الشيخ جميل حيدرفي سطوركتابة(السيد حيدر محسن مجيد الهلالي )نسبه وأسرته :ـ
ينتسب الجميل إلى الشجرة الوثالية الأجودية في غصن آل حيدر "متجاور النسغ مع شقيق الجذر شاكر"(1) ،متناسلين إلى الشيخ صادق بن الشيخ باقر(العلاّمة الشاعر المجاهد ) بن الشيخ علي(2) بن الشيخ محمد علي حيدر. والجميل هو – والحديث له "مواطن عراقي إسلامي العقيدة، عربي الشعور، سقشخي* المنشأ، نجفي البناء"(3) . وأسرة آل حيدر من اسر الجنوب العلمية العريقة عُرِفت طوال قرنٍ و يزيد برجالاتها من العلماء والأدباء والمجاهدين، وليس بعيداً ذكرُ الشيخ باقر الشاعر المجاهد والشيخ أسد حيدر صاحب موسوعة (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) وشقيق شاعرنا - شاكر- الشاعر المعروف، وولدي عمّه العالَِمَيْن الفاضلين موسى ومحمدّ. وعمه الشيخ محمد حسن آل حيدر الذي كان في فترة ما نائباً لرئيس مجلس الأعيان .(4)
ولادتُهُ ونشأتهُ :ـ
في السنوات الأولى من العقد الرابع من القرن الماضي تنسَّمَ جميل حيدر ريح الجنوب مفعمة بعطر اللوعة السقشخية، فمدينة سوق الشيوخ – محل ولادتهُ – كـباقـي مـدن الجنـوب ورثـت
(1) النبع والظل وأحلام القديس الراحل ، كراس صدر في أربعينية الشاعر: 4
(2) السيرة الذاتية، جميل حيدر، مخطوط
* أي سوق الشيوخ وهو قضاء يقع على بعد ثلاثين كيلو متراً تقريباً جنوب الناصرية
(3) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(4) المصدر السابق
1
الحزن كابراً عن كابر، حيث توالت عليها المحن والمآسي منذ نشأتها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، بسبب من خشية ( السلطان ) الذي كان يرى فيها مكمناً للثورة وقلعة للتمرد.
وترعرع جميل حيدر في دار أجداده ومنبت آبائه ارضِ الشعر والكرم والجهاد سوق الشيوخ. وذكر أنَّ ولادتهُ كانت عام 1935 (1). في حين أكدَّ نجلُهُ السيد وميض في مقابلة خاصة أن ولادتهُ الفعلية كانت عام 1932 إلاّ أنَّ التسجيل الرسمي لها كان عام 1935 (2) . وعاش سني طفولتهُ وصباه في مسقط رأسه ولمْ يكدْ يبلغ الثالثة عشرة حتى غادره إلى النجف لتبدأْ مرحلة أخرى جديدة في حياته.
دراسته وثقافته :ـ
نزولاً عند رغبه أسرته ألمحافظه ذات المنزع العلمي ارتحل إلى مدينه النجف الأشرف عام 1945. التي قال فيها فيما بعد :ـ
مَناخةُ الشَّمسِِ ومَسرى النَّجمِ ومنتدى الفقهِ ودارُ العلمِ(3)
وكانت إقامته هناك في دار جدّه الشيخ العلامَّة المجاهد ( باقر حيدر ) ولم يأذن عامُه الأول بالأفول حتى نقل سكناه إلى المدرسة الدينية ( المهدية ) التي حرص فيها على أن يكون قريباً من وكيلها الشيخ محمد رضا العامري فكان أستاذه ومعلمه الأول، وقد كان لهذا الرجل صلات ووشائج "مع بعض عوائل سوق الشيوخ"(4) كانت سبباً في رعاية جميل حيدر واهتمامه الخاص بهِ، و شاركه الغرفة نفسها الشيخ الدكتور صالح الظالمي الذي كان حينها شاباً يافعاً داخل المدرسة لتحصيل العلوم ألدينيه فكان بدوره سبباً مباشراً في توجيه الجميل إلى حب الأدب والشعر ومزاولتهما، حيث جمعت بين الاثنين صداقة حميمة امتدت حتى وفاة جميل حيدر.
