جميعنا يعرف مبدأ المتعة، إنه ببساطة تجنب الألم والبحث عن التجارب الممتعة، وهذا ما يجعلك تقرأ التغريدات على التويتر عندما يكون من الواجب علينا العمل، أو مشاهدة التلفاز بدلاً من غسل الأطباق، أو تجاهل الملفوفة التي كان من المفترض أن يتم طهيها لتناول العشاء وطلب البيتزا بدلاً من ذلك، هذا هو مبدأ المتعة في العمل، ولكن بالرغم من ذلك، فعادة ما نستطيع التغلب على هذه الدوافع من أجل القيادم بأداء مهمة مملة ومزعجة جداً، ولكن كيف؟
في كثير من الأحيان قد لا يبدو الأمر ممكناً، ولكن من أجل معرفة الكيفية التي نستطيع من خلالها التغلب على رغباتنا والقيام بأعمال مملة، ابتكر الباحثون في جامعة هارفارد تجربة، حيث قاموا بابتكار تطبيق يسمح لهم بتتبع أنشطة ومزاجية حوالي 28,000متطوع أثناء حياتهم اليومية.
تم نشر التطبيق واستخدامه لمدة وصل متوسطها إلى 27 يوماً، وخلال تلك الفترة، كان يتم إعطاء المشاركين تنبيهات في أوقات عشوائية طوال اليوم لملء استبيان يطلب منهم تقييم معدل مزاجهم الحالي على سلم من 1إلى100، وتقديم تقرير حول ما كانوا يفعلونه قبل أن تقاطعهم هواتفهم، وكان المشاركون يقومون بالإجابة على الأسئلة من خلال الانتقاء من قائمة من الأنشطة، أو قائمات منسدلة متعددة الخيارات إذا لزم الأمر، وقد شملت قائمة الأنشطة أشياء مثل التأمل / الصلاة، التسوق، القيام بالأعمال المنزلية، مشاهدة التلفزيون، ممارسة الرياضة، وأشياء أخرى كثيرة، وتم اعداد النتائج لتحديد المشاركين الذين أجابوا على استبيانين متتاليين أو أكثر ضمن فترة لا تتجاوز الـ 12 ساعة.
بيّنت نتائج البحث أن الأشخاص كانوا يقومون باختيار النشاطات تبعاً للكيفية التي يشعرون بها في تلك اللحظة، فتبعاً للدارسة كان المشاركون يسعون وراء الأنشطة المحسّنة للمزاج عندما كانوا يشعرون بالضيق، ويقومون بتأدية الأنشطة المملة والمتعبة عندما كانوا يشعرون بأنهم في حالة جيدة، وهذا يعني أننا عندما نشعر بأننا في حالة مزاجية سيئة، فإننا نقوم بممارسة الرياضة أو القيام بغيرها من الأمور التي ترفع معنوياتنا، وعندما نشعر بأننا في حالة جيدة، فإننا لا نمانع بالقيام بالأعمال المنزلية، أو الوقوف في الطابور في مكتب البريد، على سبيل المثال.
قد تكون هذه الآلية ضرورية لبقائنا، وبدونها قد لا نقوم بفعل أي شيء سوى تلك الأشياء التي نحبها، وتأجيل المهام الأساسية والمزعجة إلى الأبد، لذلك فإن ما يمكن استنتاجه من ذلك هو أنه إذا كنت تشعر بالتفاؤل، فقد يكون هذا هو الوقت المناسب لتقوم بالمهام غير الممتعة، وإذا تركت تلك الأمور إلى وقت لاحق، فقد لا يكون لديك القدرة على تحمل القيام بها على المستوى العاطفي.
بحسب التقرير الصادر عن العلماء، فإن هذه النتائج توضّح الكيفية التي ترسم بها المشاعر سلوكنا، ويمكن أن تفسّر الكيفية التي يمكن للبشر من خلالها التخلي عن السعادة المؤقتة من أجل الحصول على الفوائد الطويلة الأجل، والتغلب على هذه المبادلات قد يكون أمراً يؤثر على رفاهنا الشخصي وبقائنا كبشر.
سنترككم مع معلومة أخرى من هذه الدراسة تتعلق باختيار ما يجب القيام به بوقتكم، فتبعاً للبحث، يعيش الأشخاص في المتوسط حول 600,000 ساعة، والكيفية التي نقرر فيها قضاء القسم الأكبر من تلك الساعات، سواءً في العمل أو النوم أو التواصل الاجتماعي، أو مشاهدة التلفزيون، قد يكون لها عواقب حاسمة بالنسبة لصحتنا العقلية والبدنية.
فكر في ذلك في المرة القادمة التي تفتح فيها صفحة التويتر، أو تشاهد فيها جهاز التلفزيون.