على طريقة المخابرات الأميركية.. دليلك إلى فن "الغباء الهادف"
هل كنت تعلم أن الاستخبارات المركزية الأميركية أعدت في القرن الماضي كتاب تعليمات حول "الغباء المنظم"؟ لكن السبب الذي دفعها إلى ذلك أذكى بكثير من عنوان الكتاب ويؤدي لدمار أمم بأكملها عبر تنفيذ تكتيكات وسياسات في الشركات والمعامل والمصانع وحتى خدمة العملاء، إذ يطرح هذا النوع من "التعليمات" سؤالاً لطالما فرض نفسه، متى نتبع القوانين بحذافيرها ومتى نتجاهلها؟
يجد الكثير من القراء صعوبة في تصديق وجود كتيب تعليمات تحت عنوان "الدليل الميداني للتخريب البسيط"، وقد يفترض البعض أنه فصل جديدة في نظرية المؤامرة، لكن الوثيقة السرية صنيعة أسلاف المخابرات المركزية عام 1944، ووزعت على العملاء الموجودين خلف خطوط العدو في الحرب العالمية الثانية في 32 صفحة.
وقد أتيحت الوثيقة للجمهور في 2008، وتجري إعادة اكتشافها عبر الإنترنت كل عام أو عامين، وهذا رابطها على الموقع الرسمي لـCIA، فيما نقلت صحيفة The Guardianالبريطانية بعض المعلومات الأساسية بشأنه في هذا التقرير.
دليلك للغباء المنظم
يقدم الدليل توجيهات لفن "الغباء الهادف"، وطرقاً يسيرة لمساعدة مواطني أوروبا المحتلة على خفض الروح المعنوية وإثارة الفوضى في أماكن عملهم، ومن ثم المساعدة في إسقاط دول المحور.
وعن الدليل، ينصح أحد الأقسام مديري المؤسسات والمنظمات بقوله: "صمم على فعل كل شيء عبر (قنوات)، لا تسمح بالطرق المختصرة للإسراع في الوصول إلى قرار، وحين يكون ذلك ممكناً، أحِل القضايا إلى لجان (للمزيد من الفحص والتدقيق)، واعمل على أن تكون اللجنة كبيرة، أي لا تقل عن 5 أفراد".
ومن النصائح الأخرى مثلاً: "اخطئ في حفظ الملفات، وأعطِ أرقاماً تليفونية خاطئة، وتفاوض بشأن صياغة الملفات، وإن كان هناك عمل حقيقي ينبغي القيام به، فاعقد اجتماعاً".
قد تبدو للوهلة الأولى هذه النصائح مذهلة وخارجة من مخطط شرير لتدمير النظم المؤسساتية في دولة ما، لكنها بطبيعة الحال سياسات يعتمدها الموظفون لاشعورياً بين الفينة والأخرى.
فعلى سبيل المثال، قد يلجأ موظف لتكتيك كلاسيكي لكسب المزيد من الوقت في مشروع تأخر تسليمه، كأن يوجه سؤالاً تفصيلياً يخص المشروع للمدير علماً بأنه قد لا يرد إلا بعد أيام.
أما الأمر الهام الذي يشير إليه روبرت غالفورد والمؤلفون المشاركون في كتابهم "التخريب البسيط" المنشور في 2015، فهو التشابه بين نصائح التسبب بالفوضى وبين الطاعة المطلقة والعمياء، كالالتزام الحرفي بالتعليمات، والقلق حول الدقة المطلقة والاهتمام بكل التفاصيل.
ولعل أكثر وظيفة تجسد هذه الحالة هي خدمة العملاء، فرغم أن العاملين فيها قد يزعجون الزبائن بعدم مرونتهم، لكن المشكلة الفعلية هي عملهم ضمن هيكل تنظيمي لا يسمح لهم بالتصرف الذاتي.
فيما يرى غالفورد أنه لو أعيدت كتابة هذا الدليل اليوم لأضيفت إليه حيلة إرسال البريد الإلكتروني للجميع في نفس الوقت، فنسخ المعلومات لجميع من في المكتب عبر خاصية الـCC، تعني أن يسترخي صاحب البريد بينما يدلي 100 شخص بآرائهم في موضوع لا يخصهم!
تأملات إدارية من وحي "الغباء" و"التخريب"
يظن المديرون عادة أن مفتاح التحسين هو المزيد من الإجراءات والتدابير الواضحة والمحددة، لكن حين تشجع فلسفة الإدارة عندك على السلوك الذي آمنت أجهزة الاستخبارات الأميركية بأنه قادر على التسبب في انهيار الأمم، فربما يكون آن وقت إعادة النظر.
وهو ما قد ينتج عن عدم اتباع القواعد نتائج سلبية، وعلى الجانب الآخر يمكن لاتباعها أن يفضي إلى نتائج كارثية، وعندها تكون إجابة السؤال المطروح أعلاه واضحة وبلا جدال.
هل كنت تعلم أن الاستخبارات المركزية الأميركية أعدت في القرن الماضي كتاب تعليمات حول "الغباء المنظم"؟ لكن السبب الذي دفعها إلى ذلك أذكى بكثير من عنوان الكتاب ويؤدي لدمار أمم بأكملها عبر تنفيذ تكتيكات وسياسات في الشركات والمعامل والمصانع وحتى خدمة العملاء، إذ يطرح هذا النوع من "التعليمات" سؤالاً لطالما فرض نفسه، متى نتبع القوانين بحذافيرها ومتى نتجاهلها؟
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.