0
لحد يُثير القرف والغثيان والتهاب البواسير أحياناً، بعض الصفحات والمواقع التي يغلب عليها الطابع العلمي ولا سيما العربيّة جعلتنا نكره العلم بسبب توجهاتها المُسبقة التي تحاول الترويج لها تحت مُسمى العلم مُستغلةً في ذلك شهرتها الواسعة والجمهور العربي الكبير التوّاق والمُحب للعلم.
تماماً كأولئك المتدينين الذين جعلونا نكره الدين بسبب تصرفاتهم التي ربطتها عقولنا تلقائيّاً بالدين. هؤلاء أيضاً جعلونا نكره العلم بسبب توجهاتهم التي يقدموها لنا على شكل علم، وأن ما يقولونه – هم فقط – هو العلم الصحيح، وكأنّ الدراسات العلميّة في كثير من الأحيان لا تخالف وتناقض بعضها البعض.
فالتوجيه دائماً موجود، لكن في مواقعنا العربيّة يزداد ويزداد ويزداد ليصل إلى ذلك الحد الذي يثير الاشمئزاز والقرف لدى القارىء العربي.
على كل حال، الأمر دائماً يرجع للقارىء. اختر ما تُريد أن تقرأ واختر ما تُريد أن تفهم، لكن تأكّد أن معرفة الحقيقية تحتاج لبحث ودراسة وليس مُجرّد هراء يُكتب ويُقال عنه علمي فقط لأنه مُرفق بمصدر مكتوب باللغة الإنكليزيّة.
دعنا لا نُطيل في هذه المُقدّمة التي كان لا بدّ منها، ولنتحدث عن دراسة بريطانيّةجديدة نُشرت على صحيفة الغارديان، توصّل فيها المسؤولون عنها إلى أن تناول الكحول هو السبب المُباشر والرئيسي لحدوث 7 أنواع مُختلفة من السرطان في جسم الإنسان.
إذ أظهرت التحليلات أن تناول الكحول ولو بشكل مُعتدل يُعدّ خطراً على جسم الإنسان وذلك من خلال تطويره لأنواع عديدة من السرطان ولا سيما سرطان الثدي والكبد وعدّة أنواع أخرى.
مُجريات الدراسة ونتائجها
وافقَ خبراء الصحة على النتائج التي خرجت بها هذه الدراسة وأيدوها، وقالوا بأنه يجب على المسؤولين والمعنيين البدء باتخاذ بعض الإجراءات الصارمة بهذا الصدد، من أجل التوعية بالمخاطر ومُحاربة التضليل الذي لطالما عاش فيه الناس في هذا الموضوع، ولا سيما بعد الظهور الواضح للعلاقة ما بين تناول الكحول وحدوث السرطان في جسم الإنسان.
الدراسة وجّهت عدّة نداءات لأولئك الذين جعلوا الكحول جزءاً رئيسيّاً من حياتهم، وحثتهم على اتخاذ بعض الأيام الاسبوعيّة الخالية من الشرب، وتدريجيّاً البدء بالتقليل منه ومن ثمّ الإقلاع نهائيّاً. كما حثّت الشركات المُصنّعة لهذه المشروبات بوضع المُلصقات التحذيريّة التي تنبّه المُشتري بأن ما سيفعله هو السبب المُباشر لإصابته بسرطانات مُختلفة ومتنوعة، ولا سيما سرطان الكبد، والقولون، والثدي حتى.
الدراسة نُشرت في المجلة العلميّة للإدمان، على لسان الباحثة جيني كونور والتي تم التوصل من خلالها إلى أن هناك أكثر من مجرّد رابط إحصائي بين عدد شاربي الكحول وعدد المصابين بالسرطان. بل هناك أدلة قاطعة تشير إلى أن شرب الكحول هو سبب وبائي مُباشر لحدوث هذا المرض.
كما أضافت جيني كونور قائلةً بأنه على الرغم من عدم معرفة الآليّة البيولوجيّة بشكل تام لحدوث السرطان عن طريق الكحول إلا أن هناك أدلة وبائيّة تدعم القول بأن اضرار الكحول تشمل 7 أنواع مختلفة من السرطان وهي سرطان ( البلعوم – الحنجرة – المريء – الكبد – القولون – المستقيم – الثدي ).
كما رجحت الدراسة أن هناك أنواع أخرى أيضاً يسببها تناول الكحول، ولا سيما سرطان الجلد والبروستات والبنكرياس. وتأكيداً إلى أن هناك ارتباط بين حجم الشرب وزيادة خطر الإصابة، قالت الدراسة أن هناك علاقة وثيقة ما بين الجرعة من جهة والاستجابة المرضيّة من جهة أخرى.
كما أن هذه الدراسة ليست مُجرّد هُراء علمي يُكتب، بل عُدّت من أقوى الدراسات المتعلّقة بموضوع اضرار الكحول ، إذ استمرت لمدّة 10 سنوات وقد ساهمت فيها المؤسسة العالميّة لأبحاث السرطان، بالإضافة للوكالة الدوليّة للأبحاث السرطانيّة، وهيئة السرطان في منظمة الصحة العالميّة، ومؤسسات بحثيّة أخرى.
