ما مدى معرفتك بدماغك؟ ربما لا تكون قوية كما تتخيلها، فوفقاً لبحث جديد، العديد من “الحقائق” التي كان معترفاً بها عموماً عن الدماغ البشري هي في الواقع محض ترهات، وإليكم هنا أربعة من تلك المعتقدات الخاطئة.
١. الاستماع إلى موتزارت يجعل الأطفال أكثر ذكاءإذا كنت من الأشخاص الذين يحرصون على جعل أطفالهم يستمعون إلى موتزارت لأن موسيقاه ستجعلهم أكثر ذكاءً، فإليك هذه الحقيقة: على الرغم من أن الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقى قد يدفع الأطفال لتقدير عبقرية موتزارت في وقت مبكر من حياتهم، إلّا أنها بالتأكيد لن تساعدهم في الحصول على درجات علمية أعلى، حيث أن أسطورة الاستماع إلى موتزارت تجعل الأولاد أذكياء بدأت في عام 1993 عندما أظهرت الدراسات أن طلاب الجامعات الذين استمعوا إلى الموسيقى لمدة 10 دقائق كانت نتائجهم أفضل في الاختبارات المكانية التي أجريت لهم بعد ذلك.
ولكن تبين بأن التحسن كان محصوراً فقط في إنجاز المهام المكانية، مثل حل المتاهات، ولم يستمر هذا التحسن أكثر من 10 إلى 15 دقيقة فقط.
٢. الجانب الأيمن من الدماغ مخصص للابداع في حين أن الجانب الأيسر مخصص للمنطقالمشكلة الأولى بهذه الفكرة هي أننا قد لا نتفق جميعاً على ما يتكون منه “المنطق” و”الإبداع”، فالأشخاص الذين يصممون برامج الكمبيوتر أو المعادلات الرياضية المعقدة سيخبرونكم بأن هناك مجالاً كبيراً للابداع في هذا العمل، في حين أنك إذا كنت تكتب سوناتة، فسيكون عليك الاستعانة بمهاراتك اللغوية، التي توجد في معظمها على الجانب الأيسر من الدماغ، والحقيقة هي أن معظم الأنشطة التي نعتقد بأنها إما أن تكون منطقية أو إبداعية تتطلب كلا جانبي الدماغ للقيام بها.
من ناحية أخرى، هناك اختلافات واضحة جداً بين الكيفية التي يعالج فيها كل من الجانب الأيسر والأيمن من الدماغ العالم من حولنا، وهي اختلافات يمكن أن ندمجها للحصول على فهم أكثر ثراء لحياتنا.
٣. نحن لا نستخدم سوى جزء صغير من أدمغتناليس من الواضح تماماً من أين جاء هذا المفهوم الخاطئ، ولكن الواضح هو أنه خاطئ، فباستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي نستطيع أن نرى بالضبط المناطق الدماغية التي يتم تفعيلها حسب ما نقوم أو نفكر به، وجميع العلماء يعلمون الآن بأننا نستخدم، إلى حد كبير، الدماغ بأكمله خلال يومنا العادي.
هذه الأسطورة تبدو غير معقولة البتة من الناحية البديهية عندما نفكر فيه، حيث يعتبر الدماغ من الأعضاء المتعطشة للطاقة، فهو يستخدم ما يقرب من 20% من طاقتنا خلال اليوم، لذلك سيكون من غير الفعال – ومن المستبعد جداً – أن يكون البشر قد طوروا مثل هذا الدماغ الشره للطاقة إذا لم يكونوا بحاجة لاستخدامه بأكمله، فهذا سيكون بكل بساطة مضيعة كبيرة لموارد الطاقة.
٤. الأشخاص البالغين لا يمكنهم تصنيع خلايا دماغية جديدةفي الحقيقة، هذه ليست مجرد أسطورة شعبية، فلفترة طويلة من الزمن، كان معظم العلماء يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأن البشر يتوقفون عن صنع الخلايا الدماغية الجديدة بمجرد وصولهم إلى مرحلة البلوغ، وقد كانوا متعلقين جداً بهذه الفكرة لدرجة أنه عندما وجد الباحث (جوزيف التمان) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أدلة في ستينيات القرن الماضي تشير بأن الفئران البالغة تنتج خلايا دماغية جديدة، لم ينصت إليه الباحثون الآخرون.
ولكن بعد ذلك بدأت الأدلة تتراكم، ففي ثمانينيات القرن الماضي وجد العلماء أدلة على أن الطيور المغردة البالغة تنتج خلايا دماغية جديدة، ومن ثم ظهرت أدلة مماثلة لدى القردة والفئران في تسعينيات القرن الماضي أيضاً.
وأخيراً، في عام 1998، نشر العلماء دراسة تظهر بأن البشر البالغين يمكنهم أيضاً إنتاج خلايا دماغية جديدة، وقد كانوا قادرين على تحديد ذلك عن طريق حقن خلايا مرمزة في أدمغة عدد من المتطوعين المصابين بمرض السرطان، وبعد وفاة هؤلاء المرضى، فحص الباحثون أدمغتهم ليجدوا أدلة دامغة على وجود خلايا دماغية جديدة في تلفيف الحصين، الهيكل الذي يعتبر مفتاح الذاكرة، ومازال العلماء يبحثون عما تقوم هذه الخلايا الجديدة بعمله بالضبط، وكيف يمكن أن تؤثر على عقول الأشخاص.