المتتبع لمواقف الدول الكبرى الداعمة للجماعات التكفيرية منذ اكثر من خمس سنوات في سوريا، وفي مقدمتها امريكا وفرنسا وبريطانيا، خلال هذه الايام، اثر الهجوم الذي يشنه الجيش السوري على المقاتلين المتحصنين في شرق حلب، يكتشف حجم المؤامرة التي تم اعدادها في غرف مظلمة ضد سوريا وشعبها وضد محور المقاومة بشكل عام.من الواضح ان الجيش السوري وحلفاءه اقتربوا من نقطة في غاية الخطورة، يمكن في حال تجاوزها، ان نجزم ان المخطط الجهنمي الذي شارك فيه الغرب والرجعية العربية وتركيا و"اسرائيل"، ضد سوريا، قد فشل، وهذا ما يفسر الصراخ والعويل والتصريحات الخارجة عن كل ما مألوف دبلوماسيا، وكأننا في مأتم يتعالى فيه الصراخ على فقد انسان عزيز.
بعد ان اكدت وكالات الانباء العالمية، اخبار الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في حلب وخاصة سيطرتهم بشكل كامل على حي الفرافرة شمال غرب قلعة حلب بعد مقتل العديد من الإرهابيين وغالبيتهم من حركة نور الدين الزنكي وجبهة فتح الشام (القاعدة) الارهابيتين، بدأت وبشكل متزامن "اوركسترا النياح والعويل" للمحور الذي كان يقف ومازال وراء الفتنة التي تعصف بسوريا منذ اكثر من خمس سنوات، بقيادة امريكا وفرنسا وبريطانيا، وكأن الجيش السوري وحلفائه قد وضعوا قدمهم على جرح خطير للارهابيين وداعميهم.
خلال الساعات القليلة الماضية، وعلى وقع انتصارات الجيش السوري وحلفائه في حلب، خرج علينا كبار المسؤولين في امريكا وفرنسا وبريطانيا وحتى الامم المتحدة، ليذرفوا دموع التماسيح على "المحاصرين في حلب"، وضرورة وقف اطلاق النار، والدعوة الى تقديم المساعدات الانسانية، وكأنهم لم يعلموا بما يدور في سوريا الا اليوم.
وزير الخارجية الاميركي جون كيري هدد نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال مكالمة هاتفية، بتعليق اي تعاون حول سوريا، وخصوصا اقامة مركز مشترك للتنسيق العسكري بحسب ما ينص عليه الاتفاق الروسي الاميركي الموقع في جنيف في التاسع من ايلول/سبتمبر، اذا لم تضع موسكو حدا للقصف في مدينة حلب.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرو ان بلاده تقترح اجراء محادثات في الامم المتحدة من اجل وقف لاطلاق النار في مدينة حلب السورية المحاصرة، محذرا من ان اولئك الذين لايساندونه (وقف اطلاق النار) يخاطرون بأن يكونوا شركاء في جرائم حرب .
واضاف ارو، الذي كان يتحدث امام البرلمان الفرنسي، ان حلب لايمكن ان تكون "جورنيكا" القرن الحادي والعشرين، في اشارة الى قصف المدينة خلال الحرب الاهلية الاسبانية في عام 1937.
اما ثالث الثلاثة وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، فحمّل كالعادة الحكومة السورية وحلفاءها وروسيا، مسؤولية ارتكاب "قسم كبير من المجازر" في مدينة حلب.
امميا اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان الهجمات على مستشفيات في حلب تشكل "جريمة حرب"، وقال امام مجلس الامن ان "الامر اسوأ من مسلخ"، لافتا الى "اشخاص فقدوا اعضاءهم" و"معاناة رهيبة مستمرة لدى اطفال".
ولما كان لابد من غطاء "اسلامي" ل"الهبة الناتوية والغيرة الغربية" من اجل اطفال ونساء حلب، فجاء هذا الغطاء كالعادة من قبل "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بقيادة القرضاوي صاحب فتاوى تبرير غزو الناتو لليبيا والجهاد في سوريا، حيث دعا الشيخ علي القره داغي نائب القرضاوي، قادة الدول العربية والإسلامية "للتدخل العاجل" لانهاء "مأساة" حلب، معتبراً أن ما يحدث "جريمة كبرى بحق الإنسانية، ووصمة عار في جبين كل من تسبب فيها".
وأضاف القره داغي: ما يحدث في سوريا أكبر كارثة إنسانية في العالم، ودعا للتدخل لفك الحصار عن حلب لتوفير الأمان للمدنيين وايصال المواد الغذائية، والأدوية الضرورية، لإنقاذ المحاصرين فيها.
هذا وسبق أن دعا الاتحاد إلى إعلان الجمعة المقبلة 30 سبتمبر/ أيلول الجاري "يوماً للغضب العالمي" تحت شعار "اغضب لحلب".
