مازن .. حسناً سيكون في حساباتي في الحلقات القادمة الإكثار من الأمثلة .. شكراً لك سيدي العزيز
دامت انثيالاتك أستاذنا .... أتمنى لو تتطرق إلى مفهوم ( الكائن والممكن في القراءة ) لا أدري إن كنت تطرقت إليها في مباحث نظرية التلقي ؟ ! محبة ..... لأنني أود البحث فيها حقيقة فلعلك تبرق لي بشيء ينجيني من حيرتي في الانتقاء .... سلاما
شكرا لك استاذ عمار بالفعل افضل من الدرس الماضي ههههههههههه
سانتظر الدرس الاخير لاطرح بعض الاسئلة باذن الله
كائن وممكن؟؟ اتمنى الا يكون ممكنا
ههههههههههههههههه اين تفرين ؟ لاتدخلي هذه المعتركات ههههههههههههههههكائن وممكن؟؟ اتمنى الا يكون ممكنا
الشاعر والناقد الاستاذ سراج .. ممتن منك صديقي .. الحق أنني ما تطرقت إليه مباشرة .. سأحاول تداركه بمشيئة الله وإن كان واسعاً ومتشعباً الحديث عنه كما تعرف .. شكراً على كرم التقييم سيدي .. يشرفني أنك هنا .. كل الود
الرائعة ليديا .. الحمد لله أنه كذلك هههههه .. حسناً سننتظر أسئلتك حينها .. متشرفاً بالإجابة عنها .. ممتن لكرم التقييم .. خالص الود
رد مع اقتباس