العمل.. التشمّس.. الاحتفاظ بالأشياء.. المخدرات ليست إدماننا الوحيد
عندما نتحدث عن الإدمان فأول ما يخطر ببالنا المخدرات، وربما هي الشيء الوحيد الذي يرتبط في ذهننا بالإدمان، لكن هل تعلم أن هناك أنواعاً أخرى من الإدمان قد تكون أكثر فتكًا بالإنسان من المخدرات؟!
نعم، إذ إن هناك بعض أنواع الإدمان لا يشيع الحديث عنها، إلا أنها تهدد الجنس البشري كالمخدرات وربما أكثر، وإليك بعض تلك الأنواع المدمرة:
العمل وقتًا أكثر من اللازم
عمل الشخص وقتًا إضافيًا قد يعتقد البعض أنه اجتهاد وأن هذا الشخص دؤوب ومخلص في عمله، إلا أنهم يغفلون أن زيادته عن الحد الطبيعي يعد إدمانًا، فعمل الأشخاص أوقاتاً إضافية بسبب إلزام تفرضه عليه طبيعة عمله، أو من أجل الهرب من أمور حياتية ونفسية صعبة يجعلهم مدمنين.
وبعيدًا عن المشاكل الاجتماعية التي يُسببها الانغماس الشديد في العمل وتسببه في تدمير بعض العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة، إلا أن إدمان العمل قد يكون خطرًا على الصحة أيضًا، وأقل ذلك حدةً يتمثل في شعور المرء بالتعب والإرهاق الشديدين طيلة الوقت.
كما يُمكن أن يُسبب العمل وقتاً أكثر من اللازم اختلالاً ومشاكل بالنوم، كما يؤدي في غالب الأحيان إلى اكتساب وزن زائد، وتلك الأمور ليست ببسيطة، فوراءها مشاكل صحية أكثر سوءاً مثل ارتفاع الضغط أو الإصابة بأزمة قلبية.
كما يُمكن أن يُسبب ذلك الموت، ففي دراسة جديدة أجرتها ManpowerGroup، يتوقع أن يعمل نحو 37% من جيل الألفية في اليابان حتى الموت، و18% في الصين، و12% في كلٍّ من أميركا وبريطانيا، وذلك بسبب سياسات العمل الصارمة.
من المعروف أن اليابان بلد مرهق في سياسة العمل، فترى الموظفين في بعض الشركات اليابانية يعملون لأكثر من 12 ساعة، وحرفيًا يمكننا القول إن آلاف من الشعب الياباني يعمل حتى الموت، وباتت النوبات القلبية أمرًا طبيعيًا حين يُصاب به شاب في الثلاثين من العمر.
التشمس Tanning
اكتساب اللون البرونزي خلال الصيف يجذب الكثيرين نساءً ورجالًا، فيعتبرونه مظهراً جمالياً يكسبهم الثقة، واكتساب هذا اللون يأتي بالتعرض لأشعة الشمس دون توقف لعدة ساعات يوميًا، وقد يستمر نحو 10 أيام للحصول على درجة اللون المطلوبة.
وتلك الظاهرة إدمان حقيقي بالنسبة لبعض الأشخاص، إذ قالت دراسة لجامعة هارفارد إن أضواء الأشعة فوق البنفسجية تحفز جسم الإنسان على إفراز مادة الأندورفين، وهو هرمون يُسبب الشعور بالسعادة، ويعمل بيولوجياً ووظيفياً بنفس طريقة عمل المواد المخدرة مثل الهيروين والمورفين، لهذا يُقبل الناس على ممارستها للشعور بحالة جيدة.
إلا أنهم لا يدركون ما أكدته دراسات عدة بأن التعرض للأشعة فوق البنفسجية يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الجلد، وقبل الوصول لهذه الدرجة الخطيرة، فإنه أيضًا مسؤول عن الإصابة بجفاف الجلد، وظهور التجاعيد والبقع السوداء، وأيضًا ترهل الجلد، كما أن له أضرارًا أخرى مثل الإصابة بالشيخوخة المبكرة، وأمراض العيون التي قد تُسبب العمى.
هوس الاحتفاظ بالأشياء
بالطبع هناك بعض الأشياء المهمة نوعًا ما التي نُفضل أن نحتفظ بها لوقتٍ لاحق، أو أنها تربطنا بذكرى جميلة نريد الاحتفاظ بها لتذكرها دائمًا، لكن هناك أشخاص مصابون بهوس تجميع الأشياء والاحتفاظ بها، حتى تلك التي يعرفون أنها غير ذات جدوى، حتى أنهم قد لا يجدون مكانًا للاحتفاظ بتلك الأشياء، إلا أنهم يستمرون بتجميعها وربما يملأون بها الغرفة بأكملها دون أن يستخدموها!
إن ذلك السلوك يسمى الوسواس القهري، يجبر المصابين به على ممارسة تصرفات بصورة قهرية بسبب أفكار أو اعتقادات غير منطقية، فيقومون بالاحتفاظ بالأشياء أو شراء مستلزمات لا يحتاجون إليها في الواقع، فيعتقدون أنها فريدة من نوعها مثلًا.
لكن هؤلاء الأشخاص لا يدركون أن ظروفهم المعيشية والمادية قد تجعل من الصعب أو المستحيل الاحتفاظ بتلك الأشياء إلا أنهم مستمرون بجمعها، كما أنه قد يكون سببًا في خلق مشكلات مع شريكهم أو عائلتهم وأصدقائهم.
وهذا الهوس معناه نقص مادة السيروتونين اللازمة لعمل الدماغ، وقد يُسبب مشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب، والمخاوف المبالغة دون داعٍ، وكأن هذا الهوس يُسيطر عليك ولا تستطيع التحكم به.
الكذب إدمان!
من يكذب مرة لا يبالي أن يكذب الأخرى، والثالثة والرابعة، حتى يُصبح الكذب من الأمور المشكّلة لشخصيته، ويجد نفسه يكذب بشكل قهري دون أن يُدرك السبب، وهذا الأمر اضطراب عقلي.
الكذب يورّط الشخص الكذاب في المشاكل، كما يورّط من حوله، كأن يحاول مثلاً أن يخفي تورطه في جريمة ما، أو محاولة كسب المال بالكذب، ويبدأ في الحصول والوصول إلى كل ما يريد عن طريق الكذب، هذا بغض النظر عن المشاكل الاجتماعية العويصة التي قد يسببها.
وعندما لا يجد الشخص الكذاب أن كذبه يؤتي ثماره يبدأ ذهنه في الانهيار، وقد يؤدي هذا إلى آثار سلبية خطيرة كأن يلجأ إلى الانتحار أو ارتكاب جريمة ما، فضلًا عن إصابة هذا الشخص بالغضب ومزيد من النرجسية والكبر، وتشتت الانتباه.
وبالطبع، فإن الإدمان لا يقتصر على تلك الحالات السالف ذكرها، كما أنه قد لا تبدو للوهلة الأولى أنها أشياء تُسبب الإصابة بالإدمان، أو لا يعتقد الشخص أنه قد يُصاب بأحد أنواع الإدمان تلك، إلا أن ممارستها يومًا بعد يوم يجعل منها سلوكاً مرتبطاً بالشخص وتصرفاته اللإرادية، وقد تُسبب له مشكلة خطيرة، لذا يُنصح بالحصول على استشارات نفسية وطبية للتعافي منها.