الوهن العضلي الوخيم :
يعرف الوهن العضلي الوخيم Myasthenia gravis، بأنه اضطراب نادر ومزمن يتسم بالضعف والإرهاق المتسارع للعضلات التي يسيطر عليها الإنسان بشكل إرادي. ويحدث ذلك نتيجة لتعطل عملية التواصل الطبيعية بين الأعصاب والعضلات. ويقع هذا الاضطراب العصبي العضلي ضمن أمراض المناعة الذاتية.
وبالرغم من أنه لم يكتشف إلى الآن علاج شاف من هذا الاضطراب، إلا أن هناك العديد من العلاجات التي من شأنها تحسين ما يسببه من أعراض وعلامات، منها ضعف عضلات الأطراف وصعوبة التنفس.
وعلى الرغم من أن هذا الاضطراب قد يصيب الشخص في أي سن كان ومن كلا الجنسين، إلا أنه يعد أكثر شيوعا بين النساء اللواتي تقل أعمارهن عن ال 40 عاما، وبين الرجال الذين تزيد أعمارهم على ال 60 عاما.
ومن الجدير بالذكر أن المواليد الذين يصابون بهذا الاضطراب غالبا ما يكون مؤقتا لديهم، إذ أن ما لديهم من أعراض عادة ما تزول خلال 2-3 أشهر بعد قدومهم إلى الحياة.
أعراض الوهن العضلي الوخيم
يتزايد الضعف العضلي الذي ينجم عن الاضطراب سوءا. وبما أن هذا الضعف عادة ما يتحسن مع الراحة، فإن حالة العضلات تتقلب وتتغير بشكل مستمر.
وعلى الرغم من أنه قد يصيب أي عضلة يمكن للإنسان التحكم بها إراديا، إلا أن هناك مجموعات عضلية معينة يعد تأثرها به أكثر شيوعا من غيرها. وتتضمن هذه المجموعات ما يلي:
- عضلات العين: فأول عرض أو علامة لهذا الاضطراب تكون متعلقة بهذه العضلات، وذلك لدى ما يزيد على نصف مصابيه. ومن ضمن المشاكل التي قد يسببها هذا المرض لهذه المجموعة من العضلات المشكلتين التاليتين؛ تدلي جفن عين واحدة أو العينين الإثنتين، وازدواجية الرؤية.
- عضلات الوجه والعنق: فأول عرض أو علامة لهذا الاضطراب تكون متعلقة بهذه العضلات، وذلك لدى نحو 15 % من مصابيه. وتتضمن المشاكل التي قد يسببها هذا المرض للمجموعة المذكورة من العضلات ما يلي:
- تغيرات في الصوت: فقد يصبح صوت المصاب أكثر نعومة من ذي قبل أو قد يبدو بأنه خارج من أنفه. وذلك يعتمد على العضلات المصابة.
- الحد من تعبيرات الوجه: فقد يلاحظ أفراد العائلة والأصدقاء أن المصاب قد "فقد ابتسامته" إن تأثرت العضلات التي تسيطر على تعبيرات وجهه.
- صعوبة المضغ: فقد تتوقف قدرة المصاب على البلع أثناء تناول وجبته، خصوصا إن احتوت هذه الوجبة على طعام يصعب مضغه. وتتضمن هذه الأطعمة "الستيك."
- صعوبة البلع: فقد "يشرق" المصاب بسهولة، ما يجعل بلع الطعام والشراب وحتى العقاقير الدوائية يكون صعبا. وفي بعض الأحيان، قد تخرج من أنف المصاب السوائل التي يحاول بلعها.
- عضلات العنق والأطراف: فقد يؤدي هذا الاضطراب إلى ضعف في هذه العضلات. كما وأن ذلك عادة ما يترافق مع ضعف في عضلات مجموعات أخرى، منها عضلات العين والحلق. وتجدر الإشارة إلى أن تأثير هذا الاضطراب يصيب الذراعين أكثر مما يصيب الساقين.
ومن الجدير بالذكر أن أعراض هذا الاضطراب قد تبدأ بشكل مفاجئ. أما عن شدتها، فهي تختلف من مصاب لآخر. فهي قد تكون موضعية لدى البعض، حيث لا تؤثر إلا على عضلات العين. وقد تكون عامة لدى البعد الآخر، حيث تؤثر على العديد من العضلات، منها تلك التي تتحكم بالتنفس، ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس.
أسباب الوهن العضلي الوخيم
تتواصل الأعصاب مع العضلات عبر نواقل عصبية معينة تقوم بإطلاقها لتتناسب، على وجه التحديد، مع المستقبلات الموجودة في الخلايا العضلية. أما لدى مصابي هذا الاضطراب، فإن جهاز المناعة لديهم يقوم بإنتاج أجسام مضادة تعمل على إغلاق أو تدمير العديد من مواقع المستقبلات في العضلات، والتي ترتبط بالناقل العصبي الذي يحمل اسم الأسيتايلكولين acetylcholine.
