خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان و بثّ فيه من رّوحه ، فجعله في أحسن صورةٍ و تقويمٍ ، و فضّله على كثيرٍ من خلقه و كرّمه تكريما ، فالرّوح سرّ الله في خلقه لا يعلمها إلّا هو سبحانه ، فعندما جاء اليهود يسألون رسول الله أسئلةً كان من ضمنها سؤالهم عن الرّوح فنزل الوحي بأنّ الرّوح من أمر الله و ما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً . و الرّوح أمانةً بيد الإنسان منحها الله سبحانه لعباده منّة و تفضيلاً ، فعندما تحمل المرأة مولوداً في بطنها تُنفخ الرّوح فيه بعد أربعة أشهرٍ باتفاق علماء الأمّة فلا يصحّ بعدها إجهاض الجنين بأيّ صورةٍ من الصور ، فهي روحٌ من عند الله قد أودعها الله هذا المكان المظلم في بطن المرأة فرعاها و تعاهدها بالحفظ و الرّحمة ، و إنّ جميع مراحل الإنسان منذ ولادته إلى بلوغه و نشأته و اشتداد عوده ثمّ عندما يصير كهلاً تمرّ برعاية الله و حفظه ، فروح الإنسان يكلؤها الله سبحانه بالليل و النّهار فوجب شكر الله على ذلك بعبادته و حده لا شريك له و عمل الطّاعات و اجتناب المحرمات من القول و الفعل ، و المسلم لا يقنط أو ييأس من رّوح الله فإذا أصابته ضرّاء أو مصيبةٌ صبر و استرجع الله سبحانه ، أمّا الضّال و الكافر قد يحمله اليأس إلى التّخلص من روحه و قتلها فينتحر و ينال غضب الرّحمن و سخطه فيدخل النّار ، فالرّوح أمانةٌ من عند الله و لا يملك الإنسان حرية تحديد زمانها ، فكما لا يملك الإنسان أن يحدّد بداية خلقها فلا يملك تحديد نهايتها . و قد جعل الله الأرواح تتعارف و تختلف فيما بينها ، فلكلّ روح طبيعةً و خصالاً ، فما تعارف من الأرواح ائتلف و ما تناكر منها اختلف ، و لا ريب أنّ الارواح تتميّز في الدّنيا و الآخرة فما يجري على روح المؤمن التّقي من الثّواب و الجزاء يختلف عمّا يجري على روح الكافر و الضّال من العذاب و الوعيد ، فروح المؤمن تخرج من جسده بسهولة عند موته لتعود إليه عندما يوضع في قبره ، أما روح الكافر فتخرج بعناءٍ و صعوبةٍ ، أمّا أرواح الشّهداء فهي الأرواح الطّاهرة التي يجعلها الله في حواصل طيرٍ خضرٍ تسرح و تمرح في الجنّة حيث تشاء.
منقول