الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من اعلام الصادقين فقيه آل البيت وشاعرهم وخادمهم والمخلص في مودته لهم المرحوم العلامة الحاج كاظم الازري وهو علم من الاعلام ومنارة من مفاخر الصادقين في خط اهل البيت، الحاج كاظم الازري هو من مواليد بغداد عام 1143 هجرية قمرية وقد درس العلوم العربية والاصول والفقه في بواكير صباه حتى برز من بين فضلاء عصره الا انه كان مولعاً بالادب وكان سريع الخاطر حاضر النكتة مرهف الحسن قوي الذاكرة وقاد الذهن فأخذ ينظم الشعر وهو لم يبلغ العشرين من عمره وصارله موقع بين الادباء والعلماء في عصره وكان المرحوم كبير علماء الوقت آنذاك السيد مهدي بحر العلوم(رض) يقدمه في مجلسه على الآخرين تقول السير انه مثلاً مجلس السيد بحر العلوم يعج بالعلماء لكن اذا دخل هذا الفتى كان يعطيه موقعاً غير الآخرين وهذا طبعاً تقييم لعلمه ولم يفارقه السيد بحر العلوم لبراعته في المناظرة وقوته في المخاصمة اشتهر الحاج كاظم الازري بكثرة حساده واعداء قالوا عنه انه كان لا يفارق سلاحه خشية على نفسه من الاعداء والحساد وقد ذهب المرحوم الازري الى بيت الله حاجاً عام 1162 هجرية وفي ذلك اليوم كان الرواح امراً متعباً فلما وصل الديار المقدسة بعد ثلاثة اشهر قضاها في الطريق نظم قصيدة وقال في مطلعها:انخ المطي فقد وفدت على الحمى
والثم ثراه محيياً ومسلما
وللمرحوم الازري كثير من القصائد في الكثير من المناسبات الا ان اكثر ما يطغى على شعره هو نظمه في آل البيت هينئاً له خصوصاً قصيدته التاريخية الهائية التي هي بحق ملحمة في ملاحم الشعر العربي هذه القصيدة سمع بها كل محب لآل البيت وهي تربو على الالف بيت الا ان خصوم اهل البيت عملوا على اتلافها فضاع الكثير منها وسلم بعضه ومطلع القصيدة يبدأ متعزلاً:لمن الشمس في قباب قباها
شف جسم الدجى بروح ضياها
ويستمر في الغزل الى حدود خمسين بيتاً ثم يعرج على ذكر النبي وفضائله مبتدأ من هنا يصف النبي:معقل الخاقين من كل خوف
او فر العرب ذمة اوفاها
مصدر العلم ليس الا لديه خبر
الكائنات من مبتداها
وهكذا يستمر في سرد صفات النبي وفضائله حتى ينتهي الى هذا البيت:لا تجل في صفات احمد فكراً
فهي الصورة التي لن تراها
ثم يحول النظم من النبي فيذهب صوب علي(ع) فيقول:ملك شد ازره بأخيه
فأستقامت من الامور قناها
يشير الى الآية سنشد عضدك بأخيك يعني حديث المنزلة علي مني بمنزلة هارون من موسى قول الرسول(ص)، ويستمر الازري في سرد فضائل علي(ع) في حدود مئة وخمسين بيتاً وهو لا يترك فضيلة للامام علي او صفة من صفاته الا ويذكرها الى ان يقول:ولا قدامه تزول الرواسي
والمقادير تقشعر حشاها
كم له من مواهب مردفات
هي كالشمس لا يحول ضياها
وفي القصيدة فصل او فصول في فضح خصوم اهل البيت وكشف نقاط ضعفهم وزيفهم وقد شطرت هذه القصيدة عدة مرات وكما خمست عدة مرات وقد شرحها البعض شرحاً وافياً ومن اجمل وابرع ما في هذه القصيدة هو المقطع الخاص بالزهراء(ع) وظلامتها حينما يقول:سل بأبطال قولهم سورة النمل
