العصر الجوراسي.. لماذا يحظى هذا العصر دون غيره باهتمام الكثيرين مؤخراً؟!
حتى في السينما، ظلّ العصر الجوراسي هو محور الحديث في العديد من الأفلام السينيمائية المختلفة التي تُصوّر الحياة القديمة على الأرض. حيث ظهر أول فيلم يتحدث عن هذا العصر عام 1993؛ باسم “Jurassic park“؛ وامتد لسلسلة من الأفلام المتتالية، التي تحمل نفس الاسم؛ في فتراتٍ زمنيةٍ مُتباعدة.
في عام 1997، ثم 2001، ثم أخيراً في هذا العام باسم “Jurassic World“. لكن يظل السؤال؛ لماذا كل هذا الاهتمام بالعصر الجوراسي تحديداً دون غيره؟ الإجابة في بضعة أسباب وضّحها لنا التاريخ الجيولوجي القديم؛ سأتناولها لاحقاً.
ترتيب العصر الجوراسي في السّجل الجيولوجي
قبل الخوض في تفاصيل هذا العصر، لابد من ذكر نبذة قصيرة عن؛ ماذا كان قبل الجوراسي؟
الفترة الزمنية ما قبل الجوراسي
من المُثبت علمياً أن الأرض تكوّنت منذ 4.6 مليار سنة؛ وعصفت بها أحداث وتحركات مُوحشة كوّنت تضاريسها. صُنفت الحياة على الأرض تدريجياً؛ وفقُاً للسّجل الجيولوجي بدايةً فيما عُرف بالأمد، ثم الدهر؛ الذي تضمّن عدة أحقاب زمنية، وتلك الأحقاب؛ احتوت بدورها على عصورٍ زمنيةٍ رئيسية، وأخرى فرعية.
الفترة الزمنية السحيقة التي سبقت العصر الجوراسي؛ كانت أرضاً قاحلة ميتة لا توجد بها أي معالم لوجود حياة؛ سُميت تلك الفترة بأمد ما قبل الكامبري. احتوى هذا الأمد؛ على دهر سُمي “الدهر الجُهنّمي”. ثم بدأ بعده “الدهر السحيق”، و بعده “دهر الطلائع”. لكل دهر مما سبق؛ حُقبة زمنية خاصة به احتوت على مظاهر خاصة للحياة على كوكب الأرض؛ يُمكن تلخيصها كالآتي.
عندما حلقت الديناصورات أعالي السماء
الدّهر الجُهنّمي منذ “4 مليار سنة”؛ بداية تكوّن الأرض نفسها. لم تكن هناك حياة، ولا أكسجين في الغلاف الجوي، ولا تضاريس سوى جبال “نابيير” في القارة القطبية الجنوبية. احتوت تلك الفترة الزمنية؛ على وجود معدن “الزركون” فقط أقدم معدن معروف.
الدهر السحيق منذ “3 مليار سنة”؛ احتوى على أربعة أحقاب زمنية مُتتالية، لم تفصلهم فترات زمنية طويلة. أهم مظاهر الحياة فيه؛ هي ظهور كائنات وحيدة الخلية، والبكتيريا والعتائق، والتناسخ الذاتي لجزيء الحمض الريبي النووي “RNA”، ثم ظهور أول بكتيريا عُرفت، و هي البكتيريا المُنتجة للأكسجين من خلال التغذية الضوئية.
دهر الطلائع منذ “2.5 مليار سنة”؛ احتوى هذا الدهر على 3 أحقاب مُنفصلة الفترات الزمنية. كانت أهم مظاهر الحياة في هذا الدّهر، هي حادثة الأكسجة –الأكسجين- العظيمة. تلك الحادثة؛ كانت بداية ظهور الأكسجين على كوكب الأرض.
الفترة الزمنية التي احتوت العصر الجوراسي
جميع ما سبق؛ كانت فترة زمنية سحيقة منذ بداية تكون الأرض؛ وصولاً للدهر الرابع المُضاف لمن سبقوه. سُمي “دهر البشائر”؛ الدهر الذي بدأت فيه بشائر الحياة الحديثة تظهر على كوكب الأرض؛ بعيداً عن البكتيريا والمخلوقات البدائية، والزواحف.
