الحبّاك”… الطائر المهندس


طائر يعيش في أفريقيا وجنوب غرب الجزيرة العربية واليمن والهند وأجزاء من آسيا الاستوائية، ذو وجه أسود أو بني ويغطي غالب جسمه ريش أصفر وبعض أنواعه حمراء الجسم وسوداء الوجه. وهو صغير الحجم طول جسمه من 7-19 سم، وهو بذلك يشبه في شكله العصافير وبخاصة طوله القصير ،الذكر منه يحمل ألواناً منعشة وملفتة، أما الأنثى وصغارها فيحملون ألواناً باهتة. حصل على تسميته بسبب أعشاشه المتقنة الصنع أكثر من أي طائر آخر. تأكل طيور الحبّاك البذور والحبوب وهي دائمة التغريد، يبني ذكر الحبّاك العش التقليدي لجذب الأنثى، يبنيه من ألياف النباتات مبتدئاً بحلقة من القش المنسوج يعلقها على نبات أو شجر يحملها، ثم يبني الجزء الخارجي من العش ليشكل غرفة المأوى في اتجاه وفي الاتجاه الآخر يمتد المدخل. ويشتهر طائر الحباك الاجتماعي الذي يعيش في جنوب غرب افريقيا بأبنية اعشاشه المشتركة الضخمة على شكل مستعمرات، اذ يبني سقفا مشتركا على شكل مظلة من العصى والأعشاب في شجرة ، وكثيرا ما يكون السقف في حجم كوخ افريقي ، ويقسم الجانب ما تحت السقف الى اعشاش يسكن كل منها زوج من الطيور، وقد يصل عدد الأعشاش فيها الى 400 عش في شجرة واحدة ، تضع الانثى فيها من 2-4 بيضات تفقس بعد 15 يوم. يبني طائر الحباك أعشاشه بطريقة معقدة التصميم لا يستطيع البشر تقليدها و محاكاتها و كل نوع وصنف من هذه الطيور له تقنياته الخاصة في بناء أعشاشه، كل تقنية وشكل يحتاج لتصميم مخطط مسبقا ليتكيف مع البيئة، إن تعقيد التصميم يظهر ويوضح مهارات هذه الطيور وإبداعها.

سبب حاجتها لأعشاش معقدة

تصنع طيور الحباك أعشاشها بهذه الطريقة لتحمي بيوضها وفراخها من الحيوانات المفترسة وظروف الطقس، ولزيادة الحماية تبني هذه الطيور أعشاشها بحيث يكون من الصعب الوصول إليها ومخفية أو بطريقة مموهة، كذلك توفر الأعشاش الحرارة المطلوبة لتفقس البيوض.



مهندس معماري وإنشائي وعامل بناء في كائن واحد

من المذهل في هذا الطائر كونه يستخدم فقط منقاره ليحيك بناء بهذا التعقيد والتناسق بشكل لا نستطيع نحن صناعته بأيدينا. إنها تعرف بغريزتها أي المواد تستخدم فتختار مواد نباتية مختلفة ومتنوعة لبناء أعشاشها، فهي تستغل جميع أجزاء النبات (الأوراق والأغصان وحتى الجذور في عملية البناء). تفضل طيور الحباك الأعشاب الطويلة لبناء أعشاشها كما تفضلها خضراء طرية أو أوراق النخيل ليسهل عليها حبكها وتشكيلها ولأنها عندما تجف تصبح أكثر قوة. هذه الطيور لا تبني بيوتها بطريقة عشوائية وإنما تدرس تماما عملية الإنشاء بدقة وتفصيل قبل البناء فهي تأخذ بالحسبان بشكل مسبق ما هي الخطوة المقبلة في كل مرحلة. عملية البناء عندها عملية مقسمة إلى مراحل، تبدأ بتجميع أكثر المواد المناسبة للبناء ثم تنتقل لمرحلة تشكيل المدخل تليها بناء الجدران. عش طائر الحباك عادة يحتوي على نفق ضيق كالمدخل والذي يفتح من أسفل الى أعلى بشكل يصعب على الحيوانات المفترسة المرور من خلاله وغالبا ما تبنى أعشاشها على فروع الاشجار المعلقة على ضفاف الأنهار لتحقيق هذا الهدف، بعد انتهاء بناء المدخل تبدأ عملية بناء وحياكة الجدران بالتعلق رأساً على عقب والاستمرار بالعمل من داخل هذا المنشأ وتستمر بالعمل حتى تنجز هذا المشروع. إنها تستطيع ربط عُقد بشكل جيد في مواد بنائها للأعشاش، وبصناعة هذه العُقد تضمن هذه الطيور لأعشاشها أماناً أكثر فهي بطريقتها الخاصة تحسب الشد المناسب بحيث لا ينهار العش إذا كان الشد ضعيفاً، كما أنها تعلم وبدقة أي الأجزاء يجب أن تكون رقيقة وأيها سميكة وأين تبدأ بعمل المنحنيات كما أنها تتخيل تماماً الشكل النهائي لهذا البناء أثناء العمل فيه فهي تفكر في أي اتجاه سيمتد العش لاحقاً. آداؤها وتصرفاتها تعبر عن الذكاء والمهارة بدون تدريب أو خبرة إنها هندسة الطيور في التخطيط واختيار المواد بمواصفات دقيقة والإنشاء وحتى في تخيل الشكل النهائي لهذا المشروع المذهل فسبحان الخالق الذي علمها هذه الصنعة..