وسل مريم التي قبل طاها
تعظ القوم بأتم خطاب
حكت المصطفى به وحكاها
ايها القوم اي بنت بني
عن مواريثها ابوها زواها
لدى المرور بشعر المرحوم الحاج كاظم الازري يشعر القارئ والمستمع بأنه من الشعر الذي ينطلق من القلب الى القلب في وقعه وتأثيره وهناك له روائع من الشعر وقصائد بعد هذه القصيدة العملاقة مثلاً قصيدته في الحسين(ع) وهي مليئة بالحكمة والموعظة يقول فيها من جملة ما يقول:اشفي زمانك ما استطعت نبيلا
واترك حديثك للرواة جميلا
ولعزك استرخص حياتك انه
اغلى والا غادرتك ذليلا
الغر مقياس الحياة وظل من
عد مقياس الحياة طولا
قل كيف عاش ولا تقل كم عاش
من جعل الحياة الى علاه سبيلا
لا غرو ان طوت المنية ماجداً
كثرت محاسنه وعاش قليلا
وقد تأثر العلماء والفضلاء بشعره واتخطر ابان طفولتي عندما كنت ارتقي الاعواد في النجف بصورة قارئ مقدمة كنت اقرأ احياناً في مجالس المراجع مقاطع من شعره فكنت الاحظ كبار المراجع واعاظمهم يهتز لمعاني شعره، وفي هذا الخضم يعني تأثر العلماء والفضلاء بشعره فيروى عن العالم الكبير الشيخ المرحوم محمد رضا المظفر من اساطين علماء النجف يروي عن المعظم الفحل الاكبر في الفقه الشيخ محمد حسن صاحب موسوعة الجواهر انه حينما كان يمر بهذه القصيدة او يسمع بعضاً منها كان يردد كلمته بأنه حاضر بأن يبادل الازري ثواب موسوعته الجواهر بكاملها بثواب هذه القصيدة يروى ان المرحوم السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي لما سمعها اول مرة من خطيب قام ونهض واقفاً وكانت حالة ملفتة للنظر والسيد بحر العلوم له موقعه هذا الفعل له دلالته فالناس التفتوا لماذا؟
فأجاب بأن هذه القصيدة تستحق بأن اقف اجلالاً واحتراماً لها وهذا ليس غريب، الامام الصادق كان يقول ويردد من قال فينا بيتاً من الشعر بني الله له بيتاً في الجنة فكيف برجل ينظم في قصيدة واحدة الف بيت غير القصائد الاخرى، هينئاً له وياليتنا كنا من خدامه واختتم حديثي عن الشاعر الحاج كاظم الازري ان من روائع شعره قصيدته في بطل العلقمي ابي الفضل العباس فقد نظم هذه القصيدة وقالوا بأن المرحوم الازري نظم المطلع وتوقف اولاً القصيدة:اوما اتاك حديث وقعة كربلا
انى وقد بلغ السماء قتامها
ثم نظم البيت الثاني:يوم ابوالفضل استجار به الهدى
يعني الحسين(ع) فكأنه توقف يعني اعتبر هذا امركبير وثقيل فالحسين يستجير بأبي الفضل العباس وترك القصيدة ونام، قالوا واذا في المنام وهذه من انواع الرؤيا الصادقة وشاهد الحسين(ع) وهو يقول اتمم ما نظمت اني استجرت بأخي ابي الفضل العباس فنهض من منامه بعد صلاة الفجر واخذ ينظم:يوم ابوالفضل استجار به الهدى
والشمس من كدر العجاج
الى ان يصف مصرع ابي الفضل:اليوم نامت اعين بك لم تنم
وتسهدت اخرى فعز منامها
اليوم غاب عن الكتائب كفشها
اليوم غاب عن الصلاة امامها
هنيئاً له على هذه العاقبة والنهاية نسأل الله له علو الدرجات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.