بعد الفراق لا تنتظر بزوغ القمر لتشكوا له ألم البُعاد؛ لأنّه سيغيب ليرمي ما حمله، ويعود لنا قمراً جديداً، ولا تقف أمام البحر لتهيج أمواجه، وتزيد على مائه من دموعك؛ لأنّه سيرمي بهمّك في قاع ليس له قرار، ويعود لنا بحراً هادئاً من جديد، وهذه هي سنّة الكون، يوم يحملك ويوم تحمله.
إذا اكتشفت أنّ كل الأبواب مغلقةٌ، وأنّ الرّجاء لا أمل فيه، وأنّ من أحببت يوماً أغلق مفاتيح قلبه، وألقاها في سراديب النّسيان، هنا فقط أقول لك أنّ كرامتك أهمّ كثيراً من قلبك الجّريح، حتّى وإن غطّت دماؤه سماء هذا الكون الفسيح فلن يفيدك أن تنادي حبيباً لا يسمعك، وأن تسكن بيتاً لم يعد يعرفك أحدٌ فيه، وأن تعيش على ذكرى إنسان فرّط فيك بلا سبب، في الحبّ لا تفرّط فيمن يشتريك، ولا تشتري من باعك ولا تحزن عليه.
يتسللون داخلنا ويمتلكون قلوبنا، فنتنفس بهم ونرى بأعينهم، وننبض بقلوبهم، ونشعر بأجسادهم، ونتكلّم بحروفهم، ودون أن ندري يصبحون لنا الحياة، ونكتشف أنّنا لهم مجرّد أداة لإسعاد قلوبهم !
لا سلطة لنا على قلوبنا، هي تنبض لمن أرادت، ومتى أرادت، وكيف ما أرادت، بعضهم ينبض القلب له،وبعضهم ينبض القلب به، وبعضهم هم نبض القلوب.
هل كان قلبي قاسياً ليكون هذا الهجر قدري، أم أنّي مظلوم في بحر الحبّ وحدي.
أيجب أن أموت في غيابك اختناقاً، لتدرك أنّك هوائي الّذي أتنفّسه!
أجبرتني دموعي أن أكتب أجبرتني همومي أن أبكي ويجبرني قلبي أن أفكر ويجبرني التّفكير أن أتألم ويجبرني التّألم أن أنزف ويجبرني النّزف أن أموت ويجبرني الموت أن أتحسّر ولكن اسأل نفسي لمن أبكي؟ وكيف أبكي؟ ولماذا أجعل دموعي رخيصةً لكي تذرف هنا وهناك؟ وتتكاثر الأسئلة والإجابات حائرة تكثر الآهات وتزداد التنهيدات ولكن لمن يا ترى؟ لا أدري ولا أعلم لمن! آلمتني يا زماني أبعدتني عن أحبابي أعزّ الأصدقاء صدموني تختنق عبراتي تزداد آلامي تذرف دموعي تنوح مواجعي ولكن!