مذكرات زوجة الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي
مذكرات تستحق القراءة
آنا غريغوريفينا هي زوجة الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي، عمِلَت لديه قبل زواجها منه، حيث وظفها لتكتب له رواياته، كونه لم يكن قادراً على التدوين بنفسه، وتحدثت آنا عن ذلك في مذكراتها بأسلوب بسيط يجعل القارئ يقلب صفحات المذكرات بتتابع دون ملل.
اشتريت مذكراتها منذ سنتين تقريباً، لم أكن أعرف قبلها أن لدوستويفسكي زوجة أو أولاداً، حتى إني لم أتخيل أن يعتمد كاتب في كتابة رواياته على موظف يمنحه مبلغاً من المال مقابل التدوين.
قبل قراءتي لمذكراتها عن زوجها، كنت أعتقد أن ديستوفيسكي رجل محظوظ، كتب روايات كثيرة، وأكيد تلقى مقابلها أموالاً طائلة لشهرتها. أحياناً أضع تصورات وتخيلات عن الروائيين الذين أقرأ لهم، وأكتشف غير ذلك تماماً.
اكتشفت أنه عمل في مجلته مدققاً ومصححاً لغوياً، وبرغم مرضه بالصرع الذي سبب له مشاكل كثيرة في عمله وحياته إلا أنه استمر في عمله. لم أستغرب أن تعرف آنا بمرضه وأحواله المزرية كلها وتوافق عليه زوجاً، لأنها قبل أن تعرفه كانت تحلم بلقائه فقط، وإذ بها تصبح زوجته وتنجب أطفالها منه. هو الحب.
اكتشفت وأنا أقرأ حياته، كأني لأول مرة أعرف هذا الذي تعاطفت جداً مع أبطال رواياته، وكنت أبكي وأنا أتابع مصيرهم بيد كاتب لا يعرف النهايات السعيدة في معظم رواياته.
اكتشفت أنه كان يحب الوحدة وكان الجميع يحسبونه مليئاً بالكآبة، بينما كان إنساناً مرحاً ومحباً للخير والفضيلة كما تقول آنا. وحتى في وصفها لبيته تجعلك تتخيل مدى العزلة والوحدة التي كان يعيشها.
اكتشفت أنه كان فقيراً ومديوناً. وأنه كان محاطاً بأصدقاء تقول عنهم زوجته: "كان بالإمكان تجنب نصف هذه المعاناة لو كان ثمة بين أصدقاء زوجي أناس طيبون. كيف استطاع أولئك الذين كان فيدور ميخائيلوفيتش يعتبرهم أصدقاءه، والذين كانوا يعرفونه أن يتركوه وحده".
تقول أيضاً: "وللأسف أنه لم يعثر بين أصدقائه، ولو على إنسان طيب واحد رغب في التضحية بوقته وتقديم الخدمة الحقيقية له، كانوا كلهم يشفقون عليه ويتعاطفون معه، ولكن كل ذلك كان مجرد كلام في كلام في كلام، إنني أفكر بمثل هؤلاء الأصدقاء، وبمثل علاقات الصداقة هذه، وأنا أشعر بمرارة الأسى على فيدور ميخائيلوفيتش".
القراء
أحب قراءة السير الذاتية كثيراً، أحب قراءة التاريخ بهذه الطريقة، وأحترم كل الذين يدونون حياتهم بصدقها وحزنها وفرحها. أعتبرها أفضل طريقة لكتابة التاريخ.
منقول ..