السلام عليكم
دخول الإسلام الى اوكرانيا يرجع إلى النصف الأول من القرن العاشر الميلادي عن طريق الرحالة والتجار المسلمين
الذين كانوا يتوافدون إلى مدينة كييف عاصمة دولة (كييف – روس) محملين بالبضائع المختلفة،
وهذا ما أثبتته المراجع والعملات النقدية التي عثر عليها مسكوكة بأحرف عربية يرجع تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي.
ودون المؤرخون الأوكران فترة توافد المسلمين إلى أوكرانيا في القرن الحادي عشر وخاصة عندما كان يعمل كثير من أبناء الجاليات المسلمة في إمارة كييف في ذلك الوقت.
وقد كان دخول الإسلام إلى أوكرانيا عن طريقين أولهما الطريق الجنوبي.. عبر تركيا والدول العربية والثاني هو الطريق الشرقي عبر بلاد الفولجا والقوقاز. ويقدر عدد مسلمي أوكرانيا بنحو مليوني نسمة، يمثلون حوالي 5% من إجمالي سكان البلاد البالغ حوالي 48 مليونا. يذكر أن اتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا (الرائد) قد تأسس في فبراير 1997 كمؤسسة اجتماعية خيرية مستقلة لخدمة الإسلام والمسلمين في أوكرانيا. ويسعى الاتحاد لنشر الثقافة الإسلامية بين المسلمين من أهل البلاد وتعريف غير المسلمين بالإسلام
يدخل مسلمو أوكرانيا في أجواء شهر رمضان المبارك قبل بدايته، ويستمرون فيها حتى بعد انتهائه، فما يتضمنه من برامج وفعاليات كثيرة وعلى مختلف الصعد، يصعب حصرها في أيام صيامه المعدودة.
وبداية الدخول إلى أجواء رمضان تكون في أوكرانيا قبل أسابيع من بدايته، من خلال منابر خطب الجمعة والصلوات الخمس في مساجدها، حيث يدعو الأئمة وعامة المسلمين الله تعالى أن يبلغهم الشهر الفضيل ويعينهم على صيامه وقيامه.
مع بداية شهر رمضان المبارك تتحول المساجد والمراكز الاسلامية التابعة لاتحاد المنظمات الاجتماعية في أوكرانيا إلى ما يشبه خلية نحل تزدهر بالأنشطة والبرامج الدعوية والثقافية المختلفة، والتي تحظى بحضور جماهيري كبير.
وتسعى هذه المراكز من خلال البرامج التي تقيمها طوال الشهر الفضيل الى رفع المستوى الروحاني وسط أبناء الجالية المسلمة من خلال عيش أجواء رمضانية ذات صبغة روحانية، وتأتي على رأس هذه الأنشطة الصلوات والقيام إضافة الى (موائد الرحمن) التي يقيمها الاتحاد طوال أيام الشهر، ويتسابق أهل الخير من المسلمين لتمويلها في مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي.
ومع رفع الآذان وبعد ترديد الأدعية المأثورة يبدأ الجميع في تناول الإفطار وأكل التمرات في مشهد جميل للتكافل بين مسلمين اوكرانيا، ثم يؤدي المسلمون صلاة المغرب ثم يقبلون على طعام الإفطار وبعدها تبدأ جلسات دردشة يتم فيها طرح مواضيع تهم الجالية المسلمة في الغرب مع شرب القهوة العربية وأكل الحلويات الرمضانية وعلى رأسها القطايف،
بعد ذلك يتوزع المصلون على حلقات التلاوة التي تتخللها وقفات على معاني ودروس وعبر هامة حتى العشاء لأداء صلاة العشاء والتراويح وسماع الموعظة اليومية التي تتخللها صلاة التراويحز أما ثاني أيام رمضان يوم الجمعة حيث ازدحمت المصليات والمساجد أكثر من المعتاد بالمصلين حيث امتلئ المركز الإسلامي بمدينة كييف بالمصليين الذي استمعوا لدرس الجمعة الذي يسبق الخطبة
وهو باللغة الروسية ثم لخطبة الجمعة والتي حث الأئمام فيها على ضرورة إستثمار فرصة الشهر الفضيل بالتوبة والاستغفار والجود والمسامحة والتعاون على الطاعة والخير هذا و تم الاعلان بعد صلاة الجمعة عن إقامة اعتكاف ليلة السبت حتى الفجر والذي
قدم اليه قرابة 150 شخص.
