نبراس الذاكرة
حكاية زهيري
عرف عن الشاعر الشعبي المرحوم الحاج زاير الدويج سرعة التلقائية والارتجال الشعري في ترجمة اي موقف يصادفه. حيث ان الدويج وكما نقل عنه ما كان يتحدث مع الناس في حياته اليومية بكلام خال من الوزن والقافية في اسهل الامور واصعبها. مما يبرهن هذا السلوك ان لهذا الرجل شعرية دائمة تسيطر عليه بشكل كامل لايستطيع التخلص منها غريزيا. واعتقد ان كثيرا من الامثال الشعبية المتداولة الان مأخوذة من اشعار الحاج زاير هذا اضافة لتوظيفه امثالا اخرى في ابوذياته ودارمياته وزهيرياته وقصائده الشهيرة. وعن هذا الموضوع هناك طرفة شعرية له اذ يقال انه كان في يوم من الايام يمشي في احد اسواق النجف والتقى صديقا له مصادفة وبعد السلام والكلام انتبه الصديق لكثافة ذقنه فعاب عليه هذا فما كان منه الى ان يرد عليه مرتجلا:
رماني بسهم لاجدم ولا خر
بدليلي ولا دفك دمعي ولا خر
واحد شايل الحيته ولاخر
يكله شضكل لحيتك عليه
النمط الكتابي لهذا الشاعر كان يرتوي ادواته السحرية من خياله والهامه اولا. وخزين الحكايات اليومية التي يحتفظ بها عقله الباطن ثانيا.
مما يعطيه القدرة في املاء ارتجاله الاني في وحدة موضوعه وبنائه الفني المميز. وقد تراهن عليه البعض في حادثة تاريخية محفوظة لاجل الايقاع به وبيان عجزه في سرعة الارتجال وهو كما اسلفت كان على راس قائمة شعراء " الحسجة".
فاختار احدهم يوما ان يتبعه بالخفاء اثناء زيارته المعتادة في ليلة الخميس لمقام الامام علي ابن ابي طالب" عليه السلام" وما عرف عن هذه الليلة من زحمة الزائرين والافواج الاتية من كل محافظات العراق، فاندس الواشي خلفه وعندما ضاعت الملامح بين قوة الحشود في الحضرة سحب عقال "الحجي" من على راسه ومضى بعيدا انتظارا لردة الفعل التي تصدر من شاعرنا ازاء هذا الموقف المعيب.
فالتفت الدويج في كل اتجاهات المكان دون فائدة وعندما يأس عن وجود عقاله ايقن لحظتها انها مكيدة مدبرة يراد بها اهانته فما كان منه الا ان ينحني بعيدا ويقف في زاوية الحضرة مناشدا الامام علي" عليه السلام"..
يامن ابابك ارجاب الكاصدين عكَال
وبيوم صفين سيفك للركَاب عكَال
لازال جفك عند التايهات عكَال
جيت اشتكي الحال واطلب من كثر مالك
والي يحبك مايمسه لضى مالك
اليوم يابو الحسن مني عذر مالك
السبب شنهو ابابك .. ضاع مني عكَال