التخاطر.. يتواصلون معهم بلا الحواس!
أحياناً تطالعنا أمور لا نجد الى تفسيرها سبيلاً، نفكر بشيء يتعلق بشخص ما لنجد ان ما فكّرنا به استحال واقعاً ملموساً من دون طلب أو بوح بالأفكار. نستغرب حيناً، نفرح أحياناً، لكن غالباً ما يتلاشى الموضوع في ذبذبات الأثير التي ربما كانت السبب في حصوله. تُعرف تلك الظاهرة بالتخاطر (Telepathy)، وبعضنا يرغب في التركيز عليه وتنميته، فيما يضعها بعضنا الآخر في باب المصادفات… وفي وقت يبقى البحث فيه مقصوراً على علم الماورائيات، فماذا يقول فيه؟
قد تكون الأعوام الطويلة التي جمعتهما أدّت الى تماسك علاقتهما وتقوية الروابط العقليّة بينهما، أو ربما ببساطة مشاعرهما القوية هي التي جعلت أفكارهما تتطابق وأحاسيسهما تُترجم بلغة خاصة مشتركة لا يفكّ رموزها غيرهما. اتفاق فكري
لا يقتصر التخاطر على الأهل والأقارب والأحباء فحسب، فقد يشمل أشخاصاً لا يمتّون الى بعضهم البعض بصلة الدم أو القربى. كثيراً ما يحدث أن يفكّر أحدهم بشخص يعرفه ليجده يتصل به، أو يتوقع قدومه ليصل بغتة، وقد تذهب الأمور أبعد من ذلك.
كيف يحصل التخاطر؟
لو وضعنا التخاطر تحت مجهر العلم، لوجدنا أن التفسير العلمي لتلك الظاهرة يقتصر حتى اليوم على انتقال المعلومات عبر طاقة مجهولة. وإذا ما أردنا تفسيره من ناحية علم الماورائيات كونه من أمور الغيب، يشرح لنا الاختصاصي في البارابسيكولوجيا عدنان جبّور، أن القدرة على نقل المعلومات من أفكار وصور بين عقل وآخر من دون الاستعانة بالحواس الخمس. “التخاطر هو استقبال للطاقة الصادرة عن عقل شخص ما وتحليلها في عقل المستقبل”. لكن ما مصدر تلك الطاقة ومنبعها؟ رغم التقدم الطبي والتكنولوجي والتقني، إلا أن جبّور يرى أن أجزاء كبيرة من المخ البشري ما زالت غامضة تماماً، “فالجسم الصنوبري والفص الأمامي من المخ لم يتوصل العلماء لمعرفة وظيفتهما على وجه التحديد بعد، لكن علم البارابسيكولوجيا يقول إن الغدة الصنوبريّة في جسم الإنسان تمثّل جهاز إرسال الافكار واستقبالها، ولكن هل يتم الإرسال والاستقبال عبر موجات كهرومغناطيسيّة تحمل الصوت والصورة؟ هذا التفسير تمّ رفضه بسبب ضعف القوة الكهربائية للعقل البشري التي لا تكفي لإرسال الطاقة العقلية الى مسافات طويلة. لهذا اتجه التفكير نحو الحقل المغناطيسي المحيط بالكائن الحي المعروف بالهالة الأثيرية، وهو حقل لا يوجد خلاف على وجوده علمياً بعد التأكد منه وتصويره بعدد من الأجهزة الدقيقة الحساسة وتفسيره بقوانين الفيزياء الطبيعية المعروفة.
ما علاقة الهالة الأثيرية بالتخاطر؟
عندما يريد أحدهم إرسال فكرة معينة للآخر، فإنه يحرك جزءاً من طاقة هالته ويخرجها من تياره العصبي وينشرها في الأثير، فتحدث ذبذبات وتموّجات خاصة تنطلق في الفضاء الخارجي بسرعة ستين ألف كيلومتر في الساعة ويلتقطها المتلقي من خلال هالته هو الآخر. وأهم ما يميّز طاقة الهالة هو كونها خارجة عن نطاق الحواس الخمس المعروفة، ويتم الاستنتاج تالياً أن هذه القوة هي قوة فكرية بالدرجة الأولى.
هل يحصل التخاطر مع جميع الناس؟
ترى البارابسيكولوجيا أن الموجات المنطلقة من المرسل يتم استقبالها لدى الاشخاص الذين تكون موجات دماغهم متوافقة مع موجات دماغ المرسل. ويشرح جبّور “أن الأشخاص الذين تكون أرواحهم وأفكارهم على توافق كامل مهما كبرت المسافات يحصل بينهم توارد وتزامن في الأفكار، و يحدث عموماً التخاطر بين المتحابين والأصدقاء المقربين، وبين الأم وأولادها وبين التوائم في شكل لافت، وبين من تربطهم علاقات عميقة ومتينة. وقد تمكن العلماء من تصوير الموجات التي تنقل الأفكار بين شخصين بعيدين في حالة حب من خلال كاميرا خاصة، فأظهرت الصور أن هالتي الشخصين المتحابين تتداخلان حتى تبدوان هالة واحدة
كيف ننمّي التخاطر؟
التخاطر الذي يتطلّب تركيزاً عالياً وصفاءً ذهنياً كي يتمكن المرء من إرسال رسائل فكرية الى الآخرين. يمكن تنمية تلك القدرات عبر تمارين ذهنية وفكرية وتنفسية تبعث على الاسترخاء في أجواء هادئة ملائمة، والتركيز فيها هو كلمة السر التي يجب أن يتقن الشخص أصولها كي يبرع في توجيه الرسائل. في المقابل، على المتلقي ان يكون على درجة معينة من الارتباط العاطفي او الروحي مع المرسل لضمان نجاح الإرسال والاستقبال.
بين التخاطر والحاسة السادسة
لا بد من أن كلاً منا قد خبر ظواهر غريبة مرة على الأقل في حياته، كأن يفكّر في شخص ما فيتصل به، أو يرغب في رؤية أحدهم فيزوره، وفيما يراها بعضهم مجرّد صدفة، يُدرج متخصصون تلك الظواهر تحت اسم “التخاطر”. والبعض منا يطلق عليه جزافاً اسم الحاسة السادسة، فكيف يتم تمييز الاثنين؟ في شرح للمعالج النفسي طوني ملكي، “يُعدّ التخاطر نوعاً من أنواع الحاسة السادسة أو الإدراك فوق الحسي، لكن للحاسة السادسة مظاهر أخرى تتمثل في المعرفة المسبقة. وأحياناً يتم الخلط بين الحاسة السادسة والتخاطر، لكن الأولى تعرف بأنها إحساس فطري لاإرادي لم يفسر في شكل علمي دقيق بعد، يمكّن صاحبه من توقع أمور قد تحصل في وقت لاحق، وعدد من الناس يمتلكون هذه الحاسة لكن بدرجات متفاوتة. أما التخاطر فهو عبارة عن نوع من الاتصال العقلي عند البشر بطريقة غير مادية وغير ملموسة بين شخصين، بحيث يستقبل كل منهما رسالة الآخر العقلية في الوقت نفسه الذي يرسلها إليه الآخر مهما كانت المسافات بينهما شاسعة.