دبي - إسماعيل نعار
أعادت وفاة أحد أبرز نجوم ظاهرة "التفحيط" في السعودية الأسبوع الماضي، إلى الواجهة النقاش حولها، في خضم القوانين الصارمة التي أقرتها الحكومة في الآونة الأخيرة.
فوفقا لإحصاءات رسمية، يتعرض سائق واحد على الأقل لحادث مرور كل ثانية، فيما يلقى ما لا يقل عن 20 شخصا، أغلبهم من الشباب، حتفهم يوميا لأسباب تتعلق بالسرعة أو التفحيط أو القيادة الخطرة أو لعدم الانتباه.
وتحولت "ثقافة" الاستمتاع الخطر بالقيادة إلى ظاهرة في السعودية، لدرجة أنها اتخذت لها اسما خاصا بها هو "التفحيط". وهو يعني الاستعراض والمناورة بإطارات المركبة حد الاشتعال في بعض المرات، أمام تجمع غفير من الشباب المولع بالسيارات.
وأعلنت السعودية قبل أسابيع عدة قوانين جديدة لتطويق الظاهرة، شملت فرض غرامات وأحكام تصل للسجن، من ضمنها فرض غرامة بـ20 ألف ريال سعودي على ممارس التفحيط للمرة الأولى وحجز العربة لأسبوعين، مع التدرج في التشديد لتصل إلى السجن وغرامة بـ60 ألف ريال زيادة على الحجز الدائم للسيارة.
"هواية وطنية"؟
وقال المصور الفوتوغرافي السعودي عرفان ماتشاران، الذي يعد أحد مشاهير متابعي قطاع السيارات لموقع "
العربية" بالإنجليزية إنّه "يُنظر للتفحيط على أنه رياضة شعبية وطنية تماما مثل كرة القدم"، مضيفاً أنه يشعر بالأسف لكونه لا يستطيع تصوير كل السائقين في الشوارع والطرق السريعة "لأن الكثيرين لا يسمحون بالكشف عن وجوههم أو أرقام لوحات سياراتهم خشية الملاحقة من قبل السلطات".
ومن الواضح أن السلطات بذلت جهودا خلال السنوات الماضية لتوفير أماكن آمنة وتتوفر على معايير السلامة للمهووسين بالسيارات. وقال عرفان إنه من أكثر الأنصار المتحمسين لمنع التفحيط في الشوارع بعد أن فقد اثنين من أقرب أصدقائه في هذه الممارسات، آخرها قبل عام فقط.
محاولات انتحار"
وحتى الساعة، فإنّ الإحصاءات المتعلقة بالوفيات الناجمة عن سوء القيادة تبدو مرعبة لدرجة أنّ الكاتب السعودي عادل الحربي دعا في مقال إلى ضرورة تجريم السائقين، الذين يثبت عليهم أنهم كانوا بصدد الإسراع في القيادة أو الإساءة خلالها.
ومؤخرا كتب مقالا في صحيفة "الرياض" قارن فيه بين عدد القتلى بسبب القيادة الخطرة والشهداء الذين سقطوا جراء اعتداءات الحوثيين على الحدود مع اليمن.
وقال الحربي لموقع "
العربية" بالإنجليزية إنّ "السائقين الخطرين ليسوا بصدد محاولة الانتحار فقط، وإنما أيضا بصدد إلحاق الضرر بالأبرياء الذين يحيطون بهم".
ووفقاً له فإنّ غالبية السعوديين، رغم ترحيبهم بالإجراءات الجديدة، إلا أنهم يرون أنها غير كافية. وأضاف: "في الوقت الذي يبدو من البديهي أن زيادة التوعية هي خطوة أولية لشبابنا لفهم مخاطر القيادة الخطرة، فإننا نحتاج إلى سنّ قوانين تجرّم ذلك لدفع الناس إلى التفكير مثنى وثلاث قبل التفحيط أو زيادة السرعة، وحتى تجاوز الإشارات الحمراء".
إعجاب كوني
ويحظى التفحيط في السعودية بنصيب واسع من الاهتمام من قبل وسائل الإعلام الدولية في السنوات الأخيرة. ولقي الموضوع اهتمام موقع "فايس" الشهير، حيث أنتج وثائقيا كاملا للأمر شاهده أكثر من 1.5 مليون شخص.
كما أن الفنان البريطاني-السريلانكي "أم. أي. أيه" استخدم صور التفحيط في تصوير كليب أغنيته الشهيرة "باد غورلز"، والتي ظهر فيها رجال يرتدون الثوب الخليجي.
كما قال الكاتب باسكال مينوريه إن "التفحيط شهد ذروته بعد تخطيط مدينة الرياض وبعد أن أصبح النفط المحرك الرئيس للاقتصاد". وقد ألف كتابا كاملا حول الموضوع. وقال الكاتب لموقع
العربية بالإنجليزية: "فجأة يكون لديك طرقات واسعة وشباب بعمر 18 و19 عاما بإمكانهم الحصول على السيارات. هذا ما يجعل من التفحيط أمرا سهلا".
ومن جهته، قال السائق السعودي المحترف سعيد الموري، والذي يمارس هواية التفحيط في إطارها القانوني وظهر في وثائقي "فايس"، لموقع "العربية" بالإنجليزية إنّه "يتعين على الذهنية أن تتغير داخل منازل السعوديين. على العائلات أولا أن تظهر لابنها حقا في قيادة السيارة، وليس بمجرد منحه واحدة ثم السماح له بإساءة استخدام مواهبه لاحقا".
http://ara.tv/vbmcr