دمشق , عاصمة سوريا، أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، ومن أعرق المدن العربية التي يمكن لك زيارتها. “كانت” تشتهر بأبنيتها وأماكنها المقدسة، وشوارعها القديمة، وأزقتها المتزاحمة التي تروي آلاف الحكايات. من ضمن ماتشتهر به دمشق أيضاً الأسماء الغريبة لأسواقها وحاراتها. ألِف الدمشقيون تلك الأسماء، وأصبحت جزءاً من حياتهم، فلم يعد يستهويهم البحث عن أصلها وفصلها، ولكن مئات الحكايا تُحكى عن زوار دمشق الغرباء وردّات فعلهم عند سماع تلك الأسماء الغريبة للمرة الأولى.
سنعرض هنا 10 أماكن دمشقية تحمل الأسماء الأغرب عبر تاريخ المدينة العريقة. شاركنا أسماء أخرى لو تعتقد أننا أغفلنا بعضها.
10 – سوق تفضلي ياست
“تفضلي يا خانم.. تفضلي يا ست” هي الصيحات التي ستسمعها تتردّد في آخر سوق الحميدية باتجاه الجامع الأموي. وهي تتنوع بين الغزل والإطراء. والتي أصبحت لاحقاً مرتبطة باسم هذا السوق. سوق “تفضلي”، وهو الاسم المختصر الذي يُعرف به السوق، يمتلئ بكلّ احتياجات السيدات المنزلية والشخصيّة، يشمل ذلك بشكل خاص تجهيزات العرائس وزينتهنّ وأنواع القماش المختلفة لجميع الاحتياجات، وصولاً إلى احتياجات الأطفال من ألبسة وألعاب وحلوى. كما تتوقع، أُطلق اسم “تفضلي” على السوق بسبب صيحات بائعيه كي يجذبون زبائنهن من النساء، فكلمة “تفضلي” في اللهجة السورية تستخدم لدعوة الضيف، وكلمة “خانم” تعني السيدة.
9 – سوق التنابل
يطلق عليه أيضاً اسم “سوق المضّطرّين”، و “سوق المدلّلات”. وهو سوق اشتهر خارج سوريا أيضاً فأصبح معلماً يزوره السياح من أنحاء العالم. الاسم السياحي للسوق في اللغة الانكليزية هو Lazy Folks Market، أي سوق الكسولات. يوجد سوق التنابل في منطقة الشعلان بدمشق، و”التنبلة” كلمة متداولة بين العامة في سوريا، وتعني الكسل. جميع ما نعرفه عن تاريخ السوق حسب روايات المعّمرين من سكان المنطقة أن تاجر خضار دمشقي يدعى “أبو عدنان” في منطقة المزة أمر نساءه الأربع بحفر الباذنجان والكوسا ليبيعهما لأبناء الحي عام 1989. بعد أن حققت فكرة أبي عدنان مكاسب مادية كبيرة، قلّدها معظم بائعي الخضار في المنطقة، ثم تجمعوا في حي الشعلان، وأسسوا السوق. وانتشرت الفكرة ذاتها في أسواق دمشقية وسورية أخرى.
8 – سوق الحرامية
(الصورة مؤذية)
أول ما يتراود إلى ذهنك لدى قراءة اسم هذا السوق أن معروضاته جميعها مسروقة، أو أن جلّ من في هذا المكان هم اللصوص. فكلمة “حرامي” في اللهجة السورية استخدمت لتشير للشخص الذي يرتكب “الحرام”، ثم حُصر استخدامها لاحقاً لتشير إلى من يرتكب السرقة.
يقع هذا السوق في منطقة شارع الثورة، على ضفة نهر بردى، ويعود وجوده إلى أكثر من خمسة وعشرين عاماً. كان جزءاً من سوق آخر يدعى سوق “الهال” القديم، ثم ما لبث أن انفصل عنه نتيجة كثرة البضائع الموجودة فيه ليصبح سوقا مستقلاً .
من المعروف لدى الدمشقيين أن اسم السوق اشتُقّ من كون البضائع التي تُباع فيه هي بضائع مسروقة من المحال والبيوت والجوامع، وتعرض للبيع بأسعار بخسة مما يجعل الإقبال عليها كبيراً، وخصوصاً بين الطبقة غير ميسورة الحال، إلاً أن أحداً لا يستطيع أن يثبت ذلك.
حالياً معظم البضائع الموجودة تعود إلى مخلفات الأغنياء أو بقايا بضائع شركات ومحال (تصفيات) أو أشخاص تخلت عن أثاثها القديم وعرضته للبيع هناك بأسعار رمزية.
7 – زقاق رامي
وهو شارع من الشوارع المؤدية إلى ساحة المرجة الشهيرة وسط دمشق. اشتهر باسمه نتيجة فتحه من قبل “رامي أفندي”، وهو رئيس كتّاب الوالي ناظم باشا، أشهر ولاة العثمانيين على دمشق. ما زال السوق يُعرف باسم “رامي” حتى اليوم، وهو مشهور بمحلات الكهربائيات، والإضاءة، والديكور. في سوريا، لو سألت أي شخص مقيم في دمشق من أين يتسوق كل ما يخص كهرباء منزلك، فإنه سيجيب بدون تردد “زقاق رامي”.