توصيّات ونصائح الدراسة لأجل شاربي الكحول
قامت ” سالي ديفيس ” المسؤولة عن الإدارة الطبيّة في إنكلترا بإحداث ضجة كبيرة في الوسط النسائي عندما صرّحت بأن شرب الكحول من المُمكن أن يسبب سرطان الثدي، وقد قالت في إحدى الجلسات البرلمانيّة بأنه عندما تعود النساء إلى إنكلترا فإنهم يحتفلن بشرب كأس من النبيذ، أما أنا فلن أفعل ذلك أبداً، فإني لا أريد أن أصاب بسرطان الثدي.
ولعبت سالي ديفيس دوراً كبيراً في إصدار بعض التوجيهات الحكوميّة بصدد حدود شرب الكحول المُمكنة، إذ نصحت الرجال والنساء على حدٍ سواء بتخفيف الشرب إلى أدنى مستوى مُمكن.
أما الدافع الذي حرّك ديفيس إلى اصدار هذه التوجيهات فهو ازدياد كميّة الأدلة التي ربطت بين شرب الكحول من جهة والإصابة بلعنة السرطان من جهة أخرى، كما أُيّدت هذه التوجيهات أيضاً من قبل لجنة المملكة المتحدة المعنيّة بالسرطان، الأمر الذي دفع نُظراء ديفيس في اسكوتلندا وويلز وايرلندا إلى اصدار بعض التوجيهات الأخرى في نفس هذا الصدد، والتي شكك بها البعض وقالوا بأنه سيتم تجاهلها تماماً.
كما قالت الأستاذة الجامعيّة ” جانا ويت ” مسؤولة قسم المعلومات الصحيّة في المملكة المُتحدة للدراسات السرطانيّة، بأنه لا أحد يدرك مدى خطر الكحول وعلاقته بالإصابة بالسرطان، ففي دراسة إحصائيّة أُجريت تبين من خلالها أن 9 من كل 10 أشخاص لا يعلمون أن هناك رابط ما بين الكحول والسرطان، كما أن جهل النساء والرجال ولا سيما بخصوص سرطان الثدي أكبر وأكبر.
إذ وجدت الإحصائيّة أن الذين يعلمون أن شرب الكحول يسبب السرطان دائماً ما يربطونه مع سرطان الكبد فقط، دون أن يعلموا أن سرطان الثدي له حصة الأسد في موضوع الشرب أيضاً.
وأضافت ويت قائلةً بأن وجود بعض الأيام الاسبوعيّة الخالية من الشرب مُفيد لأجل توفير المال أيضاً، وحثّت مُدمني الشرب على التخفيف منه واستبداله بالمشروبات الغازيّة أو حتى الكحوليّة التي قد تحوي الكحول بنسب ضئيلة جداً من أجل البدء بالإقلاع عنه.
أما فيما يخص بعض الآراء الأخرى فقد قال ” آلان بوبيز ” أستاذ الصيدلة البيوكيميائيّة في كليّة لندن الملكيّة بأن دور الكحول في الإصابة بمرض السرطان واضح جداً، إلا أن صعوبة الأمر تكمن في إقناع المُدمنين بهذا الكلام.
التدخين يزيد من حجم المصيبة أيضاً
وقد أضافت جيني كونور – صاحبة الدراسة – بأن الذين يدخنون ويشربون الكحول تزداد فُرص الإصابة لديهم بسرطان الحلق والبلعوم والحنجرة، إلا أنه من ناحية إيجابيّة أخرى، وجدت الدراسة أن الذين يقلعون عن الشرب تنخفض لديهم هذه النسب، نسب الإصابة بأنواع السرطانات على اختلافها.
وقد صرّحت أيضاً ” إيلين هيندال ” الرئيس التنفيذي لـ Drink Aware الجمعيّة الخيريّة المعنيّة بالتثقيف حول موضوع الشرب والإدمان، أن السرطان وشرب الكحوليات مُرتبطان بشكل أكبر مما كنا نعتقد سابقاً، وأن الشرب المُنتظم يضعك في مواجهة العديد من الأمراض وليس فقط السرطان، ولا سيما أمراض القلب والكبد بالإضافة للسكتات الدماغيّة على اختلاف أنواعها والتهابات البنكرياس أيضاً.
وأضافت قائلةً بأن التدخين والشرب لعنات وَجب التخلص منهم بأي طريقة مُمكنة.
الكحوليّات إذاً هي السبب الرئيسي والمُباشر لحدوث سبعة أنواع مُختلفة من السرطان، ليس هذا فحسب، فقد تسبب أمراضاً مُهمة أخرى لعلَ في رأس قائمتها السكتات الدماغيّة وأمراض القلب، فاحذر من هذه اللعنة، لعنة شرب الكحول، واحفظ مستقبلك الصحي ومستقبل من حولك أيضاً.
اقلع عن الكحول بابتعادك عن شربها نهائيّاً، ففرصة الإقلاع متاحة ولا سيما أنك الآن سليم مُعافى أما الغد فلا تعرف ما الذي يضمره لك.