يعتبر فقر الدم والأنيميا من الأمراض الشائعة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة في الدول النامية خاصةً. وينجم فقر الدم بفعل العديد من العوامل أهمها سوء التغذية أو الأمراض الطفيلية.
ويتم تشخيص الإصابة بفقر الدم أو الأنيميا عبر قياس نسبة بروتين الهيموجلوبين في الدم. وهو البروتين المتواجد في كريات الدم الحمراء المسؤول عن حمل الأكسجين إلى جميع خلايا الجسم. وعادةً ما يتم إجراء فحص الهيموجلوبين عبر سحب كمية بسيطة من الدم من وريد المريض عبر إبرة ثم تطبيق الفحص عبر جهاز متخصص بذلك.
وحيث أن هذه العملية تعتبر مكلفة بسبب اعتماد التحليل على أجهزة إلكترونية باهظة الثمن، عدا عن المخاطر المترتبة على سحب الدم عبر الإبر وما يُمكن أن ينقله من أمراض بفعل التلوث وعدم التعامل الصحيح مع العينات البيولوجية.
من هنا جاءت الفكرة بتطويع التكنولوجيا الرقمية الحديثة لخدمة صحة الإنسان ومنها تسهيل إجراء الفحوصات المخبرية كفحص الدم.
تطبيق HemaApp لقياس تركيز هيموجلوبين الدم بدون إبرة !
فقد طوَّر مجموعة من المهندسين الكهربائيين وعلماء الكمبيوتر من جامعة واشنطن تطبيقًا أطلقوا عليه اسم HemaApp القادر على تحديد نسبة هيموجلوبين الدم عبر استعمال الهاتف الذكي ودون الحاجة لاستعمال الإبر والأدوات المخبرية.
وكان هذا التطبيق قد حصل على جائزة “أفضل ورقة” بعد تقديم ورقته إلى جمعية مؤتمر الحوسبة الآلية التي أقامت مؤتمرها السنوي في 15 سبتمبر في ألمانيا.
ويعتمد التطبيق على قياس تركيز بروتين هيموجلوبين الدم بوساطة كاميرا الهاتف الذكي. إذ يتم تسليط ضوء الفلاش على إصبع المريض/ة لتحليل لون الدم ومنه تحديد تركيز بروتين الدم.
إذ يتم تحليل اللون اعتمادًا على الأطوال موجية المختلفة للضوء والأشعة تحت الحمراء وخلق سلسلة من أشرطة الفيديو ومن خلال تلك الموجات وانعكاساتها، يُمكن الكشف عن تركيزات البروتين في خضاب الدم ومكونات الدم الأخرى مثل البلازما.
ومن أجل التأكد من أن التطبيق يعمل على مختلف ألوان البشرات وأوزان طبقات الجلد، طوّر الفريق خوارزميات معالجة تستعمل نبض المريض للتمييز بين خصائص الدم المختلفة والخصائص الفيزيائية للإصبع.
وتم اختبار التطبيق تحت ثلاث سيناريوهات مختلفة: استعمال الفلاش في كاميرا الهواتف الذكية وحده، استعمال الفلاش مع لمبة أو مصباح ساطع مشترك، أو إرفاقه مع إضاءة LED منخفضة التكلفة.
وأظهرت التجارب الأولية تطابق قياسات تركيز الهيموجلوبين بنسبة 69% مع فحوصات الدم الشاملة CBC وذلك عند استعمال فلاش كاميرا الهاتف الذكي فقط، وبنسبة 74% عند استعمال لمبة مشتركة ذات ضوء ساطع، وبنسبة 82% عند استعمال إضاءة LED وتسليطها على الهاتف.
في الثلاث حالات، يستعمل التطبيق HemaApp مصادر الإضاءة في الهاتف الذكي إلى جانب مصادر ضوئية أخرى ومجموعة من الخوارزيمات التي تحلل لون دم المريض لتقدير هيموجلوبين الدم.
واستفاد المصممون من إضاءة فلاشات الهواتف الذكية التي تحتوي على أشعة تحت حمراء وإضاءات LED متعددة من أجل تحليل لون الدم، وفقًا لما قاله كبير معدِّي الدراسة Shwetak Patel، البروفيسور في مؤسسة واشنن للأبحاث وأستاذ علوم الحاسب الآلي والهندسة الكهربائية.
كما أضاف أنه يُمكن الاستفادة من مصدر ضوئي خارجي لتعزيز معدلات الدقة في حال لم تكن كاميرا الهاتف توفر الأشعة تحت الحمراء المتواجدة في الهواتف الحديثة.
وعلى سبيل المقارنة، فإن التطبيق قادر على قياس تركيز البروتين بكفاءة تتطابق بنسبة 81% مع اختبارات الدم الأخرى.
وليس المقصود من تطبيق HemaApp أن يحل محل اختبارات الدم الأخرى الأكثر دقة، إنما الهدف منه تحديد حاجة المريض إلى إجراء فحوصات مخبرية اعتمادًا على نسبة الدم وقوته، والكشف عن فقر الدم لإجراء المزيد من الاختبارات.
ولا يعتبر تطبيق HemaApp الأول الذي يعتمد على تكنولوجيا الهواتف الذكية وربطها مع التحاليل المخبرية، إنما سبقه تطبيق UbiComp الذي طورته جامعة واشنطن والذي يقيس نسبة البيليروبين في الدم للاستدلال على إصابة الأطفال حديثي الولادة باليرقان، وتم اختباره على 500 طفل حديث الولادة.
ويأمل الباحثون أن يتم تطوير تطبيق HemaApp لتُصبح قياساته مطابقة للقياسات المخبرية في الفترة القادمة.