الفينيق ،
لطالما رسمنا في اعماق طفولتنا الخصبة خطوطا تشكل اسطورة الفينيق التي طالما سمعنا عنه في حكايا شاهدنا احداثها في خيالاتنا ، لنرى طائرا غريب الشكل ليس له مثيلٌ يحلق ، تسائلنا ما هو ، فتأتي الإجابة انه طائر الفينيق أو العنقاء .
صور الفينيق في الحكايا بالجمال والقوة ، ولحظة موته يحترق ذاتياً ليتحول إلى رماد ، ليتحول الرماد الى فينيق جديد . أطلق اليونانيون القدماء على العنقاء أو الفينيق اسم (فينكس) ، وتعني نوعا من (النخيل) ، وسبب تسمية الطائر الأسطوري بهذا الإسم يعود وكما ورد في بعض الروايات اليونانيّة ، الى مدينةٍ في اليونان ، وانتقل الأسم منهم الى المصريين القدماء . العنقاء وكما ورد في (لسان العرب) ، طائر ضخم ، ليس عُقاب ،وسمي بهذا الإسم لوجود بياض يحيط بعنقها كالطوق . وقال الدوسي (كراع النمل) :بأنّ العقاب طائر يكون عند (مغرب الشمس) . وقال أبو اسحق الزجاج بأن العنقاء طائرٌ لم يره أحد . تناقل العرب كثيرأ من الحكايا الغريبة عن العنقاء ، وكان بعضها ما يصب في خانة الأسطورة والحكايا الخياليّة ، ومنهم من يؤكد وجودها في عصورٍ غابرة ،ولكن لشراستها شكاها الناس لنبيٍ لهم ، فدعا النبي عليها ، فسلط الله عليها آفةً هلكت من بعدها . ذكرت الأساطير ، على لسان المؤرخ (هيرودوت) ، بأن الفينيق يولد من جديد كلَّ ألفِ عام ، فيعمل على ترك موطنه متجهاً صوب فينيق ، وبعد وصوله يعمل على اختيار نخلةٍ شاهقة العلو ، تصل قمتها للسماء ، فيقوم ببناء عشه هناك ، ومن ثم يموت حرقاً في النار ، وبعد أن يتحول الفينيق لرماد ، يخرج من هذا الرماد مخلوقٌ جديد ، يكون هذا المخلوق على شكل دودةٍ لبنيةِ اللون ، فتتحول الى شرنقة ، وتخرج من الشرنقة عنقاء جديدة تخرج للحياة وتحلق في سمائها ، وتقفل عائدة الى موطنها من جديد ، حاملةً معها بقايا جسدها القديم الى "مذبح الشمس" في (هليوبوليس) بمصر ، ويقوم الشعب المصري بتحيته قبل أن يعود لبلده في الشرق . بعض الروايات ذكرت بأن موطن العنقاء في الشرق ، يقع في الجزيرة العربيّة ، وتحديداً في بلاد اليمن ، وبقدر عمر الفينيق بـ 500 عام ، يبقى طوال حياته سعيداً حتى تأتي لحظة التجديد ، ليغادر الى مصر ، حيث ينتصب في هيكل "رع" رافعاً جناحيه إلى أعلى ، ليبدأ التصفيق بهما بكل حدة ، وما هي إلا لحظات حتى تشتعل النار محولةً إياه إلى رماد ، وتولد الحياة من جديد من رماد الفينيق . ذكرت العنقاء كثيراً في الأدب والأشعار ، ومن أشهرها : " أيقنت بأن المستحيل ثلاثةٌ :الغول و العنقاء و الخل الوفي " .