فمع نقص مواقع المستقبلات في العضلات، فإن الإشارات التي تستقبلها العضلات من الأعصاب تقل، ما يؤدي إلى إصابتها بالضعف.
وتجدر الإشارة إلى أنه يعتقد بأن الغدة الزعترية، والتي تعد جزءا من جهاز المناعة وتقع في الجزء العلوي من الصدر، قد تحث على إنتاج الأجسام المضادة المذكورة أو تحافظ على استمراريته. ويذكر أن الغدة المذكورة تكون كبيرة الحجم لدى الرضع، ويزداد حجمها تدريجيا إلى أن يصل الطفل إلى سن البلوغ، غير أن حجمها يصغر بعد ذلك وتكون صغيرة الحجم لدى البالغين السليمين. لكنها تكون كبيرة الحجم لدى بعض البالغين المصابين بالاضطراب المذكور.
وتتضمن الحالات التي تزيد من الاضطراب المذكور سوءا التعرض للإرهاق أو المرض أو الضغط النفسي أو الحرارة الشديدة، وذلك فضلا عن استخدام أدوية معينة، منها محصرات قنوات الكالسيوم وبعض المضادات الحيوية. لذلك، فعلى المصاب إخبار الطبيب بإصابته بهذا الاضطراب قبل أن يعطيه أي دواء لأي مرض كان.
مضاعفات الوهن العضلي الوخيم
- أزمة الوهن العضلى: وتعد هذه الأزمة مهددة للحياة، حيث تحدث عندما تضعف العضلات التي تسيطر على التنفس لدرجة أنها لا تتمكن من أداء عملها بالوجه الكافي. لذلك، فيجب الحصول على رعاية طبية طارئة تدعم عملية التنفس. .كما وأن هناك أدوية وأساليب علاجية لعلاج هذه الأزمات. ويذكر أن هذه الأزمات غالبا ما تحث على الإصابة بها الالتهابات وارتفاع درجات الحرارة والأعراض الجانبية لبعض الأدوية.
- أورام الغدة الزعترية: ف 17 % من مصابي هذا الاضطراب يصابون بأورام في هذه الغدة، إلا أن معظمها يكون حميدا.
- زيادة أو نقص نشاط عمل الغدة الدرقية.
العلاج
تتعدد الأساليب التي تستخدم في علاج مصابي هذا الاضطراب، منها ما يلي:
- العلاج الدوائي، والذي يتضمن ما يلي:
- مُثَبِّطاتُ الكولينستيريز Cholinesterase inhibitors، التي تتضمن الباريدوستيجماين، والذي يحمل الاسم التجاري ميستينون. وتعمل هذه الأدوية على زيادة التواصل بين الأعصاب والعضلات. وعلى الرغم من أن هذه الأدوية لا تشفي السبب المستبطن لهذا الاضطراب، إلا أنها تساعد على تحسين قوة العضلات.
- الستيرويدات القشرية. وتعمل هذه الأدوية على تثبيط جهاز المناعة، ما يقلل من إنتاج الأجسام المضادة.
- مثبطات المناعة. وتتضمن السايكلوسبورين، المعروف تجاريا بالسانديميون. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة الدوائية والمجموعة التي قبلها، أي الستيرويدات القشرية، تسببان أعراضا جانبية قد تكون شديدة، خصوصا إن استخدما لمدة طويلة، حيث أنه يجعل الجسم عرضة للإصابة بالأمراض.
- فصادة البلازما plasmapheresis
وهي إجراء طبي يتم من خلاله إزالة الأجسام المضادة، والتي تمنع انتقال الإشارات من الأعصاب إلى أماكن المستقبلات في العضلات، من الدم.
-الغلوبيولين المناعي الوريدي: حيث يمد جسم المصاب بأجسام مضادة طبيعية.
- الجراحة: فإن كان لدى المصاب ورم في الغدة الزعترية، عندها يجب إزالة الغدة بأكملها. وتجدر الإشارة إلى أنه ما يزال من غير المعروف ما إن كانت إزالة الغدة من دون وجود ورم لدى مصابي هذا الاضطراب تعد مفيدة لهم أم لا كون هذه الغدة متعلقة بجهاز المناعة. لذلك، فعلى الطبيب المعالج مقارنة أضرار هذه العملية بفوائدها قبل الشروع بإجرائها.
نصائح للمصاب
- حاول أن يكون وقت تناولك للطعام هو الوقت للذي تشعر خلاله بقوة في عضلاتك. كما وحاول أن تقوم بأهم نشاطاتك أو بتلك التي تحتاج للكثير من الجهد في الأوقات التي تكون عضلاتك قوية أثناءها تحت تأثير دوائك.
- تناول طعامك ببطء. واسترح بين كل لقمة وأخرى.
- تناول وجبات صغيرة في أوقات متكررة بدلا من الوجبات الكبيرة.
- تناول الأطعمة اللينة بدلا من الصلبة أو تلك التي تحتاج إلى الكثير من المضغ.