احتوى هذا الدهر- البشائر- على 3 أحقابٍ زمنية مُتتالية؛ تضمنت تلك الأحقاب؛ 12 عصراً زمنياً معنياً بالحياة على الأرض؛ وصولاً ليومنا هذا؛ الذي يُصنّف ضِمن العصر الرُّباعي “فترة الهولوسين”.
ما يهمنا في تلك الفترة الزمنية؛ هو العصر الجوارسي؛ الذي أتى بعد العصر الترياسي “الثلاثي”. ترتيبه في السجل الجيولوجي هكذا؛ “دهر البشائر- الحُقبة الوسطى- العصر الجوراسي”؛ منذ ما يقرب من” 201.3″ مليون سنة.
تعود كلمة الجوراسي؛ إلى سلسلة جبال جورا؛ الواقعة بين فرنسا، وسويسرا، وألمانيا؛ حيث تكونت الأحجار الجيرية البحرية هناك.
نأتي هنا للإجابة على سؤال، لماذا العصر الجوراسي تحديداً ؟ حسناً؛ أهميته تَكْمُن في الآتي..
احتوائه على عمالقة الأرض؛ الديناصورات
عصر ظهور الديناصورات؛ مخلوقات الأرض العملاقة التي وجدت بعد أن كانت المخلوقات على الأرض؛ مُجرد زواحف مُجنّحة في عصورٍ سابقة. لا يُعرف كائنات أكبر من الديناصورات عاشت على الأرض قبل العصر الجوراسي.
كلمة “ديناصور”؛ هي كلمة لاتينية مُعرّبة تعني “عضّاءة مُرعِبة”. بدأ ظهور الديناصورات في أواخر العصر الثلاثي- قبل الجوراسي مباشرة – منذ مايقرب من “230” مليون سنة. استطاع علماء الأحياء القديمة؛ التعرّف على أكثر من 500 جنس، و1500 نوعٍ مُختلفٍ من الديناصورات غير الطيرية “لا تطير”.
اختلفت أنواع الديناصورات أثناء وجودها؛ كان منها آكلة أعشاب، وأخرى آكلة لحوم ضارية. منها ما سَارَ على قدمين اثنتين، ومنها ما سَارَ على أربعة قوائم، وآخرون استخدموا كلتي الطريقتين في السّير. أشكالها الهيكيلية كانت متنوعة أيضاً؛ فالديناصورات غير الطيرية كان معظمها مزوداً بدرعٍ يعلو عمودها الفقري، وقرون؛ أو طوق حول رقبتها.
ديناصورات العصر الجوراسي
ما يهُمنا منها؛ هي ديناصورات العصر الجوراسي الضخمة، والتي تعددت أنواعها، وطرق معيشتها. هناك 7 أنواع بارزة وجدت حينها؛ يمكن تلخيصها كالآتي:
ديلوفوسورس، أو العضاءة ذات التاجين
ديناصور آكل لحوم قوي؛ عاش في بداية العصر الجوراسي. سُميّ بالعضّاءة ذات التاجين؛ نظراً لوجود عظمتين تشبهان التاج فوق رأسه. تميز باصطياد لفرائسه عن طريق الشم؛ نظراً لضعف نظره. له أسنان مُقوسة، قوية وحادة، وأذرع قوية؛ ليتمكن من الإمساك بفرائسه، وذيل طويل يُستخدم كسوطٍ في المعارك.
براكيوصور
ديناصور عاش في العصر الجوراسي المُتأخر؛ منذ ما يقرب من “155,6- إلى 145,5” مليون سنة. آكل أعشاب؛ وأضخم الحيوانات التي عاشت على كوكب الأرض. يصل طول البراكيوصور إلى “23” متراً؛ و ارتفاعه “13” متر، و علوّ كتفه وحده يصل لـ 6 أمتار.
جمجمته صغيرة دائرية ويمتلك فكاً عريضاً؛ يحتوي على أسنان مُدببة وطويلة. طول رقبته يصل إلى 9 أمتار وتحتوي على 14 فقرة. قدماه كانتا طويلتان، إلى أن الأماميتين كانتا أطول من الخلفية.
