شعركان كجلدك هو بارومتر صحتك العامة إلى حد أنه في حالات معينة يمكن أن يكون أداة لتشخيص الاضطرابات الاستقلابية. فخفة الشعر مثلاً قد تعني سوء توازن هورموني. وتساقطه يكون أحياناً أول إشارة واضحة للإصابة بفقر الدم. لذلك ينبغي عند حدوث تساقط غزير للشعر مراجعة الطبيب.
وللمحافظة على السلامة العامة والمحافظة على شعر صحيح، ينبغي مراعاة برنامج غذائي سليم. إذ إن اتباع عادات معقولة للأكل من شأنه نمو شعر سليم ذي نوعية جيدة. وشعر سليم كهذا أقدر على مقاومة سوء الاستعمال. ولكن لابد من التنبيه إلى أن الشروع في تناول الأغذية المناسبة المحتوية على كل أنواع الفيتامين المطلوبة، لا يؤدي بحال إلى تحسين حالة الشعر التالف. ولذلك ينبغي التنبه قبل فوات الأوان إلى هذه الناحية، واتباع الطرق الملائمة التي تحافظ على صحة الشعر. تجنبي، مهما كان الثمن، الحمية العنيفة التي تسبب فقدان التوازن الغذائي، فالنقص السريع للوزن معناه فقدان الشعر أيضاً. والطريقة الصحيحة للحمية هي تقليل الطعام من وجبات جيدة التوازن بدون استبعاد البروتين والفحمائيات منها.
ويجب أن نتذكر أن الشعر دائم التعرض لأحوال عنيفة من العوامل الطبيعية والأصبغة والمعالجة اليومية. وأطول الشعور هو أكثرها تحملاً لهذه الآفات.
إن نمط الحياة التي تعيشينها يؤثر مباشرة على شعرك. فالإرهاق العاطفي والتوتر المستمرين بلا داع يمكن أن يسببا تساقط الشعر وظهور القشرة. والإرهاق الجسماني العاطفي الشديد الذي قد يصيب الإنسان من جراء عملية جراحية، أو مرض، أو أخبار سيئة، يسبب صدمة تسبب خمول بصيلات الشعر، إن الطب لم يهتد بعد إلى الآلية الدقيقة المسببة لمثل هذا التطور. ولكن يظن أنه عندما يتطلب الأمر استدعاء الهورمونات لمواجهة حالة ما من حالات الإرهاق المفاجئ، فإن غدتي الكظر اللتين تسببان انطلاق هذه الهورمونات تنتجان أيضاً دفقة من هورمون الأندروجين المذكر.
ومن المعتقد أنه كلما تألقت صحة الإنسان ازدادت فرص سلامة شعره. والتمارين الرياضية تزيد من صحة الإنسان، لأن الرياضة تخفف الإرهاق، وتزيد الأوكسجين، وتحسن الدورة الدموية، وكلها عوامل لها تأثير إيجابي على الشعر.
ومن المعتقد أيضاً أن الشعر في العادة يتأثر بصورة إيجابية بالحمل. إذ لا يحين الثلث الأخير من فترة الحمل، حتى يكون التراكم المستمر للهورمونات في جسم الحامل قد بلغ ذروته، مما يخلق بيئة مثالية لنمو الشعر. ولكن بعد الوضع أو أثر انتهاء مدة الرضاعة، يحدث انخفاض شديد في إنتاج الهورمونات، وبعد ذلك بثلاثة أشهر يحدث تساقط واضح للشعر.
إن معظم أنواع الهورمونات تؤثر على الشعر. ولكن هنالك نوعان يفوقان سواهما فيما يتعلق بتنظيم نمو الشعر هما الأستروجين (الهورمون المؤنث) والأندروجين (الهورمون المذكر)، وأقواها جميعاً من هذه الناحية هو اليتستوستيرون، وبوجه عام فإن هورمونات الأندروجين هي عدو جلدة الرأس. ومع أن هذه الهورمونات تزيد نمو شعر البدن والوجه، ولكنها تعرقل نمو شعر الرأس. أما الأستروجين فهو صديق لشعر رأس المرأة، لأنه يشجع الفروة على إنبات الشعر.
إذن فليس مدهشاً القول إن أشد وأضعف الأحوال ذات التأثير على الشعر مرتبطة بالتقلبات الهورمونية التي تطرأ على الجسم في مراحل حياته.
فعند البلوغ مثلاً يتحول الشعر من طور النعومة التي تلمس في شعور صغار الأطفال إلى طور النضج في حوالي الثالثة أو الرابعة من العمر. ولكنه يزداد قوة في سن المراهقة. إذ يزداد قطر قصبة الشعرة، ويزداد مقدار توتر الشعر. ويمر الشعر في هذه المرحلة من العمر بأطول فترات نموه التي تمتد ثلاث سنوات أو أكثر. ثم يتساقط وتهجع منابته قليلاً قبل أن تعود إلى إنتاج شعر جديد. وسن المراهقة هي أيضاً السن التي تقع فيها أقصر فترات هجوع منابت الشعر وأن تتعدى هذه الفترات ثلاثة أشهر أو أقل. وهذا معناه أن طول الشعر على الفروة يبلغ أقصى مدى له. كما يزداد نعومة وبريقاً، ولكن فترة البلوغ تحدث في الجسم فورة يسيرة في هورمون الأندروجين (وهو القوة المحركة وراء ظهور حب الشباب وتساقط الشعر). فكيف لا يعاني شعر الرأس من هذه الزيادة؟ إن للأندروجين تأثيراً عاماً يحدث البناء. فقليل من هذا الهورمون المذكر عند المرأة قد يسبب خشونة الشعر. ومما لا يختلف فيه إثنان أن للهورمونات آثاراً متباينة على الشعر في مختلف مراحل العمر.
إن تراجعاً يسيراً في خط الشعر فوق الجبهة في أواخر سن المراهقة هو شيء طبيعي. فمثل هذا التراجع يحدث عند 96% من الرجال، و 80% من النساء. وهو ليس بدء مرحلة الصلع.
وبعد دفقة النمو التي ترافق فترة المراهقة، (وتقدم ذلك أو تأخره يعتمدان على الوراثة)، تتقاصر مرحلة نمو الشعر، وتطول مرحلة الهجوع مع كل دورة كاملة. فالشعر الذي كان يبلغ طوله تسعين سنتيمتراً مثلاً، لا يعود ذلك الطول يتعدى خمسة وسبعين، أو ستين، أو خمسة وأربعين سنتيمتراً. وتضمر الشعرة نفسها ويخف لونها. وخفة لون الشعر ما تزال أسبابها سراً من الأسرار، فهي ليست كالشيب المعروفة أسبابه.
أما أن يعتبر ذلك من الأنباء الطيبة أو السيئة، فذلك يعتمد على نوع الشعر الذي بدأت المرأة حياتها به.