بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي محمد الامين وعلى اله الهداة الميامين


هذه وقفات مع آيات القران الحكيم التي تدعونا ان نغير انفسنا وحالنا لحال افضل واكمل ، كما نعرف من خلالها مضامين القران التربوية والروحية ، وهذه تدبرات وتأملات اضعها بين ايديكم احبتي واخوتي الكرام رواد منتدى الكفيل ، واهدي ثواب كتابتها لكل مؤمن وقارئ لكتاب الله متأملاً عظيم ارشاداته ، كما اني اكتبها هنا بداعي التعلم والتربية فاعلم نفسي بهذه التعالم الالهية واربيها بهذه النوادر النفيسة.

هيا بنا نتغير مع اول آية من كتاب الله .

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11]

الخلاصة: ( التغير هو التمسك بالحق والانتقال من المعصية وهجر الله الى عز الطاعة والنعيم بقرب المولى الاوحد الفرد الصمد ، فكل تغير يحصل في حياتنا مرجعه نحن ، فان كان شراً كتبدل النعمة الى نقمة فهو من شرور انفسنا)
ما معنى التغير الذي يريده القران الكريم ؟
يريد من كل واحد منا ان يضع نفسه في المقام الرفيع ، وهذه ليست مثالية خيالية يجبرنا القران عليها ، انما وراء هذا الدعوة واقع حقيقي ، وُجِدَ الانسان لاجله ، كل شيء في هذه الحياة اذا تأملته يدعوكَ الى الله ، ولم تُحل مشاكل البشر بابتعادهم عن الله ، وعن شرعه ، حتى اولئك الذين يدعون معرفة الله ، يعرفون بالاختبار والمواقف ، فالتغيير الذي اراده كتاب الله لا يعني تجديد القول او الفكر فقط ، بل القرب منه والتمسك به ، وفلسفة الحياة الحقيقة قائمة على الارتباط بالمقدس الاعظم ، كارتباط الطفل بوالديه فانه يراهما مصدر كل عطاء وخير وفيض ، من لم يتغير عن واقع المعصية الى واقع التوبة والقرب لا يُسمى متغييراً حقيقياً.


التغير يعني الهروب من دنيا المعاصي الى دنيا التزود والانطلاق مع نحو كسب الخير والاحسان ، وصور ذلك كثيرة جداً.
الانسان المتغير قرانياً هو ذلك الفرد الذي يَنعم بالقرب والخير والاطمئنان ، فالانسان مشدود لله بالفطرة السليمة ،

والتغير هنا يعني رجوع الانسان الى فطرته الاصلية والثبات عليها ومنها يكون الانطلاق بالمعارف والحقائق.



لنتأمل في هذه الرواية المباركة ، سأل رجل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : " قالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم . . . الآية " فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر
بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عز وجل وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله فغير الله ما بهم من نعمة . وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فأرسل الله عليهم سيل العرم فغرق قراهم وخرب ديارهم وأذهب أموالهم ، وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل ، وشئ من سدر قليل ، ثم قال : " ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
الكافي: ج2 ، ص274.