كلّ ما أودعه الله في هذا الكون هو من الأسرار التي يُحاول الإنسان دوماً أن يسبر أغوارها ويتوصّل إلى إدراك كنهها، والتفكّر في هذا الكون الشاسع المليء بدلائل القدرة والحكمة يعني أنَّ ورائه صانعاً وخالقاً عظيم القدرة جلّ جلاله، ومن أعجب ما يُحيط بنا في هذا الكون هو عالم النجوم التي نرى الشمس جزءاً يسير منها، والشمس هذهِ الطاقة الحرارية الهائلة هي من النجوم الصغيرة، وليست من النجوم الكبيرة أو العملاقة، ومع ذلك فهي تبدو لنا بهذا الحجم؛ لأنّها أقرب النجوم إلينا، وقد أحكم الله سُبحانهُ وتعالى قانونها؛ فهي تُعطينا الحرارة التي تبعث على الدفء، ولو اقتربت أكثر لاحترقنا، ولو ابتعدت لتجمّدت الحياة على كوكب الأرض، ومن أغرب النجوم التي ما زالت سرّاً من أسرار عالم الفلك هي الثقوب السوداء، فما هيَ الثقوب السوداء؟ الثقوب السوداء جميع ما في هذا الكون من إنسانٍ وحيوان وجماد وكواكب وأفلاك لهُ أجل وعُمر مُحدّد، وبالتالي فإنَّ دورة الحياة في هذا الكون هيَ سُنّةٌ كونيّة، ومن الدورات الكونيّة ودورات الحياة ما يتعلّق بالنجوم؛ فالنجم له ولادة ولهُ وقتٌ يموت فيه، وبين البداية والنهاية له قصّة، ومن إحدى أطوار النجم هو الثقب الأسود فالنجم حين يبدأ بالانهيار ينكفئ على نفسه؛ بحيث تتشكّل أجرامٌ سماويّة جديدة لها كُتل عالية بأحجام صغيرة نسبيّاً وفي ظروف حراريّة عالية جدا، وفي هذا التخليق والانكفاء من النجم على نفسه يتحوّل إلى ثُقب أسود يتميّز بالكثافة العالية، وهذهِ الكثافة العالية جدّاً التي يمتلكها الثُقب الأسود تجعل منهُ جُرماً سماويّاً ذا جاذبيّة شديدة، فأيّ كُتلة تمرّ بجانبه يقوم بجذبها نحو مركزهِ وابتلاعها إذا جازَ التعبير، ومن شدّة الجاذبيّة لهذا الثقب الأسود والتي توصف بأنها جاذبيّة لا نهائيّة تقوم بجذب الضوء، فلا شيء يفلت من قبضة جاذبيّة الثقب الأسود. وقد أُثيرت سابقاً مسألة أنَّ الضوء يسير بخطوطٍ مُستقيمة، ثُمّ طفحت على السطح انحناء الضوء بفعل الجاذبيّة والتي قال فيها العالم الفرنسي لابلاس وهو رياضيّ وفلكيّ بأنّ هُناك سلوكٌ للضوء من الممكن أن يسلكه بشكلٍ غير مستقيم، ومن الممكن أيضاً أن يختفي هذا الضوء إذا ما تمّت مُصادرته من قِبل حقلٍ ذي جاذبيّة شديدة، وكانت هذهِ النظريّة على وضعها حتّى جاء آينشتاين بنظريّته النسبيّة العامّة التي أكّد من خلال مُعادلاتها الرياضيّة بأن الضوء ينحرف بفعل الجاذبيّة، وهو ما يُدعى بتقوّس الضوء، وعلاقة هذا الأمر بالثقب الأسود هو أنّ الضوء عندما يبتلعه الثقب لا شكَّ أنّ ظلاماً سيحدث ويكون عندها مُظلماً أسوداً. وقد ورَدَت في القُرآن الكريم إشاراتٌ قُرآنيّة إلى الثُقب الأسود، وهذا من إعجاز القُرآن؛ حيث يقول الله تعالى: ( فلا أقسم بالخُنّس الجَوَارِ الكُنَّس )، والخُنّس تعني بأنها مُختفية لا تظهر لنا، والجوارِ أي من صفتها الجريان والدوران المُستمرّ وهو من خصائص هذا الجسم السماويّ، وكلمة الكُنَّس تعني التي تقوم بالكنس، وهو الكسح وإذهاب ما في الطريق، وتقوم هذهِ الأجرام السماويّة بكنس كُل ما يدور ويمرّ من أمامها، وقد أعجبني وصفٌ لأحد العلماء بقوله: (أفضل ما يُمكن وصف الثُقب الأسود بهِ هو أنّه أشبه ما يكون بالمُكنسة الكهربائية
منقول