نبراس الذاكرة
العتبات المقدسة ... تراث إنساني وإسلامي عظيم
تحتضن ارض الرافدين تراثا انسانيا واسلاميا عظيما في حياة الشعوب ، كما تضم في تربتها قبور الانبياء والائمة الاطهار والاولياء الصالحين. مثلما تضم مساجد تاريخية وكنائس واديرة ومدنا قديمة ومشاهد ومزارات دينية متنوعة
واشهر هذه المعالم الدينية هي العتبات المقدسة لمراقد اهل البيت الاطهار واولادهم واصحابهم . وقد تحولت تلك المراقد المقدسة الى معالم حضارية ومراكز اشعاع للعالم ولكل الشعوب ، حيث اصبحت تستقطب الالاف من الزوار سنويا الذين يأتون لزيارة تلك العتبات لاسيما في مدينة النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية وسامراء .
وخاصة في المناسبات الدينية لاجل التزود بالغذاء الروحي الذي يبعث بالروح الانسانيـة الاطمئنـان والسعادة.
فضلا عن الى ذلك تشكل رافدا سياحيا مهما في الاقتصاد العراقي ويكاد يكون الرافد الثاني بعد النفط ، ومن المعلوم ان الدول المتقدمة تسعى دائما الى تطوير وتجديد اماكنها السياحية والدينية واظهارها بالمظهر اللائق والجميل من جميع النواحي.
ومدينتا النجف الاشرف وكربلاء المقدسة من اهم المدن العراقية التي يرتادها الزائرون من مختلف بلدان العالم ، ولا يكاد يخلو يوما لاتجد فيها زائرا عربيا او اجنبيا بين ازقتها ومراقدها المكتظة بالزوار .
وفي ضوء ذلك فان مقومات السياحة الدينية التي يجب استثمارها استثمارا جيدا لتحقيق المردودات المالية من ورائها والتي تنافس احيانا واردات النفط .
وتعد مدينة النجف الاشرف من اهم المدن الدينية والتاريخية حيث تقع على اطراف الصحراء فوق رابية مرتفعة من الارض وتبعد نحو (360) كم عن مركز العاصمة.
وتعد احد مواطن العلم والادب والدين في العراق ومركزا للثقافة العربية الاسلامية يقصدها طلاب العلم من كل انحاء العالم للتزود منها بالعلوم الدينية واللغوية ... وفي وسط المدينة ينتصب شامخا مرقد بطل العروبة والاسلام سيف الله الغالب امير المؤمنين الامام علي (ع) وتتلألأ فوقه قبة ذهبية تعانق السماء في علوها ، وفي ركنيها ماذنتان مرتفعتان مطليتان بالذهب الخالص يشاهدها المقبل الى المدينة من مسافات بعيدة .
والروضة الحيدرية مشهد مهيب تتجلى فيه العظمة باجمل مظاهرها كما تتجلى فيه براعة الفن والجمال ونفائس النقوش، تصب الدهشة في عيون الزائرين فتضيف لهيبة المكان قدرا من القدسية والرهبة ، لذلك صارت النجف الاشرف مدينة العلم والعلماء ومنبع الاشعاع الفكري والثوري، اليها يقصد عشاق الالهام الروحي من كل مكان في العالم .
كذلك مدينة كربلاء المقدسة التي تضم في ثناياها مرقدي الامام الحسين واخيه العباس ( عليهما السلام ) .
وتعد كربلاء من المدن العراقية القديمة التي يعود تاريخا الى العهد البابلي ، ويذكر ان اسمها كان يعني (قرب الالهة ) وذهب بعضهم ان اسمها مشتق من كلمة (كور بابل) وهي عبارة عن مجموعة من القرى البابلية القديمة ، ومن اسمائها الغاضرية وكربلة ثم كربلاء او عقر بابل ، وذهب اخرون الى ان اسمها مشتق من الكرب والبلاء .
وتشتهر كربلاء المقدسة بقدسية تربتها التي اريق عليها دم سبط الرسول محمد (ص) في واقعة الطف سنة (61) هجرية .
وقد ذكر ياقوت الحموي ان اسم كربلاء مشتق من كربلة وتعني الرخاوة في القدمين وعلل ذلك الرخاوة في خصوبة ارضها ... ويرجع بعض المؤرخين ان العرب خفضوا في لفظة كربلاء من (كوربل ) .
ويرى الباحثون ان مجيء الامام الحسين (ع) واصحابه اليها في الثاني من محرم العام (61) هجرية حيث حط رحاله فيها .
وبعد معركـة الطـف اخـذت لفظـة كربـلاء تعنـي في نفـوس المسلمين التضحية في سبيـل المبادئ والثـورة عــلى الباطـل والـيوم يـرى الزائـر ومــن مسافات بعيدة مآذن ذهبيـة شامخـة بشمـوخ ابطـال الـروضتين الحسينـيـة والعباسيـة، تنعكس علـى سطوحها اشعـة الشمس فتشكل لوحــة فنيـة ازليـة في الافــق تزيـد مــن قدسية المدينــة اجلالا وتجعلها في الانظـار والقلوب ايــة مـن ايـات الفـن المعماري الاسلامي ...
وهكذا هي كربلاء والنجف سطع اسماهما في وهج التاريخ واصبحت لهما مكانة في نفوس المسلمين ..