6 – حارة الزيتون
وهي حارة من حارات دمشق القديمة في منطقة تقاطع باب توما وباب شرقي. اشتهرت بهذا الاسم بسبب وجود واحدة من أقدم كنائس الروم الكاثوليك في دمشق فيها، كنيسة الزيتون. الاسم التاريخي للكنيسة هو “كاتدرائية سيدة النياح”، وصارت لاحقاً تُعرف باسم كنيسة الزيتون بسبب كثرة أشجار الزيتون الموجودة في باحة الكنيسة.
أصبحت هذه الحارة شهيرة أيضا بمطاعمها وأجوائها التي تحمل البهجة والسرور، والتي اعتاد السوريون عليها لسنوات، وبسبب جمعها بين التاريخ والعراقة والأجواء المسلية فقد أصبحت جزءً مهماً من برنامج زيارة أي سائح يرغب في زيارة دمشق القديمة والأماكن المقدسة فيها.
5 – حارة اليهود
إنها حارة دمشقية شهيرة أخذت صفتها الشعبية من كونها استقطبت غالبية الغرباء من الوافدين إلى المدينة لظروف مختلفة، كان غالبيتهم من اليهود في القرن التاسع عشر. تتميز عن غيرها من أحياء دمشق بالتنوع والغنى من حيث تعدديتها المذهبية والطائفية، مكونةً بمجملها مجتمعاً متآلفاً وذا طبيعة خاصة ينفرد بها عن بقية مناطق دمشق. بعد هزيمة 1976، ومؤتمر مدريد للسلام بدأ اليهود في سوريا يغادرون تباعاً من سوريا حتى لم يبق من تلك الحارة في هذه الأيام إلا اسمها.
4 – جادّة الوزيرة وجادّة المصطبة
الجادّة هي الحارة المرتفعة. جادتي الوزيرة والمصطبة يقعان في أشهر أحياء دمشق، حي المهاجرين، وهما من أشهر مناطق دمشق. جادة المصطبة، وهي بالأصل جادة مصطبة الإمبراطور، حيث قام والي دمشق بإنشاء مصطبة، أي مكان مرتفع، لامبراطور ألمانيا، كي ينظر إلى دمشق وغوطتها. أما جادة الوزيرة، وهي الجادة الثالثة من حي المهاجرين واسمها جادة ابن العميد، فقد اشتهرت بهذا الاسم نسبةً لوزيرة الثقافة سابقاً، السيدة نجاح العطار، التي ماتزال تقطن فيها حتى الآن.
3 – صخرة اذكريني
صخرة “اذكريني دائماً”، أو صخرة “الانتحار”، تربعت في جبل “قاسيون”، وقد اتخذت الصخرة من الأساطير والخرافات هوية لها. معظم تلك الرويات تتقاطع في إخبارك عن قصة عاشقين دمشقيين كانا يتواعدان لرؤية بعضهما في الخفاء في الجبل منذ قديم الزمان، وإن العاشق لم يتمكن من خطبة حبيبته، فقام بتسلق الصخرة معها وكتب عليها عبارة “اذكريني دائماً”، وهي كتبت بدورها عبارة “لن أنساك”، ثم انتحرا معاً. ومن ذلك الوقت بدأت الصخرة تعرف باسم صخرة “اذكريني” ويذهب العشاق إليها من كل دشق لتبادل عبارات الحب وكتابتها على صخور قاسيون، وهو الأمر الذي تجده حتى اليوم.
2 – سوق الجمعة
هو سوق شعبي دمشقي في منطقة الصالحية، حي الشيخ محي الدين، مختص بشكل رئيسي ببيع الخضار والفواكه والمنتجات الحيوانية. سمي بهذا الاسم حيث كانت البضائع تفترش الأرض أيام الجمع فقط، لبيعها للمصلين الخارجين من الجوامع. وبسبب شهرته ورخص أسعاره تحول إلى سوق دائم يفتح بقية أيام الأسبوع مع حفاظه على اسمه “سوق الجمعة”. حتى الآن يقصده الكثير من المتسوقين يوم الجمعة، حيث تكون بقية أسواق دمشق مغلقة في يوم العطة الرسمية.
يطلق على السوق أيضاً اسم “سوق البركة”، بسبب مادرجت عليه العادة من أن يضع البائع زيادة طفيفة من البضاعة على الميزان، ويقول للمشتري “هذه حبة بركة”، وهي تعني في اللهجة الشامية “هذه زيادة مجانية”، كان ذلك يسعد المشتري ويشعره بالثقة بهذا السوق.
1 – زقاق الجن
زقاق هي كلمة من أصل تركي يستخدمها الدمشقيون بمعنى “الفناء خارج البيت”. و “زقاق الجن” هو حي معروف في منقطة البرامكة وسط دمشق، يشتهر ببيع كل ما يتعلق بالسيارات والمركبات الآلية وأدوات إصلاحها.
تنسب روايات مختلفة إلى سبب تسمية المنطقة بهذا الاسم، إلا أن أكثر مايتردد أن سبب التسمية يعود إلى أن المنطقة كانت منطقة مغلقة، وكان الشخص يقف قرب السكة ويصرخ صوتاً فيرتد عليه الصوت محدثاً صدى. لذلك قيل أن المنطقة مسكونة، وفيها “جن”.