الغريب ان كل هؤلاء "المتباكين" على حلب، يحملون الجيش السوري مسؤولية القتال في حلب، لأنه، اي الجيش السوري، يرفض وقف اطلاق النار ورفع الحصار عن حلب ويمنع ارسال المساعدات الانسانية الى المحاصرين فيها من النساء والاطفال، بينما الحقائق على الارض تتناقض مع ما يقوله هؤلاء، فهم يقولون شيء ويفعلون عكس ما يقولون، فخلال الايام القليلة الماضية ومع تقدم الجيش السوري في حلب، كشف فارس البيوش قائد ما يسمى "الفرقة الشمالية" المنضوية مؤخراً تحت "جيش إدلب الحر" في تصريح لوكالة رويترز (الأربعاء 28 ايلول / سبتمبر) أنّ دولاً أجنبية منحت مقاتلي المعارضة "كميات ممتازة" من راجمات صواريخ غراد، يصل مداها إلى 22 و40 كلم.
وأضاف البيوش أنّ هذه الراجمات ستستخدم في جبهات القتال بحلب وحماة والمنطقة الساحلية. وأوضح البيوش أنّ طراز الصواريخ الذي حصلت عليه المعارضة المسلّحة لم يكن متوافراً لديها من قبل، وأنّ هذا الأمر حصل كردٍّ على هجوم الجيش السوري على حلب.
وكالة رويترز نقلت يوم الثلاثاء (27 ايلول / سبتمبر) عن مسؤولين أميركيين رفضوا الكشف عن هوياتهم قولهم، إن احتمالات تسليح دول خليجية للمعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، يزداد لمساعدة المسلحين على الدفاع عن أنفسهم، في مواجهة سلاحي الجو الروسي والسوري.
اما السياسي الألماني المعروف، يورغين تودنهوفر، فأجرى مقابلة، نشرتها صحيفة كولنر شتات انتسايفر الألمانية، مع أحد قادة "جبهة النصرة" (القاعدة) في سوريا ويدعى"أبو العز". كشف فيها معلومات صادمة ونختار منها:
-"إسرائيل" تقدم العون لجبهة النصرة لتقاطع مصالح "إسرائيل" والجبهة نظرا لوجود عداء بينها وبين سوريا وحزب الله".
-"فصائل القاعدة المرتبطة بداعش يتولاها قادة استخبارات أمريكيون، ونحن في جبهة النصرة من كشفناهم".
-"الدعم الأمريكي لـ"النصرة" غير مباشر ويأتي من خلال الدول التي تدعمنا " نطالب امريكا ب"تزويدنا بأسلحة أقوى من تلك التي توردها لنا حاليا".
-أن "صواريخ تاو التي أعطتنا إياها الولايات المتحدة غيرت موازين المعارك مع الجيش السوري".
-أن "مسلحي النصرة حصلوا على دبابات من ليبيا وعربات (بي إم بي)".
-إن "ضباطا أتراكا وسعوديين وقطريين وإسرائيليين وأمريكيين ساعدونا، وقدموا لنا استشارات عسكرية".
-أن "السعودية قدمت لنا نصف مليار دولار. فيما قدمت الكويت أكثر من 5 ملايين دولار".
-أن "جبهة النصرة" لا تعترف بالهدنة وستشن هجمات حتى "إسقاط النظام السوري".
-"طالما ظل الجيش السوري في الكاستيلو والملاح، لن نسمح بدخول شاحنات المساعدات إلى حلب".
-"الجيش الحر ومحمد علوش المسؤول في "جيش الإسلام" مرتزقة، إن مقاتليهم كانوا جزءا من جبهة النصرة في السابق، لكنهم ضعاف نفوس، دفعت لهم تركيا ودول تتبناهم الكثير من المال ليعملوا وفق ما تريده هذه الدول، وقادتهم صناعة غربية، تدفع لهم استخبارات خليجية".
هذا "بعض" ما تقدمه هذه "الجماعة التي تبكي" اليوم على "المظلومين المحاصرين في حلب"، وهذا "البعض" نقلناه من مصادر مرتبطة بهذه الجماعة، وليس من مصادر مناوئيهم مثل الجيش السوري او روسيا او ايران او حزب الله، الامر الذي يكشف وبوضوح من الذي يقف وراء خراب ودمار سوريا؟، ومن يحاول الابقاء على نيران الحرب مشتعلة في فيها لاستنزاف الجيش السوري وحزب الله وروسيا وايران؟، ومن الذي يعمل على ارسال المساعدات؟، ومن الذي يحاول ايصال الاسلحة الى الجماعات المسلحة في حلب على انها مساعدات انسانية؟، لذا من حق هذه الجماعة ان تبكي وتصرخ باعلى صوتها، بعد ان رأت بأم عينها فشل مخططها، وانكسار عصاباتها، واقتراب ساحة الحسم، فحلب ليست مكسر عصا، بل ستتكسر على صخرة صمدوها كل مخططات امريكا وحلفائها واتباعها واذيالها.


http://www.alalam.ir/news/1866840