يستعد المرشحان إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية لأول مناظرة تلفزيونية بينهما، الاثنين 26 سبتمبر/أيلول، دون أن يكون أي منهما في موقع متفوق على الآخر، ولكل منهما نقاط قوة وضعف.
وتتميز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على خصمها الجمهوري بخبرتها ومعرفتها بالملفات، فيما تنقصها عفوية دونالد ترامب.
ويخوض المرشحان حملة ضارية من الهجمات المتبادلة منذ عام، لكنهما لم يلتقيا في أي مرة وجها لوجه، وسيشكل ذلك أهم ما في المناظرة التي يتوقع أن يتابعها عشرات ملايين الأمريكيين.
وستشكل هذه المناظرة سابقة تاريخية، إذ لم تشارك أي امرأة من قبل في المناظرات الرئاسية منذ بدء تنظيمها في الستينيات.
وحسم الناخبون بغالبيتهم الكبرى خيارهم لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، ويعتقد أن هذه المناظرات لا تؤدي سوى إلى ترسيخ آرائهم.
غير أنها يمكن أن تؤثر على المترددين الذين سيحسمون السباق لاختيار خلف لباراك أوباما، وهم هذه السنة أكبر عددا منهم قبل أربع سنوات، ويقدر استطلاع للرأي أجرته شبكة "إن بي سي" نسبتهم بـ9% من الناخبين.
فما الذي يتحتم على كل من المرشحين القيام به لنيل تأييدهم؟
أوضح أستاذ التواصل السياسي في جامعة ميزوري، ميتشل ماكيني، المتخصص في المناظرات السياسية الأمر بالقول: "لا أحد يتابع المناظرات التلفزيونية ليرى أيا من المرشحين هو الأكثر ذكاء، أو الأكثر اطلاعا على الأرقام والمعلومات".
وهو يرى أن المشاهدين يؤيدون المرشح الذي ينجح في نقل رؤيته لهم في بضع جمل بسيطة ومتماسكة. وإن كانت هيلاري كلينتون التي تعمل بكد تعرف ملفاتها بشكل معمق، إلا أنه سيترتب عليها مقاومة ميلها الطبيعي إلى إعطاء أجوبة تقنية ومفصلة للغاية.
وقال كارمين غالو، الخبير والمستشار في مجال الاتصال: "يجب إقامة رابط عاطفي مع الناخبين ليكون هناك أمل في الفوز".
وهذه هي المشكلة التي لطالما عانت منها هيلاري كلينتون، وهي التي تلقى أقل قدر من الإعجاب بين جميع المرشحين الديمقراطيين للبيت الأبيض. وتقر هي نفسها بأنها تقتفر إلى جاذبية زوجها بيل كلينتون أو كاريزما باراك أوباما كما يرى أكثر من نصف الأمريكيين أنها غير جديرة بالثقة.
وفي محاولتها الأولى لنيل ترشيح الديمقراطيين في العام 2008، قدمت هيلاري كلينتون نفسها على أنها المرأة الحديدية. غير أنها هذه المرة تركز على دورها الرائد وعلى صورتها كجدة، لتكون أقرب إلى قلوب الناس. لكن من غير المرجح أن تتمكن خلال 90 دقيقة من محو صورة راسخة لدى الرأي العام منذ ربع قرن.
وتبقى ميزتها قدرتها على الرد بشكل ذكي وسريع. وقال كارمين غالو: "ما هي الرسالتان أو الرسائل الثلاث التي تود أن يتقاسمها الناس لاحقا على "تويتر" وشبكات التواصل الاجتماعي؟"، وتابع: "استمعوا إلى الجملة أو الجملتين اللتين سترددهما عدة مرات خلال المناظرة".
وقال الخبير إن "ترامب يقيم رابطا مع الناخبين على صعيد الانفعالات، وهذا أمر يصعب التصدي له، لأن المشاعر دائما أقوى من الوقائع".
وعلى هذا الصعيد، فإن الملياردير الشعبوي الذي كان يقدم برنامجا ناجحا من تلفزيون الواقع، لديه ميزة واضحة يتفوق بها على منافسته: فليس هناك في هذه الحملة أي مرشح آخر، باستثناء السيناتور بيرني ساندرز، فربما، أثار مثله حماسة آلاف الأشخاص في التجمعات الانتخابية.
غير أن ترامب لم يتفوق دائما خلال المناظرات الـ12 التي تخللت حملة الانتخابات التمهيدية، بل حيد نفسه في غالب الأحيان، تاركا المرشحين الآخرين يتواجهون وينتقدون بعضهم بعضا. وفي النهاية، حين لم يبق هناك سوى عدد ضئيل من المتنافسين، عمد إلى بلبلة المناظرة بسلوك استفزازي، فكان يقاطع المناقشات بجمل قصيرة لاذعة وهجومية، أو بشعارات مسيئة.
وقال ماكيني: "خلافا لمناظرات الحملة التمهيدية، حيث كان عدد المرشحين يصل إلى عشرة، سيكون أمام ترامب هذه المرة نصف المدة البالغة 90 دقيقة، ولن يكون بوسعه ملء الوقت بتصريحات متبجحة أو تعليقات ساخرة أو هجمات"، مضيفا "ستتسنى له الفرصة للتحدث في المواضيع الجوهرية. فهل سيتمكن من القيام بذلك؟".
ويخشى فريق كلينتون أن يلزم الصحفي الذي سيدير النقاش الرقابة الذاتية، ويبدي تساهلا في أسئلته لترامب أكثر منه في أسئلته لكلينتون. ولا شك في أن تحليل هذه المناقشات سيكون بأهمية المواجهة نفسها بين المرشحين.