أَسْرَجوا الخَيْلَ
لا يَعرفون لماذا
ولكِّنُهمْ أَسْرَجُوا الخيلَ في السهلِ
كان المكانُ مُعَدَّاً لِمَوْلِدِه : تلَّةً
من رياحين أَجداده تَتَلَفَّتُ شرقاً وغرباً
وزيتونهً قُرْبَ زيتونه في المَصاحف تُعْلي سُطُوح اللُغَةْ
ودخاناً من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهارَ لمسْأَلةٍ
لا تخصُّ سِوى الله . آذارُ طفلُ
الشهور المُدَلَّلُ . آذارُ يُؤلِمُ خبيز لِفناء الكنسيةِ
آذارُ أَرضٌ لِلَيْلِ السنون , ولا مرآةٍ
تَسْتَعدُّ لصرخَتَها في البراري... وتمتدُّ في
شَجَرِ السنديانْ .
يُولَدُ الآنَ طفلٌ
وصرختُهُ ,
في شقوق المكانْ
اِفتَرقْنا على دَرَجِ البيت . كانوا يقولونَ:
في صرختي حَذَرٌ لا يُلائِمُ طَيْشَ النباتاتِ
في صرختي مَطَرٌ ؛ هل أَسأَتُ إِلى إخوتي
عندما قلتُ إني رأَيتُ ملائكةٌ يلعبون مع الذئب في باحة الدار ؟
لا أَتذكَّرُ
أَسماءَهُمْ . ولا أَتذكَّرُ أَيضاً طريقَتَهُمْ في
الكلام ... وفي خفِّة الطيرانْ
أَصدقائي يرفّون ليلاً , ولا يتركونْ
خَلْفَهُمْ أَثَراً . هل أَقولُ لأُمِّي الحقيقةَ :
لِي إخوةٌ آخرونْ
إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمراً
إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الأُقحوانْ
أَسْرَجُوا الخيلَ
لا يعرفون لماذا ,
ولكنهم أَسرجوا الخيل في آخر الليلِ
سَبْعُ سنابلَ تكفي لمائدة الصَيْف .
أَبيض يَسْحَبُ الماءَ من بئرِهِ ويقولُ
لهُ : لا تجفَّ . ويأَخذني من يَدي
لأَرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَة...
أَمشي على حافَّة البئر : لِيَ قَمَرانْ
واحدٌ في الأعالي
وآخرُ في الماء يسبَحُ ... لِي قمرانْ
واثَقيْن , كأسلافهِمْ , من صَوَابِ
الشرائع ... سَكُّوا حديدَ السيوفِ
محاريثَ . لن يُصْلِحَ السيوفِ ما
أفْسَدَ الصَّيْفُ – قالوا وصَلُّوا
طويلاً . وغَنّوا مدائحَهمْ للطبيعةِ ...
لكنهم أَسرجوا الخيل ,
كي يَرْقُصُوا رَقْصَةَ الخيلِ ,
في فضَّة الليل ...
تَجْرحُني غيمةٌ في يدي : لا
أُريدُ من الأَرض أَكثَرَ مِنْ
هذه الأَرضِ : رائحة الهالِ والقَشِّ
بين أَبي والحصانْ .
في يدي غيمةٌ جَرَحْتني . ولكنني
لا أُريدُ من الشمس أَكثَرَ
من حَبَّة البرتقال وأَكثرَ منْ
ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ
أَسْرَجُوا الخَيْلَ
لا يعرفون لماذا
ولكنهُمْ أسرجوا الخيل
في آخر الليل , وانتظروا
شَبَحاً طالعاً من شُقوق المكانْ