قبة الإمام علي «ع».. حكايات وإبداع
هي شمس مشرقة في كل الاوقات على النجف وما حولها بنورها وضوئها، وبريقها الأخاذ المبهر وتعد آية من آيات الفن الإسلامي في غاية الدقة والإبداع، وهي اليوم تعلو المشهد المقدس. غطيت من الخارج بصفائح من الذهب الخالص مربعة الشكل ضلعها 20 مترا، وبلغ عدد طابوقها الذهبي (8888) طابوقة مرتفعة الى علو شامخ شاهق،
كتب على ظاهرها سور «إنا فتحنا، سورة الجمعة، سورة عم، سورة النبأ»، يبلغ ارتفاعها من القاعدة إلى القمة خمسة وثلاثين مترا ومحيط قاعدتها خمسين مترا وقطرها ستة عشر مترا، إذا أضيفت قاعدة القبة إلى أرضية الصحن الشريف، فإن الارتفاع يبلغ اثنين وأربعين مترا، وهي بيضوية الشكل، زخرفت بالمرمر والزجاج والثريات ونقشت عليها سور من القرآن الكريم وأمثال وحكم وأبيات من الشعر العربي بمدح أمير المؤمنين، ويمنح ارتفاع القبة الشريفة للزائر بهجة وسرورا وأمانا وطمأنينة، لا سيما عندما يبصرها من مسافة بعيدة وهو في طريقه إلى مدينة النجف،.
كانت القبة في العام 170هـ 786م، من الطين الأحمر وفي العام 368هـ بنى عضد الدولة القبة البيضاء، ثم وضع الشاه صفي الأول الذي حكم من 1038- 1052هـ الحجر القاشاني على القبة الشريفة (سنة 1052هـ 1642م، ثم قام الشاه عباس الثاني بتحويل القبة الى خضراء (كانت القبة مغشاة ببلاطات القاشاني حتى زمن نادر شاه الذي تصدى لتذهيب القبة سنة 1155هـ 1742م، بعدما جاء الى بغداد سنة 1155هـ وبعد وصوله بيومين توجه الى النجف عبر طريق الحلة، وعند زيارته أمر بقلع الحجر القاشان وتذهيب القبة المنورة، وكتب في أسفل القبة سورة «الفتح» على شكل حزام، وعمل عليه أكثر من مائتي صائغ ونحّاس جمعوا من عدة أقطار، منهم الصيني والهندي والتركي والفارسي والعربي وأكثرهم مكتوبة أسماؤهم على الصفائح النحاسية وراء الذهب وقد طليت كل قطعة على ما ذكر بعض الصاغة المباشرين لإصلاحه بمثقالين من الذهب الخالص، واستمر العمل لسنين عدة في التذهيب.
تصدعت هذه القبة سنة 1304هـ 1886م، ما أوجب خلع الصفائح الذهبية وترميمها وإعادتها، فقام التاجر النجفي محمد رشاد مرزا عام 1390 هجرية 1970 م بقلع الذهب وإصلاح القبة وإعادة الذهب إليها، وقد كلفه هذا العمل أكثر من مئة ألف دينار ونصبت رمانة ذهبية على قمة القبة يبلغ ارتفاعها (3.5) متر، من عقدة البناء وحتى لفظ الجلالة الذي وضع في أعلى قمة القبة.
أما جدران المربع التي تقوم عليها القبة، فيبلغ ارتفاعها 17 مترا غشيت كلها بأنواع متعددة من الزخارف النفيسة والألوان الباهرة والكتابات المقدسة على طبقة من الفسيفساء تتكون من أحجار كريمة كالياقوت والألماس واللؤلؤ النادر.
قال عنها الرحالة نيبور الذي زار النجف الأشرف سنة 1765: «ليس هنالك في أي مبنى في العالم سقف أثمن من هذا السقف».