ومع أول يوم في رمضان بدأت المراكز في تطبيق برامجها،
حيث توافد المسلمون بالمئات على المراكز الاسلامية، إذ امتلئت المساجد والمصليات عن آخرها بالمصلين الذين يتسابقون لحضور الصلوات الخمس ولتلاوة القرآن الكريم ويذكرون الله تعالى،
وقبيل الغروب يبدأ الصائمون بالتوافد على المراكز الإسلامية والمساجد لتناول طعام الإفطار حيث الموائد الرحمانية التي يقيمها اتحاد الرائد يوميا للرجال والنساء والتي تلقى إقبالاً كبيراً، حيث حضر للمركز الإسلامي في مدينة كييف ما يزيد على 500 شخص لتناول طعام الإفطار بينما توافد على مركز مدينة أوديسا قرابة 400 شخص وكذلك الحال بالنسبة لبقية المراكز الاسلامية.
ثبات الاوكرانيين على دين الاسلام
تجدر الاشارة ان مسلمي اوكرانيا عانوا الويلات يتجلى ذلك عندما وقعت كل من أوكرانيا وجزيرة القرم تحت سيطرة الإمبراطورية الروسية، وتنازلت تركيا عن القرم لروسيا حسب الاتفاق الذي وقع بينهما في يونيو 1774م بدأ مشوار المآسي مع المسلمين الذين أصبحت أمامهم خيارات الهجرة والإبعاد أو ترك دينهم و اعتناق النصرانية.
كما أصبح الذهاب إلى الحج من أصعب الأشياء التي ممكن للمسلم الحصول عليها لأنها تحتاج إلى موافقة السلطات الرسمية، وفي سنة 1876م حرمت السلطات الروسية على المسلمين الحج إلى بيت الله الحرام،
وبدأت السلطات الروسية حملات التطهير العرقي والديني لمسلمي القرم حيث قامت السلطات في سنة 1890م بإغلاق المدارس والمساجد ومصادرة الأوقاف ومطاردة المسلمين وإجبارهم على مغادرة موطنهم.
وفي العام 1917م جاءت ثورة أكتوبر الاشتراكية بأيدلوجيتها القائمة على محاربة الأديان وبالأخص الإسلام و المسلمين، فقد شهدت العشرينات والثلاثينيات من القرن الماضي حرب شعواء واسعة النطاق ضد الدين والمتدينين على حدود الاتحاد السوفييتي وكانت مطرقة النظام موجهة وبقوة ضد مسلمي أوكرانيا والقرم على وجه الخصوص.
هكذا كانت الحياة الدينية لمسلمي أوكرانيا والقرم مقبوض عليها بيد من حديد حتى جاءت البيروسترويكا (إعادة البناء عام 1985 - 1991م) التي أعطت المسلمين حرية نسبية شرع المسلمون في ظلها في تكوين الإدارات الدينية والجمعيات الإسلامية
وممارسة شعائرهم الدينية، وفي نهاية الثمانينيات بدأ المسلمون في تجميع صفوفهم والعودة إلى دينهم بعيداً عن أعين السلطات،
ولم يستطيع المسلمون ممارسة شعائرهم الدينية بحرية إلا بعد أن أعلنت أوكرانيا استقلالها بعد سقوط الإتحاد السوفييتي و انتهاء الحقبة الشيوعيه