سيراتوصور
ديناصور ضخم آكل لحوم عاش في العصر الجوراسي المُتأخر؛ منذ ما يقرب من “153- 148” مليون سنة. بلغ طول السيراتوصور حوالي 7 أمتار؛ و وزنه 2 طن، يسير على قدميه الخلفيتين. له 3 قرون أحدهم على أنفه.
ستيجوصور العضاءة ذات السقف
ستيجوصور ديناصور آكل أعشاب؛ عاش في العصر الجوراسي منذ ما يقرب من “145-155” مليون سنة. له رأس صغير مقارنة بجسمه؛ يصل طوله إلى 16 متراً، ويزن حوالي 7 أطنان.
يحمل فوق ظهره حراشف كبيرة، وعلى ذيله أشواك تشبه الرّماح. جميعها كانت بمثابة درعٍ تَقِيه من العمالقة الأخرين؛ حيث عاش وسط ديناصورات أخرى آكلة للحوم.
ديبلودوكس
ديناصور آكل أعشاب؛ عاش ديبلودوكس في العصر الجوراسي، في أمريكا الشمالية منذ ما يقرب من “150 مليون سنة”. أطول ديناصور سُجّل في التاريخ؛ حيث يصل طوله إلى 26 متراً، و وزنه 10 آلاف كيلوجرام.
يتميز برأس صغيرة جداً مزودة بأسنان صغيرة أيضاً، ورقبة طويلة، وذيلٍ أطول. يسير على أقدامه الأربع، لكنه حين يأتي موعد الغداء، يقوم بدفع الأشجار بقدميه الأماميتين ويوقعها أرضاً؛ ثم ينقض عليها.
كان أبرز ما يميز هذا الوحش؛ هو ذيله الذي يستخدم كسوطٍ وسلاح فتّاك في المعارك؛ وأكد بعض العلماء أن سرعة تأرجح هذا السوط تفوق سرعة الصوت!
وثائقيات علمية وتاريخية مُذهلة تأخذك إلى عالم آخر
كامراصور العضّاءة ذات الرقبة المحفورة
أو كامراسوريس؛ ديناصور آكل أعشاب عاش في العصر الجوراسي؛ منذ ما يقرب من “155” مليون سنة. طوله 18 متراً، ووزنه 18 طنًّاً. له رأس صغيرة، ورقبة طويلة، وذيل قصير نوعاً ما، يسير على أربعة قوائم. لُقّب بذلك اللقب -الرقبة المحفورة-، لأنها تحتوي على فراغات مجوفة في رقبته.
ألوصور
ديناصور ضخم؛ آكل لحوم عاش في العصر الجوراسي منذ ما يقرب من “145” مليون سنة. يبلغ طول الألوصور 12 متراً، و ارتفاعه 5 أمتار، ووزنه طناً. تميز هذا العملاق؛ برأسه الضخم الذي وصل طوله وحده لمتر، وله بروز من العظام بجوار عينيه، وآخرين فوق أنفه ورأسه. له يدين صغيرتين تمتلكان مخالب حادة، يبلغ طولها 15 سنتيمتر؛ ويسير على قدمين.
انزياح القارات؛ و تغير المُناخ في الأرض
إحدى مميزات العصر الجوراسي؛ ففي العصور الجيولوجية التي سبقته منذ ما يقرب من “237” مليون سنة؛ كانت اليابسة على الأرض؛ مُكونة من قارة عظمى مُتصلة على طول الكرة الأرضية؛ تدعى “بانجيا- PANGEA”.
شكل اليابسة على الأرض في عصور ما قبل الجوراسي
كان من أبرز الأحداث خلال العصر الجوراسي؛ هي انقسام تلك القارة العظمى- بانجيا – إلى قارّتين رئيسيتين؛ هما القارة العظمى “لوراسيا” في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، و القارة العظمى “غندوانا” في النصف الجنوبي.
شكل القارات خلال العصر الجوراسي
أدى ذلك الانقسام إلى ظهور البحر المتوسط، و انغلاق بحر “التيث”؛ الذي كان يفصل بين القارات قبل العصر الجوراسي. هذا البحر؛ موقعه غير ثابت؛ حيث يختلف وجوده من عدمه؛ وفق حركة القارات.
ظهر أيضاً خليج المكسيك في الصدع الجديد بين أمريكا الشمالية، وكان المحيط الأطلسي الجوراسي الشمالي ضيقاً نسبياً.
تغيّر مناخ الأرض؛ فوصلت درجة حرارة الأرض إلى 16.5 درجة مئوية، ونسبة الأكسجين في الغلاف الجوي إلى 26%، ونسبة ثاني أكسيد الكربون وصلت إلى “1950” جزء في المليون، أي أعلى من نسبة ثاني أكسيد الكربون التي كانت قبل الثورة الصناعية بـ 7 مرات.
تضاريس و ملامح لحياة جديدة
غطت النباتات المخروطية الأراضي التي كانت جافة من العصر الترياسي -السابق للجوراسي-، وظهرت العديد من المخلوقات الجديدة كالتماسيح الأولية، والزواحف البحرية. نشأت مجموعة من مخلوقات الأركوصورات “ملكة السحالي”؛ أواخر العصر الترياسي؛ وهي مجموعة من ثنائيات الثقوب الأمنيوتية التي تُمثلها الطيور الحديثة. ثم تطورت الأركوصورات إلى ديناصورات، وديناصورات طيرية – تطير- خلال العصر الجوراسي.
أركيوبتركس
الأركيوبترس؛ هو أحد فصائل الأركوصورات التي تطورت إلى ديناصورات طيرية؛ وعاش أواخر العصر الجوراسي منذ ما يقرب من “150” مليون سنة. طائر منقرض؛ له رأس يشبه الديناصورات؛ ومُزوّد بأسنان كبيرة واضحة، وذيل ريشي طويل؛ يجمع بين صفات الطيور والزواحف معاً.
رامفورينكاس مِنْقارية الأنف
مِنقارية الأنف؛ نوعٌ آخر من الزواحف المُجنحة المُنقرضة التي عاشت أواخر العصر الجوراسي. جسمها متوسط الحجم؛ تمتلك جناحان كبيران من الجلد -كالخفافيش-؛ وذيلاً طويلاً. تميزت بفمها المُزود بما يشبه حقيبة حَلْقية؛ تُستخدم لتخزين الطعام. تستطيع التحليق والسير على الأرض؛ ويعتبر هذا النوع هو الحلقة الفاصلة بين الزواحف و الطيور.
صورة تُظهر حفرية للرامفورينكاس
بليزوصور – الشبيه بالعضاءة
نوعٌ من الزواحف البحرية المُفترسة من مجموعة “البلصور” الزاحفة. عاشت خلال العصر الجوراسي المُبكّر منذ ما يقرب من “135” مليون سنة. لها جسد كبير مستدير؛ ورقبة طويلة جداً برأسٍ صغير؛ وأربعة زعانف قوية تُمكّنها ورقبتها من السباحة في المياه.
ستينوبترجايس
نوعٌ من الزواحف البحرية الضخمة التي عاشت في أواخر العصر الترياسي -قبل الجوراسي- وفي العصر الجوراسي المبكر أيضاً؛ وأحد أنواع مخلوقت الإيكتوصور أو “السّمَكْسِحْليات“. يبلغ طوله حوالي الأربعة أمتار؛ ورأسه شبيه برأس خنزير البحر؛ بأنفٍ مُدبب طويل.
بالإضافة لكل ما سبق؛ خلال العصر الجوراسي؛ بدأت الأحجار الجيرية بالترسب؛ ووُجد النفط، والفحم بجانب الحديد والفسفور.
عشر منحوتات فنية أثرية لعصور ما قبل الميلاد تظهر براعة الإنسان القديم !
الفترة الزمنية ما بعد الجوراسي
وفقًا للسجل الجيولوجي المذكور في البداية؛ انتهى العصر الجوراسي منذ ما يقرب من “152.1” مليون سنة. تلاه مباشرة العصر الطباشيري منذ ما يقرب من “135” مليون سنة؛ ولا يقل ذلك العصر أهمية عن سابقه.
كانت الفترة المُبكرة هي الأهم؛ حيث شهدت الأرض عدة أحداثٍ غيرت شكلها؛ وأصناف الحياة فيها؛ يمكن تلخيصها في الآتي..
# لزدهرت الديناصورات في الفترة المُبكرة من العصر الطباشيري؛ واختلفت أنواعها، وأشكالها العملاقة.
# ظهر أشرس مخلوقات الأرض؛ ديناصور التيرانوصور أو “T.rex”. عملاقٌ ضاري آكل لحوم عاش في العصر الطباشيري المُتأخر منذ مايقرب من 75 مليون سنة؛ في الغابات القريبة من الأنهار، وفي المستنقعات الرطبة. بلغ هذا العملاق طولاً وصل لـ 12.3 متراً؛ وارتفاعه عند خصره 4 أمتار. وزنه وفق تقديرات العلماء وصل حد الـ 8.6 أطنان.
رأسه كبير جداً بطول متر واحد؛ بفمٍ يتخذ شكل حرف “U” بخلاف كافة المخلوقات؛ احتوى على أسنانٍ قويةٍ صلبة بطول 30 سنتيمرًا للواحدة. مَكّنه ذلك التركيب؛ من التهام ما يقرب من 230 كجم من اللحوم و العظام في قضمة واحدة.
قدماه الخلفيتان طويلتان مُقارنة بحجم جسده، وذراعاه قصيرتان قويان، وله ذيل تكوّن من 40 فقرة لموازنة ذلك الجسد العملاق. إضافة لذلك الوصف؛ كان يسير على قدميه تارة، وعلى الأربعة تارة أخرى إذا استدعى الأمر ذلك.
هذا الوثائقي الذي قامت ناشيونال جيوغرافيك بإنتاجه؛ هو تشريح للـ “تي ريكس” سيصيبك بالذهول حرفياً
# انفصلت قارة إفريقيا عن أمريكا الجنوبية؛ وتوقفت حركة التواءات القشرة الأرضية وسط أوروبا.
شكل الكرة الأرضية في العصر الطباشيري
# زاد الطفح البركاني في جبال الأنديز. أصبح المناخ أكثر دفئاً؛ حيث وصلت درجة الحرارة إلى 18 درجة مئوية؛ وأصبحت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي 30%، وثاني اكسيد الكربون أصبح “1700” جزء في المليون.
# زادت أنواع الثديات الصغيرة، والنباتات الزهرية، والزواحف البحرية.
# في نهاية العصر الطباشيري؛ حدث ما عُرفت بحادثة الانقراض العظيمة؛ التي رُجّح فيها أن كوكباً اصطدم بكوكب الأرض؛ وتسبب بإطلاق الغبار، والحطام إلى الغلاف الجوي؛ فحجب ضوء الشمس، وغيّر المناخ. بتلك الحادثة انتهى العصر الطباشيري.
أخيراً.. العصران الجوراسي، والطباشيري؛ أزهى عصور تاريخ الحياة القديمة؛ احتويا على أشرس المخلوقات وأضخمها، ثم فجأة؛ وبدون أي أدلة على أسبابٍ واضحة؛ طُويت صفحتاهما بمخلوقاتهما العملاقة معاً، التي لم يُعرف حتى الآن سبب وجودها؛ ولا رحيلها.
ويمكنني في نهاية الأمر أن أقول بأن العصر الجوراسي تحديداً؛ هو الحد الفاصل بين ثلاث حيواتٍ ظهرت على كوكب الأرض. الحياة البدائية الأولى وما تضمنته من بعض المخلوقات الأولية، والزواحف، وغيرها من المخلوقات على كوكبٍ مهجور.
ثم حياة عصر الجوراسي؛ التي مُلئت بحركة قوية وحيواناتٍ شرسة؛ عِملاقة؛ زلزلت الأرض تحت أرجلها بحركتها. وأخيراً؛ حياة ثالثة جديدة كلياً أتت بعد رحيل تلك المخلوقات؛ تضمنت ظهور حيواناتٍ مُتطورة ـومُسالمة نسبياً مُقارنة بسابقاتها- بالإضافة لبداية وجود الإنسان و تأقلمه على الكوكب ومخلوقاته؛ وصولًا ليومنا هذا.