(1) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(2) مقابلة خاصة أجريت مع وميض جميل حيدر في دارة في سوق الشيوخ/23/4/2006
(3) الأرجوزة النجفية في مسار حركة الرابطة الأدبية ، جميل حيدر ، مخطوط
(4) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
2
وواصل الحضور على مدار الأسبوع في بيوت النجف ومجالسها العلمية والأدبية مع صفوة الزملاء والأدباء والأصدقاء فدرس النحو ( أجروميةً ) و( قطراً ) و ( الفيةً ) و( حاشية ملاّ عبد الله ) في المنطق و ( كنايه الآخذ ) عند العامري. ودرسَ ( التبصرة ) و ( الشرائع ) و ( اللُّمعة الدمشقيه ) عند السيد محمد علي الحمامي وحسن الحلو. ودرسَ ( مختصر الفصاحة والبلاغة )عند الشيخ الشاعر عبد المنعم الفرطوسي وقد عبر عن مرحلة الدراسة بقوله :ـ
فمشى بهِ الدرسُ الملذّ كأنَّه إيقاظُ عافيةٍ بجسمٍ فانِ (1) "
هناك استشعر خاصَّية الدرس من خلال رحلة التدريس حيث اعتادت مدارس النجف أنْ تمنح الطلب فرصه التدريس في إلحلقة التي تجاوزها آنفاً، وكذلك من خلال مواهب المدرسين فقد وقف على جلاله العلم وسحر الشعر ورهافة الذوق وحسن الأسلوب. حينها تسلل إلى شفتيه بيتُهُ الأول "بلا سابق تمهيد ودونما تحديد رؤيا"(2)، بيتُه الذي لا يخلو من سذاجة في التركيب والدلالة لكنه كان على أيّة حال بيته الأول:-
كوِّن لنفسكَ في الحياةِ سعادةًََ إن كنتَ ترغبُ أن تعيشَ سعيدا(3)
وقد نسبه لغيرة ليعرف مدى وقعه على آذان ناقديه الذين لم يدَّخروا وسعاً في تجريحه والتعريض به.
كانت ثقافة جميل حيدر وتحصيله -إذن- تراثيين بصفة عامَّة، أردفهما بحفظ واسع من ديوان الشعر العربي وإطلاع كبير على التاريخ والتراث العربي الإسلامي.
ومن جانب آخر فقد كان للصلات العميقة التي احتفظت بها النجف مع الأدب العربي الحديث حين تلقفت نتاج شعرائه وعمدت إلى طبعه وتوزيعه ، كما هو الحال مع ( جداول ) إيليا أبي ماضي عام 1927، ونتاجات السَّياب المبكرة ، وحين استقبلت محمود حسن إسماعيل و الفيتوري وقبلهما احمد أمين زائرين ، وغير ذلك من مظاهر العلاقات المتواصلة كالحرص على توريد الصحف والمجلات الأدبية ذات المنزع ألتجديدي . كان لكل ذلك أثرة في تعميق وشائج جميل حيدر بالأدب الحديث وتوجهه إليه إطلاعاً وحفظاً، فكان أن ظهرت بعض آثار ذلك التوجه –عفوياً- في شعرهِ لاحقاً.
(1) قصيدة السيرة الذاتية ، جميل حيدر، مخطوط
(2) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(3) المصدر السابق
3
وقد عمق هذا التوجه –فيما بعد- قرب جميل حيدر من الثقافة الأكاديمية حين احترفَ مهنة التعليم مع مطلع الستينيات بعد تجاوزه ( دورة رجال الدين ) ليعمل معلماً في مدرسة ( ألرفعة ) في "ذيلٍ من ثوب سوق الشيوخ"(1).
محطات في حياته :ـ
وخلال إقامته في النجف كان تأثير المجالس العلمية والأدبية عليه قوياً فاعلاً ذا أثرٍ جليٍ واضح امتدَّ معه إلى أسخريات حياته، حيث الجدل والحوار والمناقشة والنقد على قدمٍ وساق، وكانت كلَّها تثير في الطالب بوادر الرغبة في الازدياد من العلم، وتبعث فيه الطموح إلى مجاراة العلماء والأدباء في حقول المعرفة المختلفة. فمن مجلس الشيخ سلمان الخاقاني إلى مجلس بيت الشيخ إلى مجلس الشيخ أسد حيدر إلى مجلس بيت آل الشيخ راضي كان الجميل يتنقل حاملاً في جيبه قرطاسيه وفي جنبهِ قلبٌ توّاق إلى الأدب.
هذا إلى جنب الجمعيات الأدبية ذائعة الصيت والأثر مثل ( جمعية الرابطة ) و ( جمعية منتدى النشر ) و ( جمعيه التحرير الثقافي ) ذوات الأنشطة الثقافية عامّه والأدبية خاصة التي عدّها الجميل "أنديه حوار ومنابر خطابه وأسواق مواسم في النجف " (2)
ولمّا داعبت نسائم التغيير أحلام الشباب ضمن مدار حركة الأفق الأوسع قطرياً وعربياً وساورت بعض شباب النهوض الأدبي فكرة مشروع ( الندوات الأدبية الخاصة ) متأثرة بمثيلاتها في مصر ولبنان، حين ذلك بادر الشاعر محمود ألحبوبي إلى إقامة ندوه أدبية خاصة باسم ( ندوة الأدب الحي ) في دار التاجر الأديب عبد الله الصرّاف عام 1946، ثم أعقب ذلك الأديب محمد جواد الدجيلي في ( ندوة الأدب الحر ) عام 1947. وكرد فعل على هاتين الندوتين وتعبيراً عن حرارة الأدب التقليدي –أدب الشيوخ- تشكلت ندوة في مدرسة الآخوند باسم ( ندوة الأدب المحتضر ) أسسها الشيخ محمد زين الدين واستقطبت –بفعل تأثير مؤسسها وحضور شخصيته- ثلَّة من أدباء النجف كان من أبرزهم الشيخ سلمان الخاقاني والسيد مصطفى جمال الدين والشيخ صالح الظالمي والسيد محمد بـحر العلوم. وكان مدار هذه الندوات جميعاً الحفظ والنظم والإنشاد والنقد ( ألمحاكمة الأدبية المرتجلة ) وخلق جو أدبي يوجه مسار الحركة الأدبية في النجف.
وسرعان ما احتضرت الندوة الأخيرة بفعل السأم والرتابة فأنماز عنها كلٌّ من السيد مصطفى جمال الدين
(1)السيرة الذاتية ، جميل حيدر، مخطوط
(2)المصدر السابق
4
والظالمي وضياء الخاقاني حين أجمعوا على تشكيل ملتقى ثقافي على غرار نظام الأسر الأدبية الحديثة. وكان جميل حيدر مدعوّاً مع الشيخ محمد عبد الله الهجري من السعودية لمناقشة الموضوع وإنضاج الفكرة ثم وضع أسس العمل لها وصياغة مبادئها. وهكذا أُعلن اسم الوليد الجديد وهو ( أسرة الأدب اليقظ ):-
من صالحٍ ومحمدٍ والمصطفى وجميل حيدر والفتى الخاقاني(1)
وأنضمَّ إليها فيما بعد بحرا العلوم محمد وحسين والسيد محمد حسين فضل الله من لبنان . وقد ميَّز حركة هذه الأسرة فيما بعد تماسك الوحدة العضوية والالتزام بالموضوع الواحد وجدّة الأسلوب ورصانة النقد مع "اتساع أفق وشروق رؤيا ثم المقارنة والموازنة ومزاوجة القديم بالحديث"(2). وظهر اثر ذلك جلياً فيما نظموا ونشروا وما عقدوه من ملتقيات ومهرجانات ومقابلات صحفية. وكان أول مؤتمر صحفي أقامته الأسرة – سماه جميل حيدر "حفل إعلاني"(3)- في النجف في مسجد الهندي للسيد محمد حسين فضل الله وشارك فيه من أعضائها الشيخ الهجري والسيد محمد حسين بحر العلوم وجميل حيدر.
وكان هذا المؤتمر دليل عمل الأسرة أداءً وتعريفاً بها بأوسع وأجدّ ظهور في الأوساط الأدبية آنذاك. ونتيجة لاتساع عمل الأسرة وعلّو صوتها في المحافل الأدبية ووثاقة العلاقة بين أعضائها من جهة وصديقيهم الشاعر صادق القاموسي ( المنتدائي ) والسيد محمد بحر العلوم ( ألرابطي ) من جهة أخرى، تنافست الجمعيتان ( منتدى النشر ) و ( الرابطة ) على كسب ود أعضاء الأسرة بغية ضمّهم إلى إحدى هاتين الجمعيتين وكانت الرابطة "لسماحتها"(4) هي صاحبه الحظ الأوفر بانضواء الأسرة تحت خيمتها.
وهكذا اندمجت أسرة الأدب اليقظ بالرابطة وذابت فيها وبدأت الرابطة فعاليتها بنفَس جديد وحركة ونشاط دائبين أملََتها الدماء الجديدة لأدباء الأسرة الذين وفدوا إليها.
وكان من مظاهر ذلك النشاط وتلك الحركة أن أصدرت الرابطة مجلة ( الرابطة ) وأقامت مهرجانها الشعري الأول في النجف الذي حقق الانتشار لها ونافسَ من حيث الإعداد والتنظيم المهرجانات التي كانت تقيمها المؤسسات الثقافية الحكومية أبان الخمسينيات، وجددت عمارة بنايتها وقاعة الاحتفالات فيها ثم طبعت أربعة دواوين لأربعة من أعضائها
(1) قصيدة السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(2) السيرة الذاتية ، جميل حيدر، مخطوط
(3) المصدر السابق
(4) المصدر نفسه
5
وهم الظالمي ( في دروب الضباب ) والمحتصر ( الاغتراب ) وعبد الرسول البرقعاوي ( صلاة للنهر) وجميل حيدر ( نبعٌ وظل ).
ونشطت حركة اللقاءات والندوات والأماسي والملفت أنّ حيدر خلال تلك الفترة التي سبقت طباعة ديوانه كان ينشر نتاجاته في الصحف المحلية والنشرات الثقافية باسم مستعار هو ( سعدي آمل ) شأن الآخرين من زملائه. ولعلَّ التكوين المحافظ لهُ كونه من أسرة دينية معروفة وكونه طالبا للعلوم الدينية في بيئة كان النظم بالغزل فيها منافٍ لطبيعة أجواء النجف وانَّ عموم الشعراء آنذاك كانوا –في تلك البيئة- يرغبون بالظهور بمظهر الفقيه لا الشاعر(1) ، لعلَّ كل ذلك كان الدافع وراء النشر باسم مستعار.
وأسهم أعضاء الرابطة في مهرجانات وزارة الثقافة والإعلام واتحاد الأدباء كـ ( المربد ) و( مهرجان أبي تمام ) واتسَّع نشاطهم وحضورهم حتى بزّ عمل الرابطة ونتاجها عمل ونتاج مؤسسات ومنتديات رسمية وشبه رسمية ترعاها الحكومة.
ثم كان الانعطاف الكبير في نظام ( توحيد الجمعيات الأدبية ) مع حلول الثمانينيات ، ذلك النظام الذي عبرَّ عن ضيق صدر الاتحاد ( البغدادي ) بعمل ( الرابطة ) ومثيلاتها وشقَّ عليه أن يتنفس أولئك الشعراء نسيم الحرية في الطرح والتعبير فخنق تلك الأصوات التي كان من الممكن أن يكون لها شأن كبير لو استمرت بذلك النشاط فانتهى بذلك عمل الرابطة ونشاطها الدائب مما حدا بحيدر فيما بعد أن يصف ذلك بأبيات لا تخلو من موقف سياسي مندد، ربّما كان هو السبب في بقاء قصيدة السيرة الذاتية طي الكتمان يقول:-
آهٍ على مأســــاةِ رابـــــطةِ الإخا ذابت بحُجةِ وحْدةِ البُنيـــــانِِِِ
تلك التي أُغْتيلتْ على مِصباحِها وذؤابتاها حَولَ عُنقِ الجاني
ما كان أحــراهُم على إبقــــائِها لــو أنَّهم كانوا دُعاةَ مبانــي(2)
وخلال تلك الرحلة الطويلة كان أولئك الشعراء يستشعرون حالة اليأس والإحباط والقلق التي فرضتها عليهم طبيعة التغيرات الفكرية والسياسية والاجتماعية خلال سنين مرَّت، تلك التغيرات التي تسللَّت إلى الساحة العراقية مع اصطراع الأفكار والعقائد الجديدة وليس آخرها المدَّين الشيوعي ألأممي والبعثي القومي ، فكان من نتائج ذلك معاناة طويلة كان من ابرز مظاهرها شظف العيش وتشاؤم الرؤية المستقبلية.
(1) مقابلة خاصة مع الدكتور حسن الحكيم ، النجف ،29/8/2006
(2) قصيدة السيرة الذاتية ، جميل حيدر، مخطوط
6
ومع هذا كلّه فقد كان تعليم الصغار يمثل بصيص أمل أنعش آمال جميل حيدر، فما انفكت ميوله الأدبية أن استفاقت على عالم من السكينة والطهر والوداعة ميَّز مدينتهُ الغافية على ضفاف الفرات وهو يحترف التعليم ويمارس نشاطه من خلال ( نقابة المعلمين ) موسعاً دائرة علاقته مع الرعيل الأول من أدباء وشعراء تلك المدينة أمثال الشاعر الخطيب حميد السنيد والأديب حمدي آل حمدي والشاعر سالم الحسون والشاعر جعفر حسين الخيّاط وحسون البحراني وناصر ابراهيم وغيرهم.
وأكدَّ أيضاً صلته مع طلائع الجيل الثاني من الأدباء أمثال الشاعر شاكر حيدر والكاتب يعقوب الحمداني والشاعر حسون البحراني ومدَّ يد الرعاية والتآلف إلى البراعم الجديدة في دنيا الأدب أمثال احمد حميد وحسن السنيد وستار جبار وكمال السعدون وحافظ حسن وعبد الأمير محسن ورياض جهاد وخضر خميس واجود مجيل وحسن الشنوّن وغيرهم فأصبح حلقة الوصل في تلاقح الأجيال الأدبية المتعاقبة واستطاع بذلك أن يعيد نشاط "عكاظ السوق"(1) مع صفوة الأدباء.
وكانت نقابة المعلمين مركزاً ثقافياً واجتماعياً يستقطب عموم المثقفين، حيث الندوات والأماسي والاحتفالات تترى ليطرح جميل حيدر من خلالها خلاصة إبداعه في الشعر، وتجاوز ذلك إلى القصة والمسرحية والنقد حين التفَّ حوله المبدعون من المعلمين والمثقفين من أبناء المحافظة.
ويذكر نجلُهُ أنهُ في مجال النقد الأدبي كان يبدأ بنفسه دائماً ويعمد إلى القسوةِ عليها ليقتدي به الآخرون(2) وتتسع صدورهم لسهام النقد، ووجد من لدن الشباب خير عون وكبير استجابة ويذكر منهم حافظ حسن وحسن الشنوّن وخضر خميس وطالب عاكف وعلي يونس واحمد شهاب وشاكر الجنديل وحسين علي سلمان ورشيد حميد وعلي مجبل ومنصور علي وعلاء حميد وكاظم عبد علي وآخرون.
"ورغم زهو انشغاله بهذا الوله الأدبي السقشخي فأنه كان يختلف حضوراً أو مشاركة الى ما يقام من مواسم بغدادية ولقاءات حوارية هنا أو هناك. لقد أسهم مع صفوة الرابطة – حبّة القديم – في غالبية مهرجانات المربد من عام 1968 إلى 1996 رغبةً في تجديد عافيته الثقافية ولو بالحضور وانْ عانى هو وجماعة الرابطة ما عانوا من ملاحقة حراس سلطان الكلمة الذين تاهوا عليهم بزهو الصولجان"(3).
(1) السيرة الذاتية ، جميل حيدر، مخطوط
(2) مقابلة خاصة مع وميض نجل الشاعر ، سوق الشيوخ ، 23 / 4 / 2006
(3) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
7
ويبدو أنَّ اختلافاً في العقيدة والطرح السياسي انسحب ليكون اختلافاً في الطرح الأدبي نما في نهاية الستينيات مع التغير الحاصل في بناء الدولة ومؤسساتها، كان ذلك على اثر تولي حزب البعث السلطة في العراق.
فقد كتب احدهم مقالاً في عام 1972 بعد احتدام الصراع بين القديم والحديث وصف فيه جماعة الرابطة بـ ( مصطفى وجماعته ) بما شقَّ عليهم وجعلهم يتخندقون تجاه محاولات إرغامهم على التغير وإخضاعهم له وقد مثلّ تيار التحديث المدعوم من السلطة حينها كلٌ من حميد سعيد وعلي الحلي وسامي مهدي وغيرهم. وقد مثلّت تلك المرحلة انفتاحاً في الرؤى والأساليب بعضها بُني على تصورات قائمة في بنية الواقع الثقافي والأدبي العربي وبعضها الآخر حركته عصا السلطة ليتماشى مع أطروحتها السياسية الجديدة ويدعم توجهها الفكري.
ويذكر هو انّه حينما ألقى قصيدته ( مواسم التمثيل ) في المربد أوائل السبعينيات سقطت إلى هوّة من الصمت والجفاء دونما اهتمام لها سوى التصفيق الختامي الآذن بالنزول عن المنصّة وكان يشعر وغيره من أعضاء الرابطة بتسلط ثلّة من الشباب المدججين بالشعارات والمتمترسين بالنظام، على أنّ القصيدة كانت رصينة متماسكة بشهادة ( محمد مفتاح الفيتوري ) الذي زار الجميل في غرفة عربة القطار العائد من البصرة إلى بغداد، وقال له بالحرف "إن قصيدتكم كانت من عيون الشعر العربي"(1) .
في تلك الفترة أيضاً شعر أنَّ الاحتفاء بالشعر ولىّ إلى غير رجعة، وإنّما الاحتفاء أصبح احتفاءً بالسلطان دفعه إلى ذلك الشعور ما يرى من فخامة الإعداد وبذخ المظاهر وشراء الذمم فزهدت نفسه بالمناسبات العامّة التي ترعاها الدوائر الرسمية وحاول تجنبها ما أمكنه الظرف، ولكنه لم يتخلَّ بعد ذلك عن قضيته وحبّة الأول، حتى وجد متنفساً آخر في الصالونات الأدبية في مجالس بغداد ومنتدياتها الخاصة، تلك المجالس التي وجد فيها عفوية الأداء وصدق الإعداد ورصانة الطرح وجدَّة الموضوع في جو من الألفة والمحبة جمع نخباً من الأدباء شعراء وكتاب ومن تلك المجالس ( مجلس آل الشعرباف ) و ( مجلس الدكتور خالد ألعِزي ) و( مجلس محمد جواد الغبان ) و ( مجلس بيت محي الدين ) و ( مجلس السيد مكي السيد جاسم ) و ( مجلس الشيخ عيسى الخاقاني ) وملتقى القاموسي، وكانت الفعاليات في تلك المجالس في مجاليها الإبداعي والنقدي ساحة للمناقشة والمناظرة، نظمت من غير قصد في شكلٍ عفوي زادها صدقاً وموضوعيةً وحرارةً، حتى بزت جلسات اتحاد الأدباء إن لم تتفوق عليها.
(1)السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
8
وربّما كانت أنشطة ( نادي الجمهورية ) في قصر الثقافة والفنون بهيئته الإدارية المستقلّة عن سطوة الاتحاد وبقدرة رئيسه الفعّالة الحركة والأثر – الأديب مؤيد عبد القادر السامرائي – قادرة على استيعاب مجموعة من أدباء الرعيل الأول، ومنهم جميل حيدر وجدوا فيها دالّة نقد ومنبر شبه مستقل يستطيعون من خلاله أن يفرغوا بعض مكنونات صدورهم.
والمهم في نشاط هذا النادي انّه عني بتكريم فريق من الأدباء كانت قد طوتهم صفحات الإهمال ومن أولئك الأدباء جميل حيدر، حيث أقيمت حفلة على شرفه عام 1995 تكريماً له وتقديراً لدوره الريادي في الأدب العراقي الحديث ، غصّت فيها القاعة بالحضور المتميز لأدباء وأساتذة العراق وخلت من أي عضو اتحادي متميز. وقد حضرها من أعضاء ( نادي الجمهورية ) أبرزهم وهم بالإضافة إلى رئيس النادي الدكتور حسين علي محفوظ والدكتور علي جواد الطاهر وراضي مهدي السعيد وعبد المطلب الأعرجي والباحث محمد رضا القاموسي وآخرون.
ولم يتأخر جميل حيدر عن هذه الأنشطة حتى كانت مشاركته الأخيرة في مهرجان ( إبداعنا ) الأول الذي عقد في النجف عام 1995، ثم الندوة الفكرية في جامعة الكوفة – بعد عامين – لإحياء ذكرى المفكر المصلح العلامّة محمد رضا المظفر. ولمّا كان لتداعيات حرب الثماني أعوام وحرب الثلاثين "قبيلة"(1) – كما يسميها حيدر- اثرٌ حاد الوقع على المجتمع العراقي العربي المسلم على مستوى الخلق والسلوك والدين وما أصاب واقع الإنسان المفكر المخلص لدينه وأرضه ووطنه هو أشدُُُُّ وقعاً وأبلغ أثراً، فقد تزعزعت القلوب وتغيرت النفوس ورخص كلَّ شيء وهوى إلى القاع. كان جميل حيدر حينها من أولئك الذين عاشوا تلك المحنة واكتووا بنارها إذ كان يرى كثيراً من رجالات العراق يتزاحمون على فتات موائد السلطان، وظلَّ هو يحمل صبره الخرافي على كتفة وهو صاحب الأسرة الكبيرة والمسؤوليات الجمَّة، كانت تمزقُهُ الحيرة بين عالمين عالم مثالي ينشدُهُ وعالم واقعي يرفضُهُ لكنه مغروزٌ فيه مفروض عليه.
خلال تلك المحنة الطويلة كان قد تعرّضَ لمأساة الحريق عام 1984، الحريق الذي أتى على دارهِ بما فيها من حطام السنين، وبعدها بسنوات وفي عام 1991 بالذات فجع بولدِهِ ( نمير ) كما لم يفجع والدٌ بولدِه، فجيعة الشاعر حين يفقد عزيزاً غالياً(2).
رغم ذلك كلّه ظلَّ الشعرُ يسكنُهُ فهو " غذائه الروحي وهاجسه الخفي الذي يستأنس به
(1) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(2) مقابلة خاصة مع وميض جميل حيدر ، سوق الشيوخ ، 23/4/2006
9
لحظات خلوته مع النفس وفيه يستعرض قدرته التعبيرية وفق أمكانية فلسفة ( نبعٌ وظل ) التي تبناها، ومخلصها أن الشعر ينبغي عليه أنْ لا يعطى بسهوله عرض وكمال وضوح وتحديد، فقد تكسر رؤياه وتبخس قيمتُهُ ........ إنّما هو كالنبع مظلل بالألوان ......... هذا هو الشعر الذي يريدُه وما عداه نظمٌ في قوالب مفروضة الطلبْ والعرض والصنعة "(1) وخلال تلك الرحلة الطويلة كان ل – حيدر– محطات أخرى في عدد من البلدان - مستجماً وطالباً للعلاج – تركت أثراً كبيراً في تكوين شخصيته الأدبية .
وفاته :ـ
وعند نهاية مطافه أخلد الجميل إلى منتجع ديوانه بين مرايا مكتبته مستأنساً برفاق دربه من الكتب والرسائل التي حفلت بها زوايا ديوان آل حيدر، وبالوجوه الطيبة من الأصدقاء والأقارب الممتلئة حباً وشعراً، ومتنقلاً بين ديوانه ومسجد أهله الذي تعاقبت على عمارته أيادٍ بيض من آل حيدر بين مجتهد وعالم وفقيه ومجاهد .
وظلَّ الأدب زاده والقراءة متاعه يقبل عليها إقبال العاشق الوله، فمن كتب العقائد إلى كتب التفسير إلى التاريخ وليس أخرها ديوان الشعر العربي، وتاريخه، وبقي كتاب الله خير سمير يرحل معه رحلة الليل والنهار وماانفك يخوض معه في عوالم متوجة بالإشراق والوحي قانعاً بحاله الذي هو عليه:-
وقنعتُ بالديوان شيخاً مرشداً أو شاعراً أو مصلحاً في شان(2)
"ومثلما أجاب عن سؤال صاحبٍ حميم حين سأله عمّا يتمنى أن يصحبه معه وهو يلاقي الأجل الأرحم فقال كتاب الله. فقد صدقت رؤياه، ففي صباح 16/ 3 /1999 وبعد أنْ أتم صلاة الفجر وما تيسر له من قراءة كلمات الخالق العزيز أسدلت ستارة الأجفان خيوطها على ضوء عينيه اللامعتين طيبةً وحباً مسرفاً وقلباً باذخاً بالعناء وقد استقرَّ على صدره كتاب الله "(3). لتستفيق سوق الشيوخ على هول الصدمة ووقع الخبر الأليم ليحمل جثمانه على أطراف الأكف إلى مثواه الأخير.
وقد أبَّنه كثيرٌ من رفاق دربه بكلمات ظلّت تحفرُ عميقاً في ذاكرة تلك المدينة، وكان أبلغ وأجمل ما قيل فيه "إذا كان الجنوب أوّلْ المدركين لقدسية الشعر فلينحني النخل لهذا القديس
(1) السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(2) قصيدة السيرة الذاتية ، جميل حيدر ، مخطوط
(3) النبع والظل وأحلام القديس الراحل ، إعداد اتحاد أدباء وكتاب ذي قار وأسرة الشاعر : 8
10
الذي خلع نظارتيه ونام إلى الأبد... والآن توقظه أصابعي لتستأذنه كي تبدأ صلاوتي عليه، أنا الذي منحته في كل لقاء عاطفةً لشيخوخته المبكرة واحتراماً لرجل امتلك الأصل العريق ولا زالت بين كتب مكتبته رائحة بارود الجهاد الذي نادى به آل حيدر يوم أراد الانكليز أن يزيحوا بحوافر خيولهم سجادة صلاة من قلّدتهم عشائر الفرات بضفتيه... ذلك الضوء المستطيل على قامة الماء والواصل بين حزن السماء وفرحة الورد"(2).
ولم تتخلف القصائد في ذلك اليوم وحضر الشعر ليكون شاهداً على وفاه رفيق حميم عفَّر روحه طويلاً بمحراب جلاله، فصدحت الأصوات وتعالت المراثي، حتى كانت أبيات خضر خميس في منتهى البساطة والصدق والروعة شأن المراثي أبداً:-
أيُّهذا الطّائرُ المغرَّدُ بالشَّـــــدوِ حنيـــناً إلى رُبـــوعِ القصــيـدِ
هاهو الســـّوقُ ما يزالُ فتــــياً رُغمَ كلَّ الأسى ورُغمَ الجُحودِ
بيتُهُ المجدُ آل حيدرٍ يَســـمــو بعميـــــدٍ ويـــزدهي بعميــــــدِ
وجميلُ الخصالِ مازالَ حــيّاً يتراءى لنــــــا بفـــنٍّ مـــزيـــدِ
أنجبَ الحبَّ والوفاءَ لِصـحبٍ والخلاصات ﺒ "الوميض"(2) المجيدِ(3)
نقادٌ وأدباء كتبوا عن شعره :ـ
كَتب عن شعر جميل حيدر كثيرون وتناولته أقلام النقاد مطولاً – ولأنَّ اغلب شعره بقي مخطوطاً – لم يحظ بفرصة للتحقيق والطبع والنشر- بسبب من شظف العيش وعزوفه شخصياً عن ذلك كما أسلفنا – فان جميل حيدر لم يأخذ ذلك الحيّز الذي يستحقُهُ من ساحة اهتمام النقاد والدارسين. وبعد فقد كتب عن شعرهِ كلًّ مِن:-
1- الأديب والناقد مارون عبود في كتابه ( على الطائر ) .
2- الأستاذ عثمان سعدي في كتابه ( الثورة الجزائرية في الشعر العراقي ) .
3- الباحث حميد المطبعي في مجموعة ( أعلام العراق ) وفي عموده الصحفي ( مَن ْ أنا ) ولأكثر من
مرة – جريدة الثورة 1986- .
4- الأديب موسى كريدي في ( مجلة المثقف العربي ) .
(1) المصدر السابق ، تقريض لـ نعيم عبد مهلهل رئيس اتحاد أدباء وكتاب ذي قار
(2) وميض بن الشاعر جميل حيدر
(3) قصيدة في رثاء جميل حيدر ، خضر خميس ، مخطوطة
11
5 - الدكتور عبد الإله الصائغ في ( مجلة كلية الفقه ) .
6- الدكتور ضياء خضير في مقال خاص في ( جريدة الجمهورية ) .
7- الأديب والصحفي عكاب سالم الطاهر في كتابه ( أوراق مسافر ) .
8- الأديب منذر عبد الحر في ( جريدة الجمهورية ) و ( مجلة ألف باء ) .
9- الأديب مؤيد عبد القادر السامرائي في كتابه ( هؤلاء في مرايا هؤلاء ) .
10- معجم ( البابطين ) للشعراء العرب المعاصرين ( المجلد الأول ) ، الكويت .
11- الأديب سلمان هادي الطعمة في ( مجلة الورود اللبنانية ) .
12- الشيخ حيدر المرجاني في كتابه ( أعلام النجف ) عام 1990.
13- الدكتور ( كريم حسين ناصح ) ( دراسة أدبية ) .
14- الأديب محمد حسين المحتصر في كتابه ( المجالس الأدبية في النجف ) .
15- كتاب ( ذكرى آل مطر ) .
16- الدكتور حسن علي الحكيم في كتابه ( تاريخ النجف ) .
17- كتاب ( المهرجان الخالد لذكرى آل حيدر ) .
18- كتاب ( ذكرى عبد الرسول الطالقاني ) .
19- كتاب ( الذكرى الخالدة ) .
أثاره الأدبية والفكرية :ـ
1- ديوان ( نبعٌ وظل ) مطبوع
2- ديوان. ( نبع وظل) مخطوط
3- الأرجوزة السقشخية في مسار الحركة الأدبية والفنية في سوق الشيوخ بلغت ثلاثة آ آلاف بيت مخطوط
4- الأرجوزة النجفية في مسار حركة الرابطة الأدبية في النجف وبلغت ألف بيت. مخطوط
5- قصيدة السيرة الذاتية. مخطوطة
6- مجاميع قصائد مستقلة. مخطوطة
7- قصيدة ( طريقي ) جديدة في الرؤيا والأسلوب. مطولة مخطوطة
8- قصيدة ( ثرثرة مؤمن ) . مطولة مخطوطة
9- قصيدة ( قداس الروح ) . مطولة مخطوطة
12
10- مسرحية شعرية عن نضال الشعب الجزائري. مخطوط
11- القصيدة التقاعدية بلغت أربعمئة وخمسين بيتا. مخطوط
12- كتابة نثرية عن أدب وأدباء سوق الشيوخ. مخطوط
14- موجز تاريخ آل حيدر. مخطوط
15- رؤيا في تاريخنا الإسلامي. ( بحث مخطوط )
16- حركة الشعر الشعبي في سوق الشيوخ. ( بحث مخطوط )
17- مذكراته اليومية الخاصة ( أكثر من عشرين جزءاً ) . مخطوط
18- ( الرحلة قد تغيرت ) . مجموعة قصصية مخطوط
19- كتاب ( الحوار ) . أسئلة وأجوبة عقائدية وأدبية ( في جزئيين ) مخطوط
مشاركاته الأدبية :ـ
1- المهرجان الشعري لاتحاد الأدباء العرب في البصرة عام 1969.
2- مهرجان أبي تمام في الموصل عام 1972.
3- مهرجان المربد من عام 1970 حتى عام 1986.
4- مهرجان النجف الشعري الأول عام 1970.
5- مهرجان الشعر في الناصرية عام 1957.
6- مهرجان الصافي النجفي عام 1978.
7- مهرجان الذكرى المئوية للصافي النجفي عام 1993.
8- مهرجان مرور أربعة عشر قرنا على الهجرة النبوية.
9- مهرجان إبداعنا الأول في بغداد 1994.
10- مهرجان إبداعنا الأول في النجف 1995.
11- الندوة الفكرية التي أقامتها جامعة الكوفة بمشاركة اتحاد أدباء النجف لإحياء ذكرى المفكر المجدد
محمد رضا المظفر 1997
12- مهرجان الحبوبي في النجف عام 1998.
فضلا عن مساهمات خاصة في مجالس بغداد والنجف وسوق الشيوخ